والنفس كننت الشيء وأكننته في الكن وفي النفس بمعنى وفرق قوم بينهما فقالوا : كننت في الكن وإن لم يكن مستوراً وأكننت في النفس والباب يدل على ستر أو جنون انتهى ﴿وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ من الأقوال والأفعال التي من جملتها ما حكي عنهم من استعجال العذاب وفيه إيذان بأن لهم قبائح غير ما يظهرونه وأنه تعالى يجازيهم على الكل (والاعلان : آشكارا كردن).
قال الجنيد قدس سره : ما تكن صدورهم من محبته وما يعلنون من خدمته.
﴿وَمَا مِنْ غَآاـاِبَةٍ فِى السَّمَآءِ وَالارْضِ إِلا فِى كِتَـابٍ مُّبِينٍ﴾ (وهي نيست وشيده در آسمان وزمين مكر نوشته در كتابي بروشن يعني لوح مفوظ وباوعلم حق محيط) والغائبة من الصفات التي تدل على الشدة والغلبة والتاء للمبالغة كأنه قال : وما من شيء شديد الغيبوبة والخفاء إلا وقد علمه الله تعالى وأحاط به فالغيب والشهادة بالنسبة إلى علمه تعالى وشهوده على السواء كما قال في بحر الحقائق هذا يدل على أنه ما غاب عن علمه شيء من المغيبات الموجود منها والمعدوم واستوى في علمه وجودها وعدمها على ما هي به بعد إيجادها فلا تغير في علمه تعالى عند تغيرها بالإيجاد فيتغير المعلوم ولا يتغير العلم بجميع حالاته على ما هو به انتهى فعلى الإنسان ترك النسيان والعصيان فإن الله تعالى مطلع عليه وعلى أفعاله وإن اجتهد في الإخفاء.
قال الشيخ سعدي في "البستان".
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٦٧
يكى متفق بود برمنكري
كذر كرد بروينكو محضري
نشست از خجالت عرق كرده روى
كه إيا خجيل كشتم از شيخ كوى
شنيد اينسخن شيخ روشن روان
بروبر بشوريد وكفت أي جوان
نيايد همي شرمت از خويشتن
كه حق حاضر وشرم داري زمن
نان شرم دار از خداون خويش
كه شرمت زبيكانكانست وخويش
نياسايى از جانب هي كس
بروجانب حق نك دار وبس
بترس ازناهان خويش اين نفس
كه روز قيامت نه ترسي ز كس
تر يزد خدا آب روى كسى
كه ريزد كناه آب شمش بسى
ثم إنه ينبغي للمؤمن أن يكون سليم الصدر ولا يكن في نفسه حقداً وحسداً وعداوة لأحد وفي الحديث :"إن أول من يدخل من هذا الباب رجل من أهل الجنة" فدخل عبد الله بن سلام رضي الله عنه فقام إليه ناس من أصحاب رسول الله فأخبروه بذلك وقالوا : لو أخبرتنا بأوثق عملك نرجو به فقال : إني ضعيف وإن أوثق ما أرجو به سلامة الصدر وترك ما لا يعنيني ففي هذا الخبر شيئان أحدهما إخباره عليه السلام عن الغيب ولكن بواسطة الوحي وتعليم الله تعالى فإن علم الغيب بالذات مختص بالله تعالى والثاني إن سلامة الصدر من أسباب الجنة وفي الحديث :"لا يبلغني أحد من أصحابي عن أحد شيئاً فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر" وذلك أن المرء ما دام لم يسمع عن أخيه إلا مناقبه يكون سليم الصدر في حقه فإذا سمع شيئاً من مساويه واقعاً أو غير واقع يتغير له خاطره.
بدى در قفا عيب من كرد وخفت
بترزو قريني كه آورد وكفت
٣٦٨
يكي تيرى افكند دورره فتاد
وجودم نيازرد ورنجم نداد
تو برداشتى وآمدى سوى من
همى درسوزى به هلوى من
والنصيحة في هذا للعقلاء أن لا يصيخوا إلى الواشي والنمام والغياب والعياب فإن عرض المؤمن كدمه ولا ينبغي إساءة الظن في حق المؤمن بأدنى سبب وقد ورد "الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها".
ازان همنشين تاتواني كريز
كه مرفتنه خفته را كفت خيز
كسى را كه نام آإمد اندر ميان
به نيكو ترين نام ونعتش بخوان
و همواره كويي كه مردم خرند
مبر ظن كه نامد و مردم برند
كسى يش من درجهان عاقلست
كه مشغول خوددرجهان غافلست
كساني كه يغام دشمن برند
زد شمن هماناكه دشمن ترند
كسى قول دشمن نيارد بدوست
مكر آنكهى دشمن يار أوست
مريز آب روى برادر بكوى
كه درهت نريزد بشهر آب روى
ببد كفتن خلق ون دم زدي
أكر راست كويي سخن هم بدي
نسأل الله العصمة.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٦٧
﴿إِنَّ هَـاذَا الْقُرْءَانَ﴾ المنزل على محمد ﴿يَقُصُّ﴾ يبين ﴿عَلَى بَنِى إسرائيل أَكْثَرَ الَّذِى هُمْ فِيهِ﴾ لجهالتهم ﴿يَخْتَلِفُونَ﴾ مثل اختلافهم في شأن المسيح وعزير وأحوال المعاد الجسماني والروحاني وصفات الجنة والنار واختلافهم في التشبيه والتنزيه وتناكرهم في أشياء كثيرة حتى لعن بعضهم بعضاً فلو أنصفوا وأخذوا بالقرآن وأسلموا لسلموا.
﴿وَإِنَّهُ﴾ أي : القرآن ﴿لَهُدًى﴾ (ره نمونيست) ﴿وَرَحْمَةٌ﴾ (وبخشايشي) ﴿لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ مطلقاً من بني إسرائيل أو من غيرهم وخصوا بالذكر لأنهم المنتفعون به.
﴿إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِى بَيْنَهُم﴾ يفصل بين بني إسرائيل المختلفين وذلك يوم القيامة ﴿بِحُكْمِهِ﴾ بما يحكم به وهو الحق والعدل سمي المحكوم به حكماً على سبيل التجوز ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ الغالب القاهر فلا يرد حكمه وقضاؤه ﴿الْعَلِيمُ﴾ بجميع الأشياء التي من جملتها ما يقضى فيه فإذا كان موصوفاً بهذه الشؤون الجليلة.


الصفحة التالية
Icon