وقال بعض أهل التفسير : معنى حق عليهم القول ثبت مقتضاه وتحقق مؤداه وهو قوله :﴿لامْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ (هود : ١١٩) وغيره من آيات الوعيد والمراد بهم شركاؤهم من الشياطين أو رؤساؤهم الذين اتخذوهم أرباباً من دون الله بأن أطاعوهم في كل ما أمر وهم به ونهوهم عنه وتخصيصهم بهذا الحكم مع شموله للاتباع أيضاً لأصالتهم في الكفر واستحقاق العذاب ومسارعتهم إلى الجواب مع كون السؤال للعبدة لتفطنهم أن السؤال عنهم لاستحقارهم وتوبيخهم بالإضلال وجزمهم بأن العبدة سيقولون : هؤلاء أضلونا ﴿رَّبِّنَآ﴾ (أي رورد كارما) ﴿هَؤُلاءِ﴾ أي كفار بني آدم أو الأتباع هم ﴿الَّذِينَ أَغْوَيْنَآ﴾ فحذف الراجع إلى الموصول ومرادهم بالإشارة بيان أنهم يقولون ما يقولون بمحضر منهم وأنهم غير قادرين على إنكاره ورده.
﴿أَغْوَيْنَـاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا﴾ هو الجواب في الحقيقة وما قبله تمهيد له أي ما أكرهنا على الغي وإنما أغوينا بما قضيت لنا ولهم الغواية والضلالة مساكين بنو آدم أنهم من خصوصية ولقد كرمنا بني آدم يحفظون الأدب مع الله في أقصى البعد كما يتأدب الأولياء على بساط أقصى القرب ولا يقولون : أغويناهم كما أغويتنا كما قال إبليس صريحاً ولم يحفظ الأدب رب بما أغويتني لأقعدن لهم ﴿تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ﴾ منهم ومما اختاروه من الكفر والمعاصي هوى منهم وهو تقرير لما قبله ولذا لم يعطف عليه وكذا قوله تعالى :﴿مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ﴾ إيانا مفعول يعبدون أي ما كانوا يعبدوننا وإنما كانوا يعبدون أهواءهم ويطيعون شهواتهم.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤١٩
﴿وَقِيلَ﴾ لمن عبد غير الله توبيخاً وتهديداً والقائلون الخزنة ﴿ادْعُوا شُرَكَآءَكُمْ﴾ أي : الأصنام ونحوها ليخلصوكم من العذاب أضافها إليهم لادعائهم أنها شركاء الله.
﴿فَدَعَوْهُمْ﴾ من فرط الحيرة.
﴿فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ﴾ ضرورة عدم قدرتهم على الاستجابة والنصرة ﴿وَرَأَوُا الْعَذَابَ﴾ الموعود قد غشيهم ﴿لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ﴾ لوجه من وجوه الحيل يدفعون به العذاب أو إلى الحق في الدنيا لما لقوا ما لقوا من العذاب.
وقال بعضهم : لو للتمني هنا أي تمنوا لو أنهم كانوا مهتدين لا ضالين.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤١٩
﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ﴾ أي واذكر يوم ينادي الله الكفار نداء تقريع وتوبيخ.
﴿فَيَقُولُ مَاذَآ أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ﴾ (ه جواب داديد) المرسلين الذين أرسلتهم
٤٢١
إليكم حين دعوكم إلى توحيدي وعبادتي ونهوكم عن الشرك.
﴿فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الانابَآءُ يَوْمَـاـاِذٍ﴾ (س وشيده باشدبر إيشان خبرها يعني آنه بايغمبران كفته باشند وندانند كه ه كويند).
قال أهل التفسير : أي صارت كالعمى عنهم لا تهتدي إليهم وأصله فعموا عن الأنباء أي الأخبار وقد عكس بأن أثبت العمى الذي هو حالهم للأنباء مبالغة وتعدية الفعل بعلى لتضمنه معنى الخفاء والاشتباه وإذا كانت الرسل يفوضون العلم في ذلك المقام الهائل إلى علام الغيوب مع نزاهتهم عن غائلة السؤال فما ظنك بأهل الضلال من الأمم :
بجايي كه دهشت برد انبيا
تو عذر كنه راه داري بيا
﴿فَهُمْ لا يَتَسَآءَلُونَ﴾ أي : لا يسأل بعضهم بعضاً عن الجواب لفرط الدهشة واستيلاء الحيرة أو للعلم بأن الكل سواء في الجهل.
﴿فَأَمَّا مَن تَابَ﴾ من الشرك ﴿فَأَمَّا مَن تَابَ﴾ أي : جمع بين الإيمان والعمل الصالح ﴿فَعَسَى أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ﴾ أي الفائزين بالمطلوب عند الله تعالى الناجين من المهروب.
وبالفارسية :(س شايد آنكه باشد ازر ستكاران ورستكاري باجابت حضرت رسالت عليه السلام باز بسته است) :
مزن بي رضاى محمد نفس
ره رستكاري همين است وبس
خلاف يغمبر كسى ره كزيد
كه هركز بمنزل نخواهد رسيد
وعسى للتحقيق على عادة الكرام أو للترجي من قبل التائب بمعنى فليتوقع الإفلاح.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٢١


الصفحة التالية
Icon