قال وهب بن منبه : قرأت في بعض الكتب : حلاوة الدنيا مرارة الآخرة ومرارة الدنيا حلاوة الآخرة وظمأ الدنيا ريّ الآخرة وريّ الدنيا ظمأ الآخرة فرح الدنيا حزن الآخرة
٤٦٩
وحزن الدنيا وفرح الآخرة ومن قدم شيئاً من خير أو شر وجده والأمر بآخره ألا ترى أن هؤلاء المذكورين لما صار آخر أمرهم التذكيب أوخذوا عليه ولو صار التصديق لسومحوا فيما صدر عنهم أولاً.
والحاصل أنهم لما عاشوا على الإصرار هلكوا على العذاب ويحشرون على ما ماتوا عليه ولذا يقولون عند القيام من قبورهم : واويلاه فقط وعظ الله بهذه الآيات أهل مكة ومن جاء بعدهم إلى يوم القيام ليعتبروا وينتفعوا بعقولهم ويجتنبوا عن الظلم والأذى والاستكبار والإفساد فإن فيه الصلاح والنجاة والفوز بالمراد لكن التربية والإرشاد إنما تؤثر في المستعد من العباد.
قال الشيخ سعدي قدس سره :
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٦٩
ون بود أصل جوهري قابل
تربتي را درو اثر باشد
هي صيقل نكو نداند كرد
آهني راكه بدكهر باشد
والقرآن كالبحر وإنما يتطهر به من كان من شأنه ذلك كالإنسان وأما الكلب فلا.
سك بدرياي هفت كانه موى
كه ون ترشد ليدتر باشد
خر عيسى اكر بمكه برند
ون بيايد هنوز خرباشد
حكي : أن بعض المتشيخين ادعى الفضل بسبب أنه خدم فلاناً العزيز أربعين سنة فقال واحد من العرفاء : كان لذلك العزيز بغل قد ركبه أربعين سنة فلم يزل من أن يكون بغلاً حتى هلك على حاله أي لم يؤثر فيه ركوب الإنسان الكامل لعدم استعداده لكونه إنساناً فأفحم المدعي ولله دره نسأل الله الخروج من موطن النفس والإقامة في حظيرة القدس.
﴿مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَآءَ﴾ مثل الشيء بفتحتين صفته كما في "المختار" والاتخاذ افتعال من الأخذ والمراد بالأولياء الآلهة أي الأصنام.
والمعنى : صفتهم العجيبة فيما اتخذوه معتمداً.
﴿كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ﴾ يقع على الواحد والجمع والمذكر والمؤنث والغالب في الاستعمال التأنيث وتاؤه كتاب طاغوت أي زائدة لا للتأنيث.
﴿اتَّخَذَتْ﴾ لنفسها ﴿بَيْتًا﴾ أي : كمثلها فيما نسجته في الوهن بل ذلك أوهن من هذا لأن له حقيقة وانتفاعاً في الجملة فالآية من قبيل تشبيه الهيئة بالهيئة لتشبيه حال من اتخذ الأصنام أولياء وعبدها واعتمد عليها راجياً نفعها وشفاعتها بحال العنكبوت التي اتخذت بيتاً فكما أن بيتها لا يدفع عنها حراً ولا برداً ولا مطراً ولا أذى وينتقض بأدنى ريح فكذلك الأصنام لا تملك لعابديها نفعاً ولا ضراً ولا خيراً ولا شراً
يش وب ويش سنك نقش كند
كه ساكولان سرها مي نهند
ومن تخيل السراب شراباً لم يلبث إلا قليلاً حتى يعلم أنه كان تخييلاً ومن اعتمد شيئاً سوى الله فهو هباءً لا حاصل له وهلاكه في نفس ما اعتمد ومن اتخذ سواه ظهيراً قطع من نفسه سبيل العصمة ورد إلى حوله وقوته.
وفي الآية إشارة إلى أن الذين اتخذوا الله ولياً وعبدوه واعتمدوا عليه وهم المؤمنون فمثلهم كمثل من بنى بيتاً من حجر وجص له حائط يحول عن تطرق الشرور إلى من فيه وسقف مظل يدفع عنه البرد والحر.
دوستيهاي همه عالم بروب از دل كمال
اك بايد داشتن خولت سراي دوست را
﴿وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ﴾ أي : أضعفها.
وبالفارسية (سست ترين خانها) ﴿لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ﴾
٤٧٠
لا بيت أوهن منه فيما تتخذه الهوام لأنه بلا أساس ولا جدار ولا سقف لا يدفع الحر والبرد ولذا كان سريع الزوال.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٦٩
وفيه إشارة إلى أنه لا أصل لموالاة ما سوى الله فإنه لا أس لبنيانها يقول الفقير :
تكيه كم كن صوفي برد يوار غير
غير أو ديار ني خلاق دير
﴿لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ أي : شيئاً من الأشياء لجزموا أن هذا مثلهم وأبعدوا عن اعتقاد ما هذا مثله.
قال الكاشفي :(صاحب بحر الحقائق آورده كه عنكبون هرند برخود مي تند ندان براي نفس خود ميسازد وقيد بدست واي خود مي نهد س خانه أو محبس أوست آنها نيزكه بدون خداي تعالى أوليا كيرند يعني رستش هوا ويروي دنيا ومتابعت شيطان ميكنند بسلاسل وأغلال ووزر وبالمقيد كشته روى خلاصي ندارندوعاقبت در ملهكه نيران ودركه بعد وحرمان افتاده معاقب ومعذب كردند وبعضي هواي نفس را در بي اعتباري بتار عنكبوت تشبيه كرده اند) كما قيل :
از هوا بكذر كه س بي اعتبار افتاده است
رشته دام هوا ون تار بيت عنكبوت
اللهم ارزقنا دنيا بلا هوى وخلصنا مما يطلق عليه السوى.
قال بعض العارفين :(عاشقان در دمي عيد كنند عنكبوتان مكس قديدكنند.
دو عيد عبارتست از نيستي هستي كه هر لحظه در نظر عارف واقع است ه عيد در إصلاح ما يعود على القلباست.
وجماعتي كه بدام تعينات كرفتارندكه عنكبوتان عبارت ازان جماعت است مكس قديد كنند يعني وجودات موهومه عالم را متحقق مي شمارند واز حقيقت حال غافلندكه اشيارا وجود حقيقي نيست وموجوديت اشيا عبارت از نسبت وجود حقست با يشان وون ان نسبت قطع كرده ميشود اشيا معدوما نندكه) التوحيد : إسقاط الإضافات.


الصفحة التالية
Icon