الماء والتراب والنار والريح فجعل الماء طهورك والتراب مسجدك والنار طباخك والريح نسيمك.
واختار من الملائكة أربعة جبرائيل صاحب وحيك وميكائيل خازن نعمتك وإسرافيل صاحب لوحك وعزرائيل قابض روحك.
واختار من الشرائع أربعة الصلاة عملك والوضوء أمانتك والصوم جنتك والزكاة طهارتك.
ومن القبلة أربعة العرش موضع دعوتك والكرسي موضع رحمتك والبيت المعمور مصعد عملك والكعبة قبلتك.
ومن الأوقات أربعة فوقت المغرب لطعامك ووقت العشاء لمنامك ووقت السحر لمناجاتك ووقت الصبح لقراءتك.
ومن المياه الماء الذي تفجر من أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلّم فإنه أفضل من زمزم والكوثر وغيرهما من أنهار الدنيا والآخرة.
ومن البقاع البقعة التي ضمت جسمه اللطيف عليه السلام فإنها أفضل البقاع الأرضية والسماوية.
ومن الأزمنة الزمان الذي ولد فيه عليه السلام ولذا كان شهر ربيع الأول من أفضل الشهور كشعبان فإنه مضاف إلى نبينا عليه السلام أيضاً.
ومن الملوك الخواقين العثمانية لأن دولتهم آخر الدول وتتصل بزمان المهدي المنتظر على ما ثبت وصح عن أكابر علماء هذه الأمة.
واختار من العلماء من تشرف بعلم الظاهر والباطن وكان ذا جناحين نسأل الله الثبات في طريق التحقيق إنه ولي التوفيق.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٢٣
﴿وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ﴾ أي تضمر قلوبهم وتخفي كعداوة الرسول وحقد المؤمنين يقال : أكننت الشيء إذا أخفيته في نفسك وكننته إذا سترته في بيت أو ثوب أو غير ذلك من الأجسام ﴿وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ بألسنتهم وجوارحهم كالطعن في النبوة وتكذيب القرآن.
والإعلان (آشكارا كردن).
﴿وَهُوَ اللَّهُ﴾ أي المستحق للعبادة.
وبالفارسية (أوست خداي مستحق رستش) ﴿لا إله إِلا هُوَ﴾ لا أحد يستحقها إلا هو وهو المتوحد بعز إلهيته المتفرد بجلال ربوبيته لا شبيه يساويه ولا نظر يضاهيه ﴿لَهُ الْحَمْدُ﴾ استحقاقاً على عظمته والشكر استيجاباً على نعمته ﴿فِى الاولَى﴾ أي الدنيا ﴿وَالاخِرَةِ﴾ لأنه المولى للنعم كلها عاجلها وآجلها على الخلق كافة يحمده المؤمنون في الآخرة كما حمدوه في الدنيا بقولهم :﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾ (فاطر : ٣٤).
الحمد الله الذي صدقنا وعده (الزمر : ٧٤) ابتهاجاً بفضله والتذاذاً بحمده أي بلا كلفة ﴿وَلَهُ الْحُكْمُ﴾ فيما يخلق ويختار ويعز ويذل ويحيي ويميت أي القضاء النافذ في كل شيء من غير مشاركة فيه لغيره.
وبالفارسية (أو راست كار بركزاردن).
قال في "كشف الأسرار" : وله الحكم النافذ في الدنيا والآخرة ومصير الخلق كلهم في عواقب أمورهم إلى حكمه في الآخرة.
قال ابن عباس رضي الله عنهما : حكم لأهل طاعته بالمغفرة ولأهل معصيته بالشقاء والويل ﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ بالبعث لا إلى غيره.
وفي "التأويلات النجمية" :﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ بالاختيار أو بالاضطرار فأما بالاختيار فهو الرجوع إلى الحضرة بطريق السير والسلوك والمتابعة والوصول وهذا مخصوص بالإنسان دون غيره وأما بالاضطرار فبقبض الروح وهو الحشر والنشر والحساب والجزاء بالثواب والعقاب.
يقال : ثمانية أشياء تعم الخلق كلهم الموت والحشر وقراءة الكتاب والميزان والحساب والصراط والسؤال والجزاء.
٤٢٥
وأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام :"يا موسى لا تسأل مني الغنى فإنك لا تجده وكل خلق مفتقر إليّ وأنا الغني.
ولا تسأل علم الغيب فإنه لا يعلم الغيب غيري.
ولا تسألني أن أكف لسان الخلق عنك فإني خلقتهم ورزقتهم وأميتهم وأحييهم وهم يذكرونني بالسوء ولم أكف لسانهم عني ولا أكف لسانهم عنك.
ولا تسأل البقاء فإنك لا تجده وأنا الدائم الباقي".
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٢٣
وأوحى الله إلى محمد عليه السلام فقال :"يا محمد أحبب من شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك ملاقيه غداً وعش ما شئت فإنك ميت" فظهر أن الحكم النافذ بيد الله تعالى ولو كان شيء منه في يد الخلق لمنعوا عن أنفسهم الموت ودفعوا ملاقاة الأعمال في الحشر وطريق النجاة التسليم والرضى والرجوع إلى الله تعالى بالاختيار فإنه إذا رجع العبد إلى الله بالاختيار لم يلق عنده شدة بخلاف ما إذا رجع بالاضطرار :
تويش از عقوبت در عفو كوب
كه سودي ندارد فغان زيروب
ومن علامات الرجوع إلى الله إصلاح السر والعلانية والحمد له على كل حال فإن الجزع والاضطراب من الجهل بمبدأ الأمر ومبديه وليخفف ألم البلاء عنك علمك بأن الله هو المبلي وقل في الضراء والسراء : لا إله إلا هو والتوحيد أفضل الطاعات وخير الأذكار والحسنات وصورته منجية فكيف بمعناه.
وعن حذيفة رضي الله عنه سمعت رسول الله يقول :"مات رجل من بني إسرائيل من قوم موسى فإذا كان يوم القيامة يقول الله لملائكته.
انظروا هل تجدون لعبدي من حسنة يفوز بها اليوم؟ فيقولون : إنا لا نجد سوى أن نقش خاتمه لا إله إلا الله فيقول الله تعالى : أدخلوا عبدي الجنة قد غفرت له" : قال المغربي :


الصفحة التالية
Icon