﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ﴾ عطف على قال وما بينهما اعتراض وقوله :﴿فِى زِينَتِهِ﴾ إما متعلق بخرج أو بمحذوف هو حال من فاعله أي كائناً في زينته والمراد الزينة الدنيوية فمن المال والأثاث والجاه يقال : زانه كذا وزينه إذا أظهر حسنه إما بالفعل أو بالقول.
قيل : خرج قارون يوم السبت وكان آخر يوم من عمره على بغلة شهباء عليه الأرجوان يعني قطيفة أرغواني وعليها سرج من ذهب ومعه أربعة آلاف على زيه.
وقال بعضهم : ومعه تسعون ألفاً عليهم المعصفرات وهو أول يوم رؤي فيه اللباس المعصفر وهو المصبوغ بالعصفر وهو صبغ أحمر معروف وقد نهي الرجال عن لبس المعصفر لأنه من لباس الزينة وأسباب الكبر ولأن له رائحة لا تليق بالرجال وأصل الزينة عند العارفين وجوه مسفرة عليها آثار دموع الشوق والمحبة ساجدة على باب الربوبية.
قال ابن عطاء : أزين ما تزين به العبيد المعرفة ومن نزلت درجاته عن درجات العارفين فازين ما تزين به طاعة ربه ومن تزين بالدنيا فهو مغرور في زينته.
قال الحافظ :
قلندران حقيقت به نيم ون نخرند
قباي اطلس آنكس كه ازهنر عاريست
وفي "المثنوي" :
افتخار از رنك وبو واز مكان
هست شادي وفريبت كودكان وقال الشيخ العطار رحمه الله :
همو طفلان منكر اندرسرخ وزرد
ون زنان مغرور رنك وبومكرد
وقال الشيخ السعدي :
كراجامه اكست وسيرت ليد
در دوزخشن را نبايد كليد
وقال المولى الجامي :
وصلش مجودر اطلس شاهي كه دوخت عشق
اين جامه برتني كه نهان زير زنده بود
﴿قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَواةَ الدُّنْيَا﴾ من بني إسرائيل جرياً على سنن الجبلة البشرية من الرغبة في السعة واليسار يا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِىَ قَـارُونُ} (يا قومكاشكي ثبوديمارا ازمالهمنانكه قارونرا دادند).
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٣١
وقيل : يا ليت يا متمناي تعالى فهذا أوانك تمنوا مثله لا عينه حذراً من الحسد فدل على أنهم كانوا مؤمنين ﴿إِنَّه لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ لذو نصيب وافر من الدنيا.
٤٣٣
قال الراغب : الحظ النصيب المقدر وهو تمنيهم وتأكيد له.
قال في "كشف الأسرار" :(فائده اين آيت آنست كه رب العالمين خبر ميدهد ماراكه مؤمن نبايدكه تمنى كند اته طغيان در آنست از كثرت مال وذلك قوله :﴿إِنَّ الانسَـانَ لَيَطْغَى * أَن رَّءَاهُ اسْتَغْنَى﴾ (العلق : ٦، ٧) بلكه ازخداي عز وجل كفاف خواهد دردنيا وبلغه عيش.
نانكه درخبرست) "اللهم اجعل رزق آل محمد كفافاً" وفي الحديث :"اللهم من أحبني فارزقه العفاف والكفاف ومن أبغضني فارزقه مالاً وولداً" وفي الحديث :"طوبى لمن هدي إلى الإسلام وكان عيشه كفافاً وقنع به" : قال الحافظ :
كنج زر كرنبود كنج قناعت باقيست
آنكه آن داد بشاهان كبدايان اين داد
وقال :
همايي ون توعاليقدر حرص استخوان حيفست
دريغا سايه همت كه برنا أهل افكندي
درين بازار اكر سوديست بادرويش خرسندست
الهي منعمم كردان بدرويشي وخرسندي
وقال المولى الجامي :
هرسفله ي بكنج قناعت كجابرد
قناعت نكوتر بدوشاب خويش
وقال الشيخ السعدي :
نيرزد عسل جان من زخم نيش
قناعت نكونر بدو شاب خويش
وفي "التأويلات النجمية" : إنما وقع نظرهم على عظمة الدنيا وزينتها لا على دناءتها وخساستها وهوانها وقلة متاعها لأنهم اغتذوا بغداء شبل حب الدنيا وزينتها المتولد من أسود ظلمات صفات النفس بعضها فوق بعض فهم ينظرون بنظر ظلمات صفات النفس بعد أن كانوا ينظرون بنظر نور صفات القلب يبصرون عزة الآخرة وعظمتها وخسة الدنيا وهوانها فإن الرضاع يغير الطباع.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٣١
﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ بأحوال الآخرة وزهدوا في الدنيا أي قالوا للمتمنين ﴿وَيْلَكُمْ﴾ (واي برشما اي طالبان دنيا) وهو دعاء بالإهلاك.
بمعنى ألزمكم الله ويلاً أي عذاباً وهلاكاً ساغ استعماله في الزجر عما لا يرتضى وقد سبق في طه.
﴿ثَوَابُ اللَّهِ﴾ في الآخرة ﴿خَيْرٍ﴾ مما تتمنون ﴿لِّمَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَـالِحًا﴾ فلا يليق بكم أن تتمنوه غير مكتفين بثوابه ونعيمه ﴿وَلا يُلَقَّـاـاهَآ﴾ أي ولا يوفق لهذه الكرامة كما في "الجلالين" والمراد بالكرامة الثواب والجنة ولا يعطى هذه الكلمة التي تكلم بها العلماء وهي ثواب الله خير قال الله تعالى :﴿وَلَقَّـاـاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا﴾ (الإنسان : ١١) أي أعطاهم ولقيته كذا إذا استقبلته به.
وبالفارسية وتلقيه وتلقين (نحواهد كرد اين كلمه كه علماً كفته اند يعني دردل وزبان نخواهند دار) ﴿إِلا الصَّـابِرُونَ﴾ على الطاعات وعن زينة الدنيا وشهواتها :
أهل صبر از جمله عالم برترند
صابران أزواج كردون بكذرند
هركه كاردتخم صبر اندر جهان
يدرود محصول عيش صابران
﴿فَخَسَفْنَا بِه وَبِدَارِهِ الارْضَ﴾ يقال : خسف المكان يخسف خسوفاً ذهب في الأرض كما في "القاموس" وخسف القمر زال ضوءه وعين خاسفة إذا غابت حدتها والباء للتعدية.
٤٣٤
والمعنى بالفارسية :(س فرو برديم قارون وراي اورا بزمين).


الصفحة التالية
Icon