قال الراغب : الوصية التقدم إلى الغير بما يعمل به مقترناً بوعظ.
﴿وَإِن جَـاهَدَاكَ﴾ أي وقلنا له إن جاهداك.
يعني :(اكر كوشش نمايدوالدين وجنك وجدل كنند بتو) وإن كان معنى وصينا وقلنا له افعل بهما حسناً فلا يضمر القول هنا.
﴿لِتُشْرِكَ بِى﴾ (تاشرك آوري بمن وانباز كيري) ﴿مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ﴾ أي بإلهيته على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ﴿عِلْمٌ﴾ عبر عن نفي الإلهية بنفي العلم بها للإيذان بأن ما لا يعلم صحته لا يجوز اتباعه وإن لم يعلم بطلانه فكيف بما علم بطلانه.
﴿فَلا تُطِعْهُمَآ﴾ في ذلك فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق كما ورد في الحديث ويدخل فيه الأستاذ والأمير إذا أمرا بغير معروف وهو ما أنكره الشارع عليه ﴿إِلَىَّ مَرْجِعُكُمْ﴾ مرجع من آمن منكم ومن أشرك ومن بر بوالديه ومن عق.
﴿فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ عبر عن إظهاره بالتنبئة لما بينهما من الملابسة فإنهما سببان للعلم أي أظهر لكم على رؤوس الأشهاد وأعلمكم أي شيء كنتم تفعلون في الدنيا على الاستمرار وأرتب عليه جزاءه اللائق به ﴿وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـالِحَـاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِى الصَّـالِحِينَ﴾ أي في زمرة الراسخين في الصلاح
٤٤٩
ولنحشرنهم معهم وهم الأنبياء والأولياء وكل من صلحت سريرته مع الله والكمال في الصلاح منتهى درجات المؤمنين وغاية مأمول الأنبياء والمرسلين.
روي : أن سعد بن مالك وهو سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه من السابقين الأولين لما أسلم أو حين هاجر كما في "التكملة" قالت له أمه حمنة بنت أبي سفيان بن أمية : يا سعد ما هذا الذي قد أحدثت لتدعن دينك أو لا انتقل من الضح إلى الظل ولا آكل ولا أشرب حتى أموت فعير بي فيقال : يا قاتل أمه فلبثت ثلاثة أيام كذلك حتى جهدت أي وقعت في الجهد والمشقة بسبب الجوع فقال سعد : والله لو كان لك مائة نفس فخرجت نفساً نفساً ما كفرت فكلي وإن شئت فلا تأكلي فلما رأت ذلك أكلت فأمره الله تعالى أن يحسن إليها ويقوم بأمرها ويسترضيها فيما ليس بشرك ومعصية ويعرض عنها ويخالف قولها فيما أنكره الشارع.
قال الشيخ سعدي قدس سره :
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٤٨
ون نبود خويش را ديانت وتقوى
قطع رحم بهتر از مودت قربى
وفي "هدية المهديين" : يجب على المرء نفقة الأبوين الكافرين وخدمتهما وزيارتهما وإن خاف من أن يجلباه إلى الكفر ترك زيارتهما ويقود بهما زوجته لو كان كل منهما فاقد البصر من البيعة إلى البيعة لا العكس لأن الذهاب إليها معصية وإلى البيت لا ومنه يعلم أن الذمي إذا سأل مسلماً عن طريق البيعة لا يدله عليه.
سئل إبراهيم بن أدهم رحمه الله عن طريق بيت السلطان فأرشده إلى المقابر فضربه الجندي وشجه ثم عرفه واستعفاه فقال : كنت عفوت عنك في أول ضربة وقلت : اضرب رأساً ظالماً عصى الله كذا في "البزازية".
قال الإمام الغزالي رحمه الله : أكثر العلماء على أن طاعة الوالدين واجبة في الشبهات ولم تجب في الحرم المحض لأن ترك الشبهة ورع ورضى الوالدين حتم أي واجب.
ويجيب إذا كان في صلاة النافلة دعاء أمه دون دعوة أبيه أي يقطع صلاته ويقول لبيك مثلاً.
وقال الطحاوي : مصلي النافلة إذا ناداه أحد أبويه إن علم أنه في الصلاة وناداه لا بأس بأن لا يجيبه وإن لم يعلم يجيبه وأما مصلى الفريضة إذا دعاه أحد أبويه لايجيبه ما لم يفرغ من صلاته إلا إن ستغيثه لشيء لأن قطع الصلاة لا يجوز إلا لضرورة وكذلك الأجنبي إذا خاف أن يسقط من سطح أو تحرقه النار أو غرق في الماء وجب عليه أن يقطع الصلاة وإن كان في الفريضة وكذا لو قال له كافر : أعرض عليّ الإسلام أو سرق منه الدراهم أو فارت قدرها أو خافت على ولدها الفرض والنفل فيه سواء كما في "البزازية".
قال في "شرح التحفة" : لا يفطر في النافلة بعد الزوال إلا إذا كان في ترك الإفطار عقوق الوالدين ولا يتركهما لغزو أو حج أو طلب علم نفل فإن خدمتهما أفضل من ذلك وفي الخبر :"يسأل الولد عن الصلاة ثم عن حق الوالدين وتسأل المرأة عن الصلاة ثم عن حق الزوج ويسأل العبد عن الصلاة ثم عن حق المولى فإن أجاب تجاوز عن موقفه إلى موقف آخر من المواقف الخمسين وإلا عذّب في كل موقف ألف سنة ودعاء الوالدين على الولد لا يردّ" وقوله عليه السلام :"دعاء المرء على محبوبه خير بالنسبة إلى غيرهما" كما في "المقاصد الحسنة".
سأل الزمخشري بعض العلماء عن سبب قطع رجله قال : أمسكت عصفوراً في صباي وربطته بخيط في رجله وأفلت من يدي ودخل في خرق فجذبته فانقطعت رجله
٤٥٠
فتأملت والدتي وقالت : قطع الله رجل الأبعد كما قطعت رجله فلما رحلت إلى بخارى لطلب العلم سقطت من الدابة فانكسرت رجلي وقيل : أصابه البرد في الطريق فسقطت رجله وكان يمشي بخشب كذا في "روضة الأخبار".
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٤٨


الصفحة التالية
Icon