(درحيات ووسيله سعادت ما بعد از وفات) وما كذبت كذبة قط فنتهمك اليوم ولكنا نخاف إن اتبعناك وخالفنا العرب أن يتخطفونا أي يأخذونا ويسلبونا ويقتلونا ويخرجونا من مكة والحرم لإجماعهم على خلافنا وهم كثيرون ونحن أكلة رأس أي قليلون لا نستطيع مقاومتهم فرد الله عليهم بقوله :﴿أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا ءَامِنًا﴾ أي ألم نعصمهم ونجعل مكانهم حرماً ذا أمن لحرمة البيت الذي فيه يتقاتل العرب حوله ويضير بعضهم بعضاً وهم آمنون.
يعني :(امن آن حرم درهمه طباع سرشته مرغ بتامردم آشنا وازيشان ايمن وآهواز شبك ايمن وهر ترسنده كه درحرم باشد أيمن كشت ون عرب حرمت حرم دانند كجا درو قتل وغارت روا دارند) ﴿يُجْبَى إِلَيْهِ﴾ يحمل إلى ذلك الحرم ويجمع فيه من قولك : جبيت الماء في الحوض أي جمعته والحوض الجامع له جابية ﴿ثَمَرَاتُ كُلِّ شَىْءٍ﴾ أي ألوان الثمرات من جانب كمصر والشام واليمن والعراق لا ترى شرقي الفواكه ولا غربيها مجتمعة إلا في مكة لدعاء إبراهيم عليه السلام حيث قال :﴿وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ﴾ (إبراهيم : ٣٧).
وقال الكاشفي : يعني :(منافع از هر نوعي وغرايب از هر ناحيتي بانجا آورند) ومعنى الكلية الكثرة والجملة صفة أخرى لحرماً دافعة لما عسى يتوهم من تضررهم بانقطاع الميرة وهو الطعام المجلوب من بلد إلى بلد ﴿رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا﴾ من عندنا لا من عند المخلوقات فإذا كان حالهم هذا وهم عبدة الأصنام فكيف يخافون التخطف إذا ضموا إلى حرمة البيت حرمة التوحيد.
يقول الفقير :
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤١٥
حرم خاص الهست توحيد
جمله را جاي ناهست توحيد
باعث امن وأمانست إيمان
كان دلراشه راهست توحيد
وانتصاب رزقاً عل أنه مصدر مؤكد لمعنى يجبى لأن فيه معنى يرزق أي يرزقون رزقاً من لدنا.
وقال الكاشفي :(وروزي داديم إيشانرا درين وادي غير ذي زرع وروزي دادني از نزديك ما بي منت غيري) ﴿وَلَـاكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ أي أكثر أهل مكة جهلة لا يتفطنون له ولا يتفكرون ليعلموا ذلك.
قال في "عرائس البيان" : حرمهم في الحقيقة قلب محمد عليه السلام وهو كعبة القدس وحرم الإنس يجبى إليه ثمرات جميع أشجار الذات والصفات من دخل ذلك الحرم بشرط المحبة والموافقة كان آمناً من آفات الكونين وكان منظور الحق في العالمين وهكذا كل من دخل في قلب ولي من أولياء الله.
قال الحافظ :
كليد كنج سعادت قبول أهل دلست
مبادكس كه درين نكتشك وريب كند
وفي الآية إشارة إلى خوف النفس من التخطف بجذبات الألوهية من أرض الأنانية ولو كانت تابعة لحمد القلب لوجد في حرم الهوية حقائق كل ثمرة روحانية وجسمانية ولذائذ كل شهوة
٤١٧
ولكنها لا تعلم كمالية ذوق الرزق اللدني كما لا يعلم أكثر العلماء لأنهم لم يذوقوه ومن لم يذق لا يدري.
قال الكمال الخجندي :
زاهد نه عجب كركند از عشق تو رهيز
كين لذت اين باده ه داندكه نخوردست
ثم بين أن الأمر بالعكس يعني أنهم خافوا الناس وآمنوا من الله واللائق أن يخافوا من بأس الله على ما هم عليه ويأمنوا الناس فقال :
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤١٥
﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةا بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا﴾ البطر الطغيان في النعمة.
قال بعضهم : البطر والأشر واحد وهو دهش يعتري الإنسان من سوء احتمال النعمة وقلة القيام بحقها وصرفها إلى غير وجهها ويقاربه الطرب وهو خفة أكثر ما يعتري من الفرح وانتصاب معيشتها بنزع الحافظ، أي في معيشتها كما في "الوسيط".
والمعنى وكم من أهل قرية كانت حالهم كحال أهل مكة في الأمن وسعة العيش حتى أطغتهم النعمة وعاشوا في الكفران فدمرنا عليهم وخربنا ديارهم ﴿فَتِلْكَ﴾ (س آنست) ﴿مَسَـاكِنُهُمْ﴾ خاوية بما ظلموا ترونها في مجيئكم وذهابكم ﴿لَمْ تُسْكَن﴾ يعني :(ننشستند دران) ﴿مِّنا بَعْدِهِمْ﴾ من بعد تدميرهم ﴿إِلا قَلِيلا﴾ إلا زماناً قليلاً إذ لا يسكنها إلا المارة يوماً أو بعض يوم (وبازخالي بكذارند درخانه دنياه نسبتي برحيز كين خانه بدان خوش است كه آيند وروند) ويحتمل أن شؤم معاصي المهلكين بقي أثره في ديارهم فلم يبق من يسكنها من أعقابهم إلا قليلاً إذ لا بركة في سكنى الأرض الشؤوم.
وقال بعضهم : سكنها الهام والبوم ولذا كان من تسبيحها سبحان الحي الذي لا يموت.
رده داري ميكند در طاق كسرى عنكبوت
يوم نوبت ميزند در قلعه افراسياب
﴿وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ﴾ منهم لتلك المساكن إذ لم يخلفهم أحد يتصرف تصرفهم في ديارهم وسائر متصرفاتهم :
يعني ما بيم باقي ازفناء همه
وهذا وعيد للمخاطبين


الصفحة التالية
Icon