جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٥٢
قال الواسطي رحمه الله : لا يؤذي فيها إلا الأنبياء وخواص الأولياء وأكابر العباد فالصبر لازم في موطن الأذى والملام.
قال المولى الجامي :
٤٥٣
عاشق ثابت قدم آنكس بودكز كوي دوست.
رونكرداند اكر شمشير بارد بر شرس.
﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ ءَامَنُوا﴾ اللام للتبليغ، أي قال كفار مكة مخاطبين للمؤمنين استمالة ليرتدوا :﴿اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا﴾ أي : اسلكوا طريقتنا التي نسلكها في الدين عبر عن ذلك بالاتباع الذي هو المشي خلف ماش آخر تنزيلاً للمسلك منزلة السالك فيه.
﴿وَلْنَحْمِلْ خَطَـايَـاكُمْ﴾ أي إن كان لكم خطيئة تؤاخذون عليها وإن كان بعث ومؤاخذة كما تقولون أي لا بعث ولا مؤاخذة وإن وقع فرضاً نحمل آثامكم عنكم وهي جمع خطيئة من الخطأ وهو العدول عن الجهة فرد الله عليهم بقوله :﴿وَمَا هُم بِحَـامِلِينَ مِنْ خَطَـايَـاهُم مِّن شَىْءٍ﴾ أي والحال أنهم ليسوا بحاملين شيئاً من خطاياهم التي التزموا أن يحملوها كلها على أن من الأولى للتبيين والثانية مزيدة للاستغراق.
﴿إِنَّهُمْ لَكَـاذِبُونَ﴾ في دعوى الحمل بأنهم قادرون على إنجاز ما وعدوا.
﴿وَلَيَحْمِلُنَّ﴾ أي : هؤلاء القائلون ﴿أَثْقَالَهُمْ﴾ أي ذنوبهم التي عملوها وذلك يوم القيامة جمع ثقل بالكسر وسكون القاف كحمل وأحمال والثقل والخفة متقابلان وكل ما يترجح على ما يوزن به أو يقدر به يقال : هو ثقيل وأصله في الأجسام ثم يقال في المعاني : أثقله الغرم والوزر.
قال الراغب أثقالهم أي آثامهم التي تثقلهم وتثبطهم عن الثواب.
﴿وَأَثْقَالا﴾ آخر ﴿مَّعَ أَثْقَالِهِمْ﴾ وهي أثقال الإضلال فيعذبون بضلال أنفسهم وإضلال غيرهم من أن ينقص من أثقال من أضلوه شيء ما أصلاً فتكون أثقال المضلين زائدة على أثقال الضالين لأن من دعا إلى ضلالة فاتبع فعليه حمل أوزار الذين اتبعوه وكذا من سنّ سنة سيئة كما ورد في الحديث : وفي "المثنوي" :
هركه بنهد سنت بد أي فتى
تا در افتد بعد أو خلق ازعمى
جمع كردد بروى آن جمله بزه
كوسرى بودست وايشان دم غزه
﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالا﴾ سؤال تقريع وتبكيت لم فعلوه ولأي حجة ارتكبوه ﴿عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ أي يختلقونه في الدينا من الأكاذيب والأباطيل التي أضلوا بها ومن جملتها كذبهم هذا ويدخل في هذا بعض الجهلة حيث يقول لمثله : افعل هذا وإثمه في عنقي ثم التعبير عن الخطايا بالأثقال للإيذان بغاية ثقلها.
قال الشيخ سعدي قدس يره :
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٥٢
مرو زير باركناه أي سر
كه حمال عاجز بود در سفر
يعني أن الحمال يعجز عن حمل الثقيل خصوصاً إذا كان المنزل بعيداً وفي الطريق عقبات.
ثم إن الخطايا على تفاوت في الثقل وفي الخبر :"التهمة على البريء أثقل من سبع سماوات وسبع أرضين وأثقل من جميع الموجودات" جبل الوجود والأنانيات كما ورد :"وجودك ذنب لا يقاس عليه ذنب آخر".
جمعست خيرها همه در خانه ونيست
آن خانه را كليد بغير از فروتني
شرها بدين قياس ببكخانه داست جمع
وانرا كليد نيست بجزمائي ومني
وكما أن عذاب الإضلال والحمل على الكفر والمعاصي أشد فكذا عذاب إفساد استعداد الغير وحمله على الإنكار ومنعه عن سلوك طريق الحق ومثل هذا الإفساد أشد من الزنى
٤٥٤
لأن في الزنى يهلك الولد الصوري لبقائه بلا والد وفي الإفساد يهلك الولد المعنوي لبقائه بلا فيض وفساد المعنى أشد من فساد الصورة.
ففي الآية إشارة إلى حال أرباب الإلحاد والدعوى مع من يتبعهم ممن لا يفرق بين الفساد والصلاح والبقاء والهلاك اللهم اجعلنا من الثابتين على الطريق القويم.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٥٢


الصفحة التالية
Icon