قال في "حياة الحيوان" : ظاهر الأحاديث أن طلوع الشمس آخر الأشراط انتهى كما ورد أن الدجال يخرج على رأس مائة وينزل على عيسى عليه السلام فيقتله ثم مكث في الأرض أربعين سنة وأن الناس يمكثون بعد طلوع الشمس من مغربها مائة وعشرين سنة.
والحاصل أن بني الأصفر وهم الإفرنج على ما ذهب إليه المحدثون إذا خرجوا وظهروا إلى الأعماق في ست سنين يظهر المهدي في السنة السابعة ثم يظهر الدجال ثم ينزل عيسى ثم تخرج الدابة ثم تطلع الشمس من المغرب ويدل عليه أنهم قالوا : إذا أخرجت الدابة حبست الحفظة ورفعت الأقلام وشهدت الأجساد على الأعمال وذلك لكمال تقارب الخروج والطلوع فإنه لا يغلق باب التوبة إلا بعد الطلوع والعلم عند الله تعالى.
قال بعض العارفين : السر في صورة الدابة وظهور جمعية الكون فيها أنها صورت الاستعداد الكوني الشهادي الحيواني ومثال الطبع الكلي الحيواني وحامل جمعية الحقائق الدنيوية وهي أيضاً سر البرزخ الكلي العنصري يظهر منها أسرار الحقائق المتضادة كالكفر والإيمان والطاعة والعصيان
٣٧٢
والإنسانية والحيوانية وهي آية جامعة فيها معان وأسرار لذوي الأبصار كذا في "كشف الكنوز" فعلى العاقل أن يصيخ إلى آيات الله ويتعظ بوعدها ووعيدها ويؤمن بقدر الله تعالى ويتهيأ للبعث والموت قبل أن ينتهي العمر وينقطع الخير ويختل نظام الدنيا بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد تقارب الزمان.
يا رب ازا بر هدايت برسان باراني
يشتر زانكه وكردي زميان برخيزم
نسأل الله أن يوفقنا للخير وصالحات الأعمال قبل نفاد العمر ومجيء الآجال.
﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا﴾ يوم منصوب بالذكر.
والحشر الجمع والمراد به هنا هو الحشر للعذاب بعد الحشر الكلي الشامل لكافة الخلق والأمة جماعة أرسل إليهم رسول كما في "القاموس" والفوج الجماعة من الناس كالزمرة كما في "الوسيط" والجماعة المارة المسرعة كما في "المفردات".
والمعنى واذكر يا محمد لقومك وقت حشرنا أي جمعنا من كل أمة من أمم الأنبياء أو من أهل كل قرن من القرون جماعة كثيرة فمن تبعيضية لأن كل أمة منقسمة إلى مصدق ومكذب ﴿مِّمَّن يُكَذِّبُ بآياتنا﴾ بيان للفوج أي فوجاً مكذبين بها لأن كل أمة وكل عصر لم يخل من كفرة بالله من لدن تفريق بني آدم والمراد بالآيات بالنسبة إلى هذه الأمة الآيات القرآنية، ﴿فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ فسر في هذه السورة في قصة سليمان أي يحبس أولهم على آخرهم حتى يتلاحقوا ويجتمعوا في موقع التوبيخ والمناقشة وهو عبارة عن كثرة عددهم وتباعد أطرافهم أو المراد بالفوج رؤساء الأمم المتبوعون في الكفر والتكذيب فهم يحبسون حتى يلتحق بهم أسافلهم التابعون كما قال ابن عباس رضي الله عنهما أبو جهل والوليد بن المغيرة وشيبة بن ربيعة يساقون بين يدي أهل مكة وهكذا يحشر قادة سائر الأمم بين أيديهم إلى النار وفي الحديث :"امرؤ القيس صاحب لواء الشعراء إلى النار".
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٧١
﴿حَتَّى إِذَا جَآءُو﴾ إلى موقف السؤال والجواب والمناقشة والحساب : وبالفارسية :(تاون بيايند بحشر كاه).
﴿قَالَ﴾ الله تعالى موبخاً على التكذيب والالتفات لتربية المهابة.
﴿حَتَّى إِذَا جَآءُو قَالَ أَكَذَّبْتُم بِـاَايَـاتِى﴾ الواو للحال ونصب علماً على التمييز أي أكذبتم بآياتي الناطقة بلقاء يومكم هذا بادىء الرأي غير ناظرين فيها نظراً يؤدي إلى العلم بكنهها وأنها حقيقة بالتصديق حتماً.
﴿أَمَّا ذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ أي شيء تعملونه بعد ذلك.
وبالفارسية (ه كار كرديد بعد از إنكه بخدا ورسول إيمان نياورديد) يعني لم يكن لهم عمل غير الجهل والتكذيب والكفر والمعاصي كأنهم لم يخلقوا إلا لها مع أنهم ما خلقوا إلا للعلم والتصديق والإيمان والطاعة يخاطبون بذلك تبكيتاً فلا يقدرون أن يقولوا فعلنا غير ذلك ثم يكبون في النار وذلك قوله تعالى :
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٧١
﴿وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم﴾ أي : حل بهم العذاب الذي هو مدلول القول الناطق بحلوله ونزوله ﴿بِمَا ظَلَمُوا﴾ بسبب ظلمهم الذي هو التكذيب بآيات الله ﴿فَهُمْ لا يَنطِقُونَ﴾ باعتذار لشغلهم العذاب أو لختم أفواههم ثم وعظ كفار مكة واحتج عليهم فقال :
﴿أَلَمْ يَرَوْا﴾ من رؤية القلب هو العلم.
والمعنى بالفارسية :(آيانديدند وندانستند منكران حشر) ﴿أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا﴾ بما فيه من الإظلام ﴿لِيَسْكُنُوا فِيهِ﴾ ليستريحوا فيه بالنوم والقرار ﴿وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا﴾ أي ليبصروا بما فيه من الإضاءة
٣٧٣