قطع نخست ازهمه ببريدنست
﴿إِنَّه هُوَ الْعَزِيزُ﴾ الغالب على أمره فيمنعني من أعدائي.
﴿الْحَكِيمُ﴾ الذي لا يفعل إلا ما فيه حكمة ومصلحة فلا يأمرني إلا بما فيه صلاحي ومن لم يقدر في بلدة على طاعة الله فليخرج إلى بلدة أخرى.
وفي "التأويلات النجمية" :﴿إِنَّه هُوَ الْعَزِيزُ﴾ أي إن الله أعز من أن يصل إليه أحد إلا بعد مفارقته لغيره ﴿الْحَكِيمُ﴾ الذي لايقبل بمقتضى حكمته إلا طيباً من لوث أنانيته كما قال عليه السلام :"إن الله طيب لا يقبل إلا الطيب" انتهى.
روي : أن إبراهيم عليه السلام أول من هاجر ولكل نبي هجرة ولإبراهيم هجرتان فإنه هاجر من كوثى وهي قرية من سواد الكوفة مع لوط وسارة وهاجر إلى حران ثم منها إلى الشام فنزل فلسطين ونزل لوط سدوم (صاحب كشاف آورده كه إبراهيم دروقت هجرت هفتاد ون ساله بود ودرهمين سال خدا إسماعيل را بوي دادازها جركه كنيزك ساره خاتون بود وون سن مبارك آن حضرت بصد وبيست رسيد حق تعالى ويرا ازساره فرزندي بخشيد نانه ميفرمايد).
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٦٣
﴿وَوَهَبْنَا لَهُ﴾ من عجوز عاقر وهي سارة ﴿إِسْحَـاقَ﴾ ولداً لصلبه أي من بعد إسماعيل من هاجر ﴿وَيَعْقُوبَ﴾ نافلة وهي ولد الولد حين أيس من الولادة.
قال القاضي : ولذلك لم يذكر إسماعيل يعني أن المقام مقام الامتنان والامتنان لهما أكثر لما ذكر.
روي : أن الله تعالى وهب له أربعة أولاد إسحاق من سارة وإسماعيل من هاجر ومدين ومداين من غيرهما.
﴿وَجَعَلْنَا فِى ذُرِّيَّتِهِ﴾ في نسله يعني في بني إسماعيل وبني إسرائيل.
﴿النُّبُوَّةَ﴾ فكثر منهم الأنبياء يقال : أخرج من ذريته ألف نبي وكان شجرة الأنبياء.
﴿وَالْكِتَـابَ﴾ أي : جنس الكتاب المتناول الكتب الأربعة يعني التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ﴿وَءَاتَيْنَـاهُ أَجْرَهُ﴾ بمقابلة
٤٦٣
هجرته إلينا.
﴿فِى الدُّنْيَا﴾ بإعطاء الولد في غير أوانه والمال والذرية الطيبة واستمرار النبوة فيهم وانتماء أهل الملل إليه والثناء والصلاة عليه إلى آخر الدهر (ما وردي كويد مزداو دردنيا بقاء ضيافت اوست يعني همنانكه درحال حياة در مهما نخانه وي بساط دعوت انداخته حالا نيزهست وخاص وعام ازان مائده رفائده بهره مندند) :
سفره اش مبسوط بر أهل جهان
نعمتش مبذول شد بي امتنان
﴿وَإِنَّه فِى الاخِرَةِ لَمِنَ الصَّـالِحِينَ﴾ لفي عداد الكاملين في الصلاح وهم الأنبياء وأتباعهم عليهم السلام.
قال ابن عطاء : أعطيناه في الدنيا المعرفة والتوكل وإنه في الآخرة لمن الراجعين إلى مقام العارفين فالدنيا والآخرة حظ العارفين وذلك بمقاساتهم الشدائد ظاهراً وباطناً كالهجرة ونحوها.
اعلم أن الهجرة على قسمين صورية وقد انقطع حكمها بفتح مكة كما قال عليه السلام :"لا هجرة بعد الفتح" ومعنوية وهي السير من موطن النفس إلى الله تعالى بفتح كعبة القلب وتخليصها من أصنام الشرك والهوى فيجري حكمها إلى يوم القيامة وإذا سار الإنسان من موطن النفس إلى مقام القلب فكل ما أراده يعطيه الله وهو الأجر الدنيوي كما قال أبو سعيد الخراز رحمه الله : أقمنا بمكة ثلاثة أيام لم نأكل شيئاً وكان بحذائنا فقير معه ركوة مغطاة بحشيش وربما أراه يأكل خبزاً حوّاري فقلت له : نحن ضيفك فقال : نعم فلما كان وقت العشاء مسح يده على سارية فناولني درهمين فاشترينا خبزاً فقلت : بم وصلت إلى ذلك فقال : يا أبا سعيد بحرف واحد تخرج قدر الخلق من قلبك تصل إلى حاجتك.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٦٣
ثم اعلم بأن الله تعالى منّ على إبراهيم عليه السلام بهبة الولد والولد الصالح الذي يدعو لوالديه من الأجور الباقية الغير المنقطعة كالأوقاف الجارية والمصاحف المتلوة والأشجار المنتفع بها ونحوها وكذلك منّ عليه بأن جعل في ذريته النبوة.
والإشارة فيه أن من السعادات أن يكون في ذرية الرجل أهل الولاية الذين هم ورثة الأنبياء فإن بهم تقوم الدنيا والدين وتظهر الترقيات الصورية والمعنوية للمسلمين وتسطع الأنوار إلى جانب الأرواح المقربين وأعلى عليين فيحصل الفخر التام والشرف الشامل والانتفاع العام وهؤلاء إن كانا من النسب الطيني فذاك وإن كانوا من النسب الديني فالأولاد الطيبون والأحفاد الطاهرون مطلقاً من نعم الله الجليلة.
نعم الإله على العباد كثيرة
وأجلهن نجابة الأولاد
ربنا هب لنا من أزواجنا إلخ.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٦٣