وقال الجنيد قدس سره : ادعى ما ليس له ﴿وَجَعَلَ أَهْلَهَا﴾ (وكردانيد أهل مصر را ازقبطيان وسبطيان) ﴿شِيَعًا﴾ جمع شيعة بالكسر وهو من يتقوى بهم الإنسان وينتشرون عنه لأن الشياع الانتشار والتقوية يقال : شاع الحديث أي كثر وقوي شاع القوم انتشروا وكثروا.
والمعنى فرقاً يشيعونه ويتبعونه في كل ما يريد من الشر والفساد أو أصنافاً في استخدامه يستعمل كل صنف في عمل من بناء وحرث وحفر وغير ذلك من الأعمال الشاقة ومن لم يستعمله ضرب عليه الجزية.
قالب في "كشف الأسرار" : كان القبط إحدى الشيع وهم شيعة الكرامة ﴿يَسْتَضْعِفُ﴾ الاستضعاف (ضعيف وزبون يافتن وشمردن يعني زبون كرفت ومقهور ساخت) ﴿طَآاـاِفَةً مِّنْهُمْ﴾ (كروهي ازايشان).
والجملة حال من فاعل جعل أو استئناف كأنه قيل : كيف جعلهم شيعاً؟ فقال : يستضعف طائفة منهم أي من أهل مصر وتلك الطائفة بنو إسرائيل ومعنى الاستضعاف أنهم عجزوا وضعفوا عن دفع ما ابتلوا به عن أنفسهم.
﴿يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ وَيَسْتَحْى نِسَآءَهُمْ﴾ بدل من الجملة المذكورة وأصل الذبح شق حلق الحيوان والتشديد للتكثير والاستحياء الاستبقاء.
والمعنى يقتل بعضهم أثر بعض حتى قتل تسعين ألفاً من أبناء بني إسرائيل صغاراً ويترك البنات أحياء لأجل الخدمة وذلك لأن كاهناً قال له : يولد في بني إسرائيل مولود يذهب ملكك على يده وذلك كان من غاية حمقه إذ لو صدق فما فائدة القتل وإن كذب فما وجهه كما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم فمررنا بصبيان فيهم ابن صياد وقد قارب البلوغ فقال له رسول الله :"أتشهد أني رسول الله" فقال : لا بل أتشهد أني رسول الله؟ فقلت : ذرني يا رسول الله أقتله عن ظن أنه الدجال فقال عليه السلام :"إن يكنه فلن تسلط عليه" يعني إن يكن ابن الصياد هو الدجال فلن تسلط على قتله لأنه لا يقتله إلا عيسى ابن مريم "وإن لا يكنه فلا خير لك في قتله" ﴿إِنَّه كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ أي : الراسخين في الإفساد ولذلك اجترأ على قتل خلق كثير من المعصومين.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٨٠
﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِى الأرْضِ﴾ أن نتفضل عليهم بإنجائهم من بأسه ونريد حكاية حال ماضية معطوفة على أن فرعون علا لتناسبهما في الوقوع تفسيراً للنبأ يقال : منّ عليه مناً إذا أعطاه شيئاً والمنان في وصفه تعالى المعطي ابتداء من غير أن يطلب عوضاً.
﴿وَنَجْعَلَهُمْ أَاـاِمَّةً﴾ جمع إمام وهو المؤتم به أي قدوة يقتدى بهم في أمور الدين بعد أن كانوا أتباعاً مسخرين لآخرين.
وفي "كشف الأسرار" : أنبياء وكان بين موسى وعيسى عليهما السلام ألف نبي من بني إسرائيل.
﴿وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ كل ما كان في ملك فرعون وقومه آخر الوراثة عن الإمامة مع تقدمها عليها زماناً لانحطاط رتبتها عنها.
﴿وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِى الأرْضِ﴾ أصل التمكين أن تجعل لشيء مكاناً يتمكن فيه ثم استعير للتسليط أي نسلطهم على أرض مصر والشام يتصرفون فيها كيفما يشاؤون.
﴿وَنُرِىَ فِرْعَوْنَ وَهَـامَـانَ﴾ وهو وزير فرعون ﴿وَجُنُودَهُمَا﴾ وعساكرهما ﴿مِنْهُم﴾ أي : من أولئك المستضعفين ﴿مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾ ويجتهدون في دفعه من ذهاب ملكهم وهلكهم على يد مولود منهم والحذر احتراز عن مخيف كما في "المفردات".
قال الكاشفي :(وديدن اين صورت را دروقتي كه در دريا علامت غرقه شدن مشاهده كردند
٣٨١
وبني إسرائيل تفرج كنان برساحل دريا بنظر در آوردند ودانستندكه بسبب ظلم وتعدي مغلوب ومقهور شده مظلومان وبياركان بمراد رسيد غالب وسر إفراز شدند.
وسر "يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم" آشكار أشد).
أي ستمكار برانديش ازان روزسياه
كه ترا شومى ظلم أفكند ازاه باه
آنكه كنون بحقارت نكري جانب وي
بشماتت كند آنروز بسوى تونكا
قال الشيخ سعدي قدس سره :
خبر يافت كردن كشي در عراق
كه ميكفت مسكيني از زير طاق
توهم بردري هستي اميد وار
س اميد بردونشنان برآر
نخواهى كه باشد دلت دردمند
دل دردمندان برآور زبند
ريشانىء خاطر داد خواه
براندازد از مملكت ادشاه
تحمل كن أي ناتوآن از قوكه
روزي توانا ترازوي شوى
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٨٠
لب خشك مظلورا كو بخند
كه دندان ظالم بخواهند كند
يقال : الظلم يجلب النقم ويسلب النعم.
قال بعض السلف : دعوتان أرجو إحداهما كما أخشى الأخرى دعوة مظلوم أعنته ودعوة ضعيف ظلمته.
ختفته است مظلوم از إهش بترس
زدود دل صبحكاهش بترس
نترسي كه اك اندروني شبى
برآرد زسوز جكر ياربي
وفي الحديث :"أسرع الخير ثواباً صلة الرحم وأعجل الشر عقوبة البغي" ومن البغي استيلاء صفات النفس على صفات الروح فمن أعان النفس صار مقهوراً ولو بعد حين ومن أعان الروح صار منه أهل التمكين ومن الأئمة في الدين.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٨٠


الصفحة التالية
Icon