﴿إِنَّكَ﴾ يا محمد ﴿لا تَهْدِى﴾ هداية موصلة إلى المقصود لا محالة.
﴿مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ من الناس ولا تقدر أن تدخله في الإسلام وإن بذلت فيه غاية الطاقة وسعيت كل السعي.
﴿وَلَـاكِنَّ اللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَآءُ﴾ فيدخله في الإسلام ﴿وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ بالمستعدين للهداية فلا يهدي إلا المستعد لها.
هدايت هركرا داد از بدايت
بدو همراه باشد تانهايت
والجمهور على أن الآية نزلت في أبي طالب بن عبد المطلب عم رسول الله عليه السلام فيكون هو المراد بمن أحببت.
روي : أنه لما احتضر جاءه رسول الله وكان حريصاً على إيمانه وقال :"أي عم قل : لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله" قال : يا ابن أخي قد علمت أنك لصادق ولكن أكره أن يقال : خرع عند الموت وهو بالخاء المعجمة والراء المهملة كعلم بمعنى ضعف وجبن ولولا أن يكون عليك وعلى بني أبيك غضاضة بعدي أي ذلة ومنقصة لقلتها ولأقررت بها عينك عند الفراق لما أرى من شدة وجدك ونصيحتك ولكني سوف أموت على ملة أشياخي عبد المطلب وهاشم وعبد مناف.
روي : أن أبا طالب لما أبى عن كلمة التوحيد قال له النبي
٤١٥
صلى الله عليه وسلّم "لأستغفرن لك ما لم أنه عنك" فأنزل الله تعالى :﴿مَا كَانَ لِلنَّبِىِّ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِى قُرْبَى مِنا بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَـابُ الْجَحِيمِ﴾ (التوبة : ١١٣).
وقد جاء في بعض الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلّم لما عاد من حجة الوداع أحيا الله له أبويه وعمه فآمنوا به كما سبق في سورة التوبة.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤١٥
وفي "التأويلات النجمية" : الهداية في الحقيقة فتح باب العبودية إلى عالم الربوبية وذلك من خصائص قدرة الحق سبحانه لأن لقلب العبد بابين باب إلى النفس والجسد وهو مفتوح أبداً وباب إلى الروح والحضرة وهو مغلوق لا يفتحه إلا الفتاح الذي بيده المفتاح كما قال لحبيبه عليه السلام ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا * لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنابِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَه عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا﴾ إلى الحضرة كما هداه ليلة المعراج إلى قرب قاب قوسين أو أدنى وقال في حق المغلوقين أي أبواب قلوبهم :﴿أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ﴾ (محمد : ٢٤) وقال عليه السلام :"قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء" فإن شاء أقامه وإن شاء أزاغه فالنبي عليه السلام مع جلالة قدره لم يكن آمناً على قلبه وكان يقول :"يا مقلب القلوب ثبت قلب عبدك على دينك وطاعتك" والهداية عبارة عن تقليب القلب من الباطل وهو ما سوى الله إلى الحق وهو الحضرة فليس هذا من شأن غير الله انتهى.
وفي "عرائس البيان" : الهداية مقرونة بإرادة الأزل ولو كانت إرادة نبينا عليه السلام في حق أبي طالب مقرونة بإرادة الأزل لكان مهتدياً ولكن كان محبته وإرادته في حقه من جهة القرابة ألا ترى أنه إذ قال :"اللهم أعز الإسلام بعمر" كيف أجابه انتهى.
وفي "كشف الأسرار" :﴿إِنَّكَ لا تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ (ما آنراكه خواهم درمفازه تحير همي رانيم وآنراكه خواهيم بسلسله قهر همي كشيم.
ما در ازل ازال تاج سعادت برسرأهل دولت نهاديم واين موكب فروكفتيم كه "هؤلاء في الجنة ولا أبالي" ورقم شقاوت برناصيه كروهى كشيديم واين مقرعه برزديم كه :"هؤلاء في النار ولا أبالي" أي جوانمرد هي صفت در صفات خداي تعالى از صفت لا أبالي دردناك ترنيست آنه صديق أكبر كفت "ليتني كنت شجرة تعضد" ازدرد اين حديث بود نيكي سخن كه آن ير طريقت كفت كار نه آن داكه كسى كسل آيد وازكسى عمل كار آن داردكه تاشايسته كه آمد درازل آن مهتر مهجوران كه أورا إبليس كوينه ندين سياه دركاه عمل بود مقراضي وديبا همي ديدند وازكاركاه ازل أورا خود كليم سياه آمدكه) ﴿وَكَانَ مِنَ الْكَـافِرِينَ﴾ (البقرة : ٣٤) : قال الحافظ :

باب زمزم وكوثر سفيد نتوان كرد


جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤١٥
كليم بخت كسى راكه بافتند سياه
قال الشيخ سعدي قدس سره :
كرت صورت حال بد يانكوست
نكاريده دست تقدير أوست
قضا كشتى آناكه خواهد برد
وكر ناخدا جامه برتن درد
وقال الصائب :
با ختيار حق نبود اختيارما
بانور آفتاب ه باشد شرار ما
﴿وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَآ﴾ معنى اتباع الهدى معه الاقتداء به
٤١٦
عليه السلام في الدين والسلوك إلى طريق الرشاد.
وبالفارسية (وكفتند أكرما قبول كنيم أن يغام كه آوردي وباين راه نموني توي بريم ودر دين تو آييم باتو) أو التخطف الاختلاس بسرعة نزلت في الحارث بن عثمان بن نوفل بن عبد مناف حيث أتى النبي عليه السلام فقال : نحن نعلم أنك على الحق :
قول توحق وسخن راستست
وانه ميفرمايي سبب دولت ماست


الصفحة التالية
Icon