وفي "التأويلات النجمية" : على مخالفة هواهم وموافقة أوامر الشرع ونواهيه وفي الحديث :"ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين رجل كانت له جارية فعلمها فأحسن تعليمها وأدبها فأحسن تأديبها ثم تزوجها فله أجره مرتين وعبد أدى حق الله وحق مواليه ورجل آمن بالكتاب الأول ثم آمن بالقرآن فله أجره مرتين" كما في "كشف الأسرار" ﴿وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ﴾ أي يدفعون بالطاعة المعصية وبالقول الحسن القول القبيح.
وفي "التأويلات النجمية" : أي بأداء الحسنة من الأعمال الصالحة يدفعون ظلمة السيئة وهي مخالفات الشريعة كما قال عليه السلام :"اتبع السيئة الحسنة تمحها" وقال تعالى :﴿إِنَّ الْحَسَنَـاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّـاَاتِ﴾ وهذا لعوام المؤمنين ولخواصهم أن يدفعوا بحسنة ذكر لا إله إلا الله عن مرآة القلوب سيئة صدأ حب الدنيا وشهواتها ولأخص خواصهم أن يدفعوا بحسنة نفي لا إله سيئة شرك وجود الموجودات بقطع تعلق القلب عنها وغض بصر البصيرة عن رؤية ما سوى الله بإثبات وجود إلا الله كما كان الله ولم يكن معه شيء ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَـاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ في سبيل الخير وفيه إشارة إلى إنفاق الوجود المجازي في طلب الوجود الحقيقي.
﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ﴾ من اللاغين وهو الساقط من الكلام.
وبالفارسية (سخن بيهوده).
﴿أَعْرَضُوا عَنْهُ﴾ أي : عن اللغو وذلك أن المشركين كانوا يسبون مؤمني أهل الكتاب ويقولون : تباً لكم تركتم دينكم القديم فيعرضون عنهم ولا يشتغلون بالمقابلة ﴿وَقَالُوا﴾ للاغين ﴿لَنَآ أَعْمَـالُنَا﴾ من الحلم والصفح ونحوهما ﴿وَلَكُمْ أَعْمَـالُكُمْ﴾ من اللغو والسفاهة وغيرهما فكل مطالب بعمله ﴿سَلَـامٌ عَلَيْكُمْ﴾ هذا السلام ليس بتسليم مواصل وتحية موافق بل هو براءة وسلام مودع مفارق.
يعني (رتك شما كرديم) ﴿لا نَبْتَغِى الْجَـاهِلِينَ﴾ الابتغاء الطلب والجهل معرفة الشيء على خلاف ما هو عليه أي لا نطلب صحبتهم ولا نريد مخالطتهم ومخاطبتهم والتخلق بأخلاقهم (ه مصاحبت با شرار موجب بدنامي دنيا است وسبب بد فرجامي عقبى است) :
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤١٣
از بدان بكريز وبانيكان نشين
يا ربد زهري بود بي انكبين
وحكم الآية وإن كان منسوخاً بآية السيف إلا أن فيه حثاً على مكارم الأخلاق وفي الحديث :"ثلاث من لم يكن فيه فلا يعتد بعلمه حلم يرد به جهل جاهل وورع يحجز عن معاصي الله وحسن خلق يعيش به في الناس".
قال الشيخ سعدي :(جالينوس ابلهي را ديدكه دست بكرثيبان دانشمندي زده وبي حرمتي كرده كفت اكراين دانشمند دانا بودي كاراوبنادان بدين جايكه نرسيدي) :
دو عاقل را نباشد كين ويكار
نه دنايي ستيزد باسبكار
اكر نادان بوحشت سخت كويد
خردمندش برحمت دل بجويد
دو صاحب دل نكه دارند مويي
هميدون سركشي وازرم جويي
٤١٤
اكر برهر دو جانب جاهلاننند
اكر زنجير باشد بكسلانند
يكي را زشت خويي داد دشنام
تحمل كردو كفت أي نيك فرجام
بترزانم كه خواهي كفتن آني
كه دانم عيب من ون من نداني
(يكي برسررتاهي مست خفته بود وزمام اختيار ازدست رفته عابدي بر سر أو كذر كرد ودر حالت مستقبح أو نظر جوان مست سربر آورد وكفت) قوله تعالى :﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾ :
إذا رأيت أثيماً
كن ساتراً وحليماً
يا من يقبح لغوي
لم لا تمر كريماً
متاب أي ارسا روي از كنهكار
ببخشايندكي دروي نظركن
أكر من ناجوانمردم بكردار
توبر من ون جوانمردان كذركن
واعلم أن اللغو عند أرباب الحقيقة ما يشغلك عن العبادة وذكر الحق وكل كلام بغير خطاب الحال والواقعة وطلب ما سوى الله.
﴿وَإِذَا سَمِعُوا﴾ مثل هذا ﴿اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَآ أَعْمَـالُنَا﴾ في بذل الوجود المجازي لنيل الوجود الحقيقي ﴿وَلَكُمْ أَعْمَـالُكُمْ﴾ في اكتساب مرادات الوجود المجازي واستجلاب مضرات الشهوات وترك الوجود الحقيقي والحرمان من سعادة الانتفاع بمنافعه ﴿سَلَـامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِى الْجَـاهِلِينَ﴾ الغافلين عن الله وطلب المحجوبين عن الله بما سواه فعلم من هذا أن طالب ما سوى الله تعالى جاهل عن الحقيقية ولو كان عارفاً بمحاسنها لكان طالباً لها لا لغيرها فينبغي لطالبها من السلاك أن لا يبتغي صحبة الجهلاء فإنه ليس بينهم وبينه مجانسة والمعاشرة بالأضداد أضيق السجون مع أنه لا يأمن الضعيف أن تؤثر فيه صحبتهم ويتحول حاله ويتغير طبعه ويتوجه عليه المكر وينقلب من الإقبال إلى الإدبار فيكون من المرتدين نعوذ بالله من الحور بعد الكور ونسأله الثبات والتوفيق والموت في طريق التحقيق.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤١٣


الصفحة التالية
Icon