﴿اسْلُكْ يَدَكَ فِى جَيْبِكَ﴾ أدخلها في مدرعتك وهي ثوب من صوف يلبس بدل القميص ولا يكون له كم بل ينتهي كمه عند المرفقين.
وبالفارسية :(در آردست خودرادر كريبان جامه خود) ﴿تَخْرُجْ بَيْضَآءَ﴾ أي : حال كونها مشرقة مضيئة لها شعاع كشعاع الشمس.
﴿مِنْ غَيْرِ سُواءٍ﴾ عيب كالبصر.
يعني :(سفيدى أو مكروه منفر نباشد ون بياض برص).
﴿وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ﴾ جناح الإنسان عضده ويقال : اليد كلها جناح أي يديك المبسوطتين تتقي بهما الحية كالخائف الفزع بإدخال اليمنى تحت عضد اليسرى وبالعكس أو بإدخالهما في الجيب فيكون تكريراً لاسلك يدك لغرض آخر وهو أن يكون ذلك في وجه العدو إظهار جرأة ومبدأ لظهور معجزة ويجوز أن يكون المراد بالضم التجلد والثبات عند انقلاب العصا حية استعارة من حال الطائر فإنه إذا خاف نشر جناحيه وإذا أمن واطمأن ضمهما إليه فعلى هذا يكون تتميماً لمعنى أنك من الآمنين لا تكريراً لاسلك يدك.
﴿مِنَ الرَّهْبِ﴾ الرهب مخافة مع تحزن واضطراب أي من أجل الرهب أي إذا عراك الخوف فافعل ذلك تجلداً أو ضبطاً لنفسك.
﴿فَذَانِكَ﴾ إشارة إلى العصا واليد ﴿بُرْهَـانَانِ﴾ حجتان نيرتان ومعجزتان باهرتان وبرهان فعلان من قولهم : أبره الرجل إذا جاء بالبرهان أو من قولهم : بره الرجل إذا
٤٠٣
ابيض ويقال : برهاء وبرهة للمرأة البيضاء ونظيره تسمية الحجة سلطاناً من السليط وهو الزيت لإنارتها وقيل : هو فعلال لقولهم : برهن.
﴿مِن رَّبِّكَ﴾ صفة لبرهانان أي كائنان منه تعالى وأصلان.
﴿إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلايْهِ﴾ ومنتهيان إليهم.
﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَـاسِقِينَ﴾ خارجين عن حدود الظلم والعدوان فكانوا أحقاء بأن نرسلك إليهم بهاتين المعجزتين.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٠٣
﴿قَالَ﴾ موسى ﴿رَبُّ﴾ (أي روردكار من) ﴿إِنِّى قَتَلْتُ مِنْهُمْ﴾ أي : من القوم وهم القبط ﴿نَفْسَا﴾ وهو فاتون خباز فرعون.
﴿فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ﴾ بمقابلتها.
﴿وَأَخِى هَـارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّى لِسَانًا﴾ أطلق لساناً بالبيان وكان في لسان موسى عقدة من قبل الجمرة التي تناولها وأدخلها فاه تمنعه عن إعطاء البيان حقه ولذلك قال فرعون : ولا يكاد يبين.
قال بعض العارفين : مقام الفصاحة هو مقام الصحو والتمكين الذي يقدر صاحبه أن يخبر عن الحق وأسراره بعبارة لا تكون ثقيلة في موازين العلم وهذا حال نبينا صلى الله عليه وسلّم حيث قال :"أنا أفصح العرب" :"وبعثت بجوامع الكلم" وهذه قدرة قادرية اتصف بها العارف المتمكن الذي بلغ مشاهدة الخاص ومخاطبة الخواص وكان موسى عليه السلام في محل السكر في ذلك الوقت ولم يطق أن يعبر عن حاله كما كان لأن كلامه لو خرج على وزان حاله يكون على نعوت الشطح عظيماً في آذان الخلق وكلام السكران ربما يفتتن به الخلق ولذلك سأل مقام الصحو والتمكين بقوله :﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِى * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾ (طه : ٢٧، ٢٨) لأن كلامه من بحر المكافحة في المواجهة الخاصة التي كان مخصوصاً بها دونه بخلاف هارون إذ لم يكن كليماً فحاله مع الناس أسهل من حال موسى ﴿فَأَرْسِلْهُ﴾ إلى فرعون وقومه ﴿مَعِىَ﴾ حال كونه أي معيناً وهو في أصل اسم ما يعان به كالدفء واستعمل هنا صفة بدليل كونه حالاً ﴿يُصَدِّقُنِى﴾ بالرفع صفة ردءاً أي مصدقاً لي بتلخيص الحق وتقرير الحجة وتوضيحها وتزييف الشبهة وإبطالها لا بأن يقول له : صدقت أو للجماعة صدقوه يؤيد ذلك قوله :﴿هُوَ أَفْصَحُ مِنِّى لِسَانًا﴾ لأن ذلك يقدر عليه الفصيح وغيره كما في "فتح الرحمن" ﴿إِنِّى أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ﴾ أي يردوا كلامي ولا يقبلوا مني دعوتي ولساني لا يطاوعني عند المحاجة.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٠٤
وفيه إشارة إلى أن من خاصية نمرود وفرعون النفس تكذيب الناطق بالحق ومن خصوصية هارون العقل تصديق الناطق بالحق.
﴿قَالَ﴾ الله تعالى ﴿سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ﴾ العضد ما بين المرفق والكتف : وبالفارسية (بتازو) أي سنقويك به لأن الإنساني يقوى بأخيه كقوة اليد بعضدها.
وبالفارسية (زود باشدكه سخت كنم بازوي ترا يعني بيزايم نيروي ترابرادرتو) وكان هارون يومئذ بمصر ﴿وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَـانًا﴾ أي تسلطاً وغلبة.
قال جعفر : هيبة في قلوب الأعداء ومحبة في قلوب الأولياء.
وقال ابن عطاء : سياسية الخلافة مع أخلاق النبوة ﴿فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا﴾ باستيلاء أو محاجة ﴿بِـاَايَاتِنَآ﴾ متعلق بمحذوف صرح به في مواضع أخرى أي اذهب بآياتنا أو بنجعل أي نسلطكما بآياتنا وهي المعجزات أو بمعنى لا يصلون أي تمتنعان منهم بآياتنا فلا يصلون إليكما بقتل ولا سوء كما في "فتح الرحمن" :﴿أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَـالِبُونَ﴾ أي لكما ولأتباعكما الغلبة على فرعون وقومه (زيراكه رايات آيات ما عالي است وامداد أعانت مراوليارا) متواتر ومتوالي والله الغالب والمتعالي.
٤٠٤


الصفحة التالية
Icon