وقال الكاشفي :(إيا كسى كه وعده كرده ايم أوراجنت در آخرت ونصرت دردنيا) ﴿فَهُوَ﴾ أي ذلك الموعود له ﴿لَـاقِيهِ﴾ أي مصيبه ذلك الوعد الحسن ومدركه لا محالة لاستحالة الخلف في وعده تعالى :﴿كَمَن﴾ موصولة خبر للأولى ﴿مَّتَّعْنَـاهُ﴾ (برخور داري داديم أورا) ﴿مَّتَاعَ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا﴾ (أو متاع زندكاني دنياكه محبتش آميخته محنت أست ودولتش مؤدى نكبت ومالش در صدد زوال وجاهش بر شرف انتقال وطعوم وعسلش معقب بسموم حنظل) ﴿ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَـامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾ للحساب أو النار والعذاب.
وثم للتراخي في الزمان أي لتراخي حال الإحضار عن حال التمتيع أو في الرتبة ومعنى الفاء في أفمن ترتيب إنكار التشابه بين أهل الدنيا وأهل الآخرة على ما قبلها من ظهور التفاوت بين متاع الحياة الدنيا وبين ما عند الله أي أبعد هذا التفاوت الظاهر يسوي بين الفريقين أي لا يسوي فليس من أكرم بالوعد الأعلى ووجدان المولى وهو المؤمن كمن أهين بالوعيد والوقوع في الجحيم في العقبى وهو الكافر وذلك بإزاء شهوة ساعة وجدها في الدنيا.
ويقال : رب شهوة ساعة أورثت صاحبها حزناً طويلاً (وقتي زنبوري موري را ديدكه بهزار حيله دانه بخانه ميكشيد ودران رنج بسيارمي ديد أورا كفت أي مور اين ه رنجست كه برخود نهاده واين ه بارست كه اختيار كرده بيا مطعم ومشرب من بين كه هر طعام كه لطيف ولذلذ ترست تا از من زيادة نيايد ادشاهانرا نرسد هر آنجاكه خواهم نشينم وآنه خواهم كزينم خورد ودرين سخن بودكه برريد وبدكان قصابي برمسلوخي نشست قصاب كاردكه دردست داشت بران زنبوره مغرور زدودواره كرد وبر زمين انداخت ومور بيامد واي كشان أورا ميبرد ومي كفت) رب شهوة إلخ وفي الحديث :"ومن كانت الدنيا همته جعل الله فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له، ومن كانت الآخرة همته جعل الله الغنى في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة".
يحكي : أن بعض أهل الله كان يرى عنده في طريق الحج كل يوم خبز طري فقيل له في ذلك فقال : تأتيني به عجوز أراد بها الدنيا ومن كان له في هذه الدنيا شدة وغم مع دين الله فهو خير ممن كان له سعة وسرور مع الشرك وفي الحديث :"يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال : يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط هل مرّ بك نعيم قط فيقول : لا والله يا رب" يعني شدة العذاب أنسته ما مضى عليه من نعم الدنيا "ويؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له : يا ابن آدم هل رأيت بؤساً قط هل مر بك شدة قط فيقول : لا والله ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط" وفي الحديث :"قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً" وهو ما يكون بقدر الحاجة ومنهم من قال : هو شبع يوم وجوع يوم "وقنعه الله بما آتاه" بمد الهمزة أي أعطاه من الكفاف يعني : من اتصف بالصفات المذكورة فاز بمطلوب الدنيا والآخرة ثم الوعد لعوام المؤمنين بالجنة ولخواصهم بالرؤية ولأخص خواصهم بالوصول والوجدان كما قال تعالى :"ألا من طلبني وجدني" وأوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السلام تجوّع ترني تجرد تصل إليّ :
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤١٩
جوع تنوير خانه دل تست
٤٢٠
أكل تعمير خانه كل تست
فلا بد للسالك من إصلاح الطبيعة والنفس بالرياضة والمجاهدة وكان يستمع من حجرة الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس سره الجوع الجوع وحقيقته الزموا الجوع لا أن نفسه الزكية كانت تشكو من الجوع نسأل الله الوصول إلى النعمة والتشرف بالرؤية.
﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ﴾ يوم منصوب باذكر المقدر والمراد يوم القيامة والضمير للكفار أي واذكر يا محمد لقومك يوم يناديهم ربهم وهو عليهم غضبان ﴿فَيَقُولُ﴾ تفسير للنداء ﴿أَيْنَ شُرَكَآءِىَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ أي الذين كنتم تزعمونهم شركائي وكنتم تعبدونهم كما تعبدونني فحذف المفعولان معاً ثقة بدلالة الكلام عليهما.
قال في "كشف الأسرار" : وسؤالهم عن ذلك ضرب من ضروب العذاب لأنه لا جواب لهم إلا ما فيه فضيحتهم واعترافهم بجهل أنفسهم.
﴿قَالَ﴾ استئناف مبني على حكاية السؤال كأنه قيل : فماذا صدر عنهم حينئذ؟ فقيل : قال :﴿الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ﴾ في الأزل بأن يكونوا من أهل النار المردودين يدل عليه قوله تعالى :﴿وَلَوْ شِئْنَا لاتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاـاهَا وَلَـاكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّى﴾ (السجدة : ١٣) الآية كما في "التأويلات النجمية".


الصفحة التالية
Icon