وهو بالنصب على أنه خبر كان واسمها قوله :﴿إِلا أَن قَالُوا﴾ إلا قول بعضهم لبعض ﴿اقْتُلُوهُ﴾ أصل القتل إزالة الروح عن الجسد كالموت لكن إذا اعتبر بفعل المتولى لذلك يقال : قتل وإذا اعتبر بفوت الحياة يقال : موت.
﴿أَوْ حَرِّقُوهُ﴾ التحريق (نيك سوزانيدن) والفرق بين التحريق والإحراق وبين الحرق أن الأول إيقاع ذات لهب في الشيء ومنه استعير أحرقني بلومه إذا بالغ في أذيته بلوم والثاني إيقاع حرارة في الشيء من غير لهيب كحرق الثوب بالدق كما في "المفردات" وفيه تسفيه لهم حيث أجابوا من احتج عليهم بأن يقتل أو يحرق وهكذا ديدن كل محجوج مغلوب.
﴿فَأَنجَـاـاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ﴾ الفاء فصيحة أي فألقوه في النار فأنجاه الله من أذاها بأن جعلها عليه برداً وسلاماً روي أنه لم ينتفع يومئذ بالنار في موضع أصلاً وذلك لذهاب حرها ﴿إِنَّ فِى ذَالِكَ﴾ أي : في إنجائه منها ﴿لايَـاتٍ﴾ بينة عجيبة هي حفظه تعالى إياه من حرها وإخمادها مع عظمها في زمان يسير يعني عقيب احتراق الحبل الذي أوثقوه به لأنه ما أحرقت منه النار إلا وثاقه وأنشىء روض في مكانها يعني كل وريحان.
﴿لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ لأنهم المنتفعون بالتفحص عنها والتأمل فيها وأما الكافرون فمحرومون من الفوز بمغانم آثارها.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٦٠
وفيه إشارة إلى دعوة إبراهيم الروح نمرود النفس وصفاتها إلى الله تعالى ونهيهم عن عبادة الهوى والدنيا وما سوى الله وإلى إجابتهم إياه من لؤم طبعهم وغاية سفههم قولهم : اقتلوه بسيف الكفر والشرك أو أوقدوا عليه نار الشهوات والأخلاق الذميمة وحرقوه بها فخلص الله جوهر الروحية من حرقة النار الشهوات والأخلاق الذميمة ومتعه بالخصائص المودعة فيها مما لم يكن في جبلة الروح مركوزاً وكان به محتاجاً في سيره إلى الله ولهذه الاستفادة بعث إلى أسفل سافلين القالب.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٦٠
﴿وَقَالَ﴾ إبراهيم مخاطباً لقومه ﴿إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَـانًا﴾ أي : اتخذتموها آلهة لا لحجة قامت بذلك بل ﴿مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ﴾ أي : لتتوادوا بينكم وتتلاطفوا لاجتماعكم على عبادتها.
﴿فِي الْحَيَواةِ الدُّنْيَا﴾ يعني مدة بقائكم في الدنيا.
وبالفارسية ميخاهيد تاشمارا درعبادت آن ابتان اجتماعي باشد ودوستي بايكديكر تايكديكررا اتباع ميكنيد وبر آن اتباع دوست يكديكر ميشويد همنانكه مؤمنان در عبادت الله بايكديكر مهر دارند ودوستي وتادر دنيا باشيد آن دوستي باقيست).
﴿ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَـامَةِ﴾ بعد الخروج من الدنيا تنقلب الأمور ويتبدل التواد تباغضاً والتلاطف تلاعناً حيث و﴿يَكْفُرُ بَعْضُكُم﴾ وهم العبدة ﴿بِبَعْضٍ﴾ وهم الأوثان ﴿وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا﴾ أي : يلعن ويشتم كل فريق منكم ومن الأوثان حيث ينطقها الله الفريق الآخر واللعن طرد وإبعاد على سبيل السخط وهو من الإنسان دعاء على غيره.
وفي "التأويلات النجمية" : تكفر النفس بشهوات الدنيا إذا شاهدت وبال استعمالها وخسران حرمانها من شهوات الجنة وتلعن على الدنيا لأنها كانت سبباً لشقاوتها وتلعن الدنيا عليها كما قال عليه السلام :"إن أحدكم إذا لعن الدنيا : قالت الدنيا لعن الله أعصانا " جميعاً العابدون والمعبودون والتابعون والمتبعون ﴿النَّارِ﴾ أي هي منزلكم الذي تأوون إليه ولا ترجعون منه أبداً ﴿وَمَا لَكُم مِّن نَّـاصِرِينَ﴾ يخلصونكم منها كما خلصني ربي من النار التي ألقيتموني
٤٦٢
فيها وجمع الناصر لوقوعه في مقابلة الجمع، أي وما لأحد منكم من ناصر أصلاً :
ون بت سنكين شمارا قبله شد
لعنت وكورى شمارا ظاهر شد
نيست هركز ازخدا نفرت شما
شد محرم جنت ورحمت شما
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٦٢
﴿فَـاَامَنَ لَه لُوطٌ﴾ آمن له وآمن به متقارب في المعنى ولوط ابن أخته.
يعني :(خواهر زاده إبراهيم بود وبقولي برادر زاده أو) والمعنى صدقه في جميع مقالاته لا في نبوته وما دعا إليه من التوحيد فقط فإنه كان منزهاً عن الكفر وما قيل أنه آمن له حين رأى النار لم تحرقه ينبغي أن يحمل على ما ذكرنا أو على أنه يراد بالإيمان الرتبة العالية منه وهي التي لا يرتقي إليها إلا همم الأفراد وهو أول من آمن به ﴿وَقَالَ﴾ أي إبراهيم للوط وسارة وهي ابنة عمه وكانت آمنت به وكانت تحت نكاحه ﴿إِنِّى مُهَاجِرٌ﴾ أي تارك لقومي وذاهب ﴿إِلَى رَبِّى﴾ أي حيث أمرني والمهاجرة (از زميني شدن واز كسى ببريدن) ومنه الحديث :"لا يذكر الله إلا مهاجراً" أي : قلبه مهاجر للسانه غير مطابق له.
قال في "المفردات" : الهجر والهجران مفارقة الإنسان غيره إما بالبدن أو باللسان أو بالقلب.
قال بعض العارفين : إني راجع من نفسي ومن الكون إليه فالرجوع إليه بالانفصال عما دونه ولا يصح لأحد الرجوع إليه وهو متعلق بشيء من الكون حتى ينفصل عن الأكوان أجمع ولا يتصل بها.
قال الكمال الخجندي :
وصل ميسر نشود جز بقطع