قال بعضهم : أبصر ناراً دالة على الأنوار لأنه رأى النور على هيئة النار لكون مطلبه النار والإنسان يميل إلى الأشياء المعهودة المأنوسة ولا تخلو النار من الاستئناس خاصة في الشتاء وكان شتاء تجلى الحق بالنور في لباس النار على حسب
٤٠٠
إرادة موسى وهذه سنته تعالى ألا ترى إلى جبريل أنه علم أن النبي عليه السلام أحب دحية فكان أكثر مجيئه إليه في سورة دحية ﴿قَالَ﴾ موسى.
﴿لاهْلِهِ امْكُثُوا﴾ المكث ثبات مع انتظار أي قفوا مكانكم واثبتوا.
﴿فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الاجَلَ﴾ (شايد كه من) ﴿ءَاتِيكُم﴾ (بيارم از براي شما).
﴿مِّنْهَا﴾ (إان آتش) ﴿بِخَبَرٍ﴾ (بيامي يعني از نزد كساني كه برسر آن آتش اند بيارم خبر طريق كه راه مصر از كدام طرفست) وقد كانوا ضلوه ﴿أَوْ جَذْوَةٍ﴾ عود غليظ سواء كانت في رأسه نار أو لا ولذلك بين بقوله :﴿مِّنَ النَّارِ﴾ وفي "المفردات" : الجذوة التي يبقى من الحطب بعد الالتهاب.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٠٠
وفي "التأويلات النجمية" : تشير الآية إلى التجريد في الظاهر وإلى التفريد في الباطن فإن السالك لا بد له في السلوك من تجريد الظاهر عن الأهل والمال وخروجه عن الدنيا بالكلية فقد قيل : المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ثم من تفريد الباطن عن تعلقات الكونين فبقدر تفرده عن التعلقات يشاهد شواهد التوحيد فأول ما يبدو له في صورة شعلة النار كما كان لموسى والكوكب كما كان لإبراهيم عليهما السلام ومن جملتها اللوامع والطوالع والسواطع والشموس والأقمار إلى أن يتجلى نور الربوبية عن مطلع الألوهية.
﴿لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ﴾ الاصطلاء (كرم شدن بآتش).
قال في "كشف الأسرار" : الاصطلاء التدفؤ بالصلاء وهو النار بفتح الصاد وكسرها فالفتح بالقصر والكسر بالمد.
وفي "التأويلات النجمية" : يشير إلى أن أوصاف الإنسانية جامدة من برودة الطبيعة لا تتسخن إلا بجذوة نار المحبة بل نار الجذبة الإلهية.
قال الكمال الخجدي :
بشم أهل نظركم بود زروانه
دلي كه سوخته آتش محبت نيست
فترك موسى أهله في البرية وذهب.
﴿فَلَمَّآ أَتَـاـاهَا﴾ أي : النار التي آنسها ﴿نُودِىَ مِن شَـاطِىاِ الْوَادِ الايْمَنِ﴾ أي : أتاه النداء من الشاطىء الأيمن بالنسبة إلى موسى فالأيمن مجرور صفة يسيل فيه الماء ومنه سمي المفرج بين الجبلين وادياً.
﴿فِى الْبُقْعَةِ الْمُبَـارَكَةِ﴾ متصل بالشاطىء أو صلة لنودي والبقعة قطعة من الأرض لا شجر فيها وصفت بكونها مباركة لأنه حصل فيها ابتداء الرسالة وتكليم الله إياه وهكذا محال تجليات الأولياء قدس الله أسرارهم.
﴿مِنَ الشَّجَرَةِ﴾ بدل اشتمال من شاطىء لأنها كانت ثابتة على الشاطىء وبقيت إلى عهد هذه الأمة كما في "كشف الأسرار" وكانت عناباً أو سمرة أو سدرة أو زيتوناً أو عوسجاً والعوسج إذا عظم يقال له : الغرقد بالغين المعجمة وفي الحديث :"إنها شجرة اليهود ولا تنطق" يعني إذا نزل عيسى وقتل اليهود فلا يختفي منهم أحد تحت شجرة إلا نطقت وقالت : يا مسلم هذا يهودي فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجرهم فلا ينطق كما في "التعريف والأعلام" للإمام السهيلي.
﴿إِنَّ﴾ مفسرة أي أي يا مُوسَى إِنِّى أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَـالَمِينَ} أي أنا الله الذي ناديتك ودعوتك باسمك وأنا رب الخلائق أجمعين وهذا أول كلامه لموسى وهو وإن خالف لفظاً لما في طه والنمل لكنه موافق له في المعنى المقصود.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٠٠
قال الكاشفي :(موسى در درخت نكاه كرد آتشي سفيد بي دود
٤٠١
يديد وبدل فرونكريست شعله شوق لقاي حضرة معبود مشاهدة نمود از شهود اين در آتش نزديك بودكه شمع وجودش بتمام سوخته كردد :
هست در من آتش روشن نميدانم كه يست
اين قدر دانم كه همون شمع مي كاهم دكر
موسى عليه السلام از نداي.
﴿أَن يا مُوسَى﴾ سوخته عشق وكداخته شوق شده در يش درخت بايستاد وآن ندا در مضمون داشت كه.
﴿إِنِّى أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَـالَمِينَ﴾.
قال في "كشف الأسرار" : موسى زير آن درخت متلاشى صفات وفإني ذات كشت وهمكي وي سمع شده وندا آمد س خلعت قربت بوشيد شراب الفت نوشيد صدر وصلت ديد ريحان رحمت بوييد).
أي عاشق دلسوخته اندوه مدار
روزي بمراد عاشقان كرددكار