قال في "كشف الأسرار" : إنما قال : فعسى يعني إن دام على التوبة والعمل الصالح فإن المنقطع لا يجد الفلاح ونعوذ بالله من الحور بعد الكور فينبغي لأهل الآخرة أن يباشروا الأعمال الصالحة ويديموا على أورادهم وللأعمال تأثير عظيم في تحصيل الدرجات وجلب المنافع والبركات ولها نفع لأهل السعادة في الدنيا والآخرة ولأهل الشقاوة لكن في الدنيا فقط فإنهم يجلبون بها المقاصد الدنيوية من المناصب والأموال والنعم وقد عوض عن عبادة الشيطان قبل كفره طول عمره ورأى أثرها في الدنيا فلا بد من السعي بالإيمان والعمل الصالح.
حكي : أن إبراهيم بن أدهم قدس سره لما منع من دخول الحمام بلا أجرة تأوه وقال : إذا منع الإنسان من دخول بيت الشيطان بلا شيء فأنى يدخل بيت الرحمن بلا شيء؟ وأفضل الأعمال التوحيد وذكر رب العرش المجيد ولو أن رجلاً أقبل من المغرب إلى المشرق ينفق الأموال والآخر من المشرق إلى المغرب يضرب بالسيف في سبيل الله كان الذاكر أعظم وفي الحديث :"ذكر الله علم الإيمان" أي لأن المشرك إذا قال لا إله إلا الله يحكم بإسلامه وبراءة من النفاق أي لأن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً "وحرز من الشيطان وحصن من النار" كما جاء في الكلمات القدسية "لا إله إلا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي".
وفي "التأويلات النجمية" :﴿فَأَمَّا مَن تَابَ﴾ أي رجع إلى الحضرة على قدمي المحبة وصدق الطلب ﴿وَءَامَنَ﴾ بما جاء به النبي عليه السلام من الدعوة إلى الله ﴿وَعَمِلَ صَـالِحًا﴾ بالتمسك بذيل متابعة دليل كامل وأصل صاحب قوة وقدره توصله إلى الله تعالى :﴿فَعَسَى أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ﴾ الفائزين من أسر النفس المخلصين من حبس الأنانية إلى قضاء وسعة الهوية
٤٢٢
انتهى.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٢١
﴿وَرَبُّكَ﴾ (آورده اندكه صناديد عرب طعنه مي زدندكه خداي تعالى را محمد را براي نبوت اختيار كرد بايستي كه نين منصب عالي بوليد بن مغيرة وسيدي كه بررك مكه است بابعروة بن مسعود ثقفي كه عظيم طائف) كما قالوا : لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم فرد الله عليهم بقوله :﴿وَرَبُّكَ﴾ (وبروردكار تويا محمد) ﴿يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ﴾ أن يخلقه ﴿وَيَخْتَارُ﴾ مما يخلق ما يشاء اختياره واصطفاءه فكما أن الخلق إليه فكذا الاختيار في جميع الأشياء ﴿مَّآ﴾ نافية ﴿كَانَ لَهُمُ﴾ أي المشركين ﴿الْخِيَرَةُ﴾ أي : الاختيار عليه تعالى وهو نفي لاختيارهم الوليد وعروة وأنشدوا :
العبد ذو ضجر والرب ذو قدر
والدهر ذو دول والرزق مقسوم
والخير أجمع فيما اختيار خالقنا
وفي اختيار سواه اللوم والشوم
قال الجنيد قدس سره : كيف يكون للعبد اختيار والله المختار له؟ وقال بعض العارفين : إذا نظر أهل المعرفة إلى الأحكام الجارية بجميل نظر الله لهم فيها وحسن اختياره فيما أجراه عليهم لم يكن عندهم شيء أفضل من الرضى والسكون.
قال الحافظ :
در دائره قسمت ما نقطه تسليم
لطف آنه توانديشي حكم آنكه توفر مايي
والخيرة بمعنى التخير بالفارسية (كزيدن) كالطيرة بمعنى التطير.
وفي "المفردات" : الخيرة الحالة التي تحصل للمستخير والمختار نحو القعدة والجلسة لحال القاعد والجالس انتهى.
وفي "الوسيط" : اسم من الاختيار يقام مقام المصدر وهو اسم للمختار أيضاً يقال محمد خيرة الله من خلقه ﴿سُبْحَـانَ اللَّهِ﴾ أي تنزه بذاته تنزهاً خاصاً به من أن ينازعه أحد ويزاحم اختياره ﴿وَتَعَـالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ عن إشراكهم.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٢٣


الصفحة التالية
Icon