جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٣٤
قال ابن عباس رضي الله عنهما : لما نزلت الزكاة على موسى صالحه على أن يعطيه عن كل ألف دينار ديناراً وعن كل ألف درهم درهماً وعن كل ألف شاة شاة وذلك بالأمر الإلهي وكان الواجب عشر المال لاربعه فحسب قارون ماله فوجد الزكاة مبلغاً عظيماً فمنعه البخل والحرص عن دفعها فجمع جمعاً من بني إسرائل فقال لهم : إنكم قد أطعتم موسى في كل ما أمركم به وهو الآن يريد أن يأخذ أموالكم قالوا : أنت كبيرنا مرنا بما شئت قال : أريد أن أفضحه بين بني إسرائيل حتى لا يسمع بعد كلامه أحد فأمري أن تجلبوا فلانة البغي فنجعل لها جعلاً حتى تقذف موسى بنفسها فإذا فعلت ذلك خرج عليه بنو إسرائيل ورفضوه فدعوها فجعل لها قارون ألف دينار وطشتاً من ذهب على أن تفعل ما أمر به من القذف إذا حضر بنو إسرائيل من الغد وكان يوم عيد فلما كان الغد قام موسى خطيباً فقال : من سرق قطعناه ومن زنى غير محصن جلدناه ومن زنى محصناً رجمناه فقال قارون : وإن كنت أنت قال : وإن كنت أنا فقال : إن بني إسرائيل يزعمون أنك فجرت بفلانة فأحضرت فناشدها موسى بالذي فلق البحر وأنزل التوراة أن تصدق فتداركها الله بالتوفيق ووجدت في نفسها هيبة إلهية من تأثير الكلام فقالت : يا كليم الله جعل لي قارون جعلاً على أن أقذفك بنفسي وأفتري عليك (ومن ناوجود كنهكاريها وبدكرداريهاي خود ه كنه سندم كه برتو تهمت كويم) فخر موسى ساجداً تعالى يبكي ويشكو من قارون ويقول : اللهم إن كنت رسولك فاغضب لي فأوحى الله إليه إني أمرت الأرض أن تطيعك فمرها بما شئت فقال موسى : يا بني إسرائيل إن الله بعثني إلى قارون كما بعثني إلى فرعون فمن كان معه فليثبت مكانه ومن كان معي فليعتزل فاعتزلوا ولم يبق مع قارون إلا رجلان ثم قال لقارون : يا عدو الله تبعث إليّ امرأة تريد فضيحتي على رؤوس بني إسرائيل يا أرض خذيهم فأخذتهم الأرض إلى الكعبين فأخذوا في التضرع وطلب الأمان ولم يلتفت موسى إليهم ثم قال : خذيهم فأخذتهم إلى الركب ثم إلى الأوساط ثم إلى الأعناق فلم يبق على وجه الأرض منهم شيء إلا رؤوسهم وناشده قارون الله والرحم فلم يلتفت موسى لشدة غضبه ثم قال : يا أرض خذيهم فانطبقت عليهم الأرض :
آنراكه زمين كشد ون قارون
ني موسيش آورد برون ني هارون
فاسد شده را زروز كار وارون
لا يمكن أن يصلحه العطارون
قال الله تعالى : يا موسى استغاث بك فلم تغثه فوعزتي وجلالي لو استغاث بي لأغثته قال : يا رب غضباً لك فعلت.
قال قتادة : خسف به فهو يتجلجل في الأرض كل يوم قامة رجل لا يبلغ قعرها إلى يوم القيامة.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٣٤
صاحب لباب (فوموده هرروز قارون بمدار قامت خود بزمين ميرود) وعند نفخ الصور بأرض سفلى (خواهد رسيد).
وفي "كشف الأسرار" :(در قصه آورده اندكه هرروز يك قامت خويش بزمين فروميشدتا آنروز كه يونس در شكم ما هي در قعر بحر بدورسيد قارون از حال موسى رسيد نانكه خويشانرا رسند) فأوحى الله تعالى إلى الأرض لا تزيدي في خسفه بحرمة أنه سأل عن ابن عمه ووصل به رحمه.
ولما خسف به قال
٤٣٥
سفهاء بني إسرائيل إن موسى إنما دعا على قارون ليستقل بداره وكنوزه وأمتعته ويتصرف فيها فدعا موسى فخسف بجميع أمواله وداره.
قال الحافظ :
كنج قارون كه فرو ميرود از قهر هنوز
خوانده باشي كه هم از غيرت درويشانست
وقال :
أحوال كنج قارون كأيام داد برباد
باغنه باز كوييد تا زرنهان ندارد
وقال :
توانكرا دل درويش خود بدست آور
كه مخزون زر وكنج درم نخواهد ماند
قال بعضهم : إن قارون نسي الفضل وادعى لنفسه فضلاً فخسف الله به الأرض ظاهراً وكم خسف بالأسرار وصاحبها لا يشعر بذلك وخسف الأسرار هو منع العصمة والرد على الحول والقوة وإطلاق اللسان بالدعاوي الفرضية والعمى عن رؤية الفضل والقعود عن القيام بالشكر على ما أولى وأعطى وحينئذ يكون وقت الزوال.
وخرج قارون على قومه بالزينة.
فهلك وهكذا حال من يخرج على أولياء الله بالدعاوي الباطلة والكبر والرياسة لا محالة يسقطون من عيونهم وقلوبهم بعد سقوطهم من نظر الحق وتنخسف أنوار إيمانهم في قلوبهم فلا يرى آثارها بعد ذلك نعوذ بالله سبحانه.
﴿فَمَا كَانَ لَهُ﴾ أي : لقارون ﴿مِن فِئَةٍ﴾ جماعة.
قال الراغب : الفئة الجماعة المتظاهرة التي يرجع بعضهم إلى بعض في التعاضد انتهى من فاء، أي رجع.
﴿يَنصُرُونَهُ﴾ بدفع العذاب عنه وهو الخسف.
﴿مِن دُونِ اللَّهِ﴾ أي : حال كونهم متجاوزين نصرة الله تعالى ﴿وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ﴾ أي من الممتنعين عنه بوجه من الوجوه يقال نصره من عدوه فانتصر أي منعه فامتنع.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٣٤


الصفحة التالية
Icon