﴿وَمَا يَجْحَدُ بآياتنا﴾ مع كونها كما ذكر ﴿إِلا الظَّـالِمُونَ﴾ أي المتجاوزون للحدود في الشر والمكابرة والفساد.
روي : أن المسيح ابن مريم عليه السلام قال للحواريين :"أنا أذهب وسيأتيكم الفارّ قليط" يعني محمداً ﷺ روح الحق الذي لا يتكلم من قبل نفسه ولكنه ما يسمع به يكلمكم ويسوسكم بالحق ويخبركم بالحوادث والغيوب وهو يشهد لي كما شهدت له فإني جئتكم بالأمثال وهو يأتيكم بالتأويل ويفسر لكم كل شيء.
قوله : يخبركم بالحوادث.
يعني ما يحدث في الأزمنة المستقبلة مثل خروج الدجال وظهور الدابة وطلوع الشمس من مغربها وأشباه ذلك ويعني بالغيوب أمر القيامة من الحساب والجنة والنار مما لم يذكر في التوراة والإنجيل والزبور وذكره نبينا ﷺ كذا في "كشف الأسرار".
وفي الآية إشارة إلى أن الحرمان من رؤية الآيات من خصوصية رين الجحد والإنكار إذا غلب على القلوب فتصدأ كما تصدأ المرآة فلا تظهر فيها نقوش الغيوب وتعمي عن رؤية الآيات : قال الكمال الخجندي.
٤٨٢
له في كل موجود علامات وآثار
دو عالم برز معشوقست كويك عاشق صادق
قال الشيخ المغربي قدس سره :
نخست ديده طلب كن بس آنكهى ديار
ازانكه يار كند جلوه بر اولو الابصار
تراكه جثم نباشد جه حاصل ازشاهد
تراكه كوش نباشد جه سود از كفتار
اكرجه آينه دارى از براى رخش
ولى سود كه دارى هميشه آينه تار
بيا بصيقل توحيد ز آينه بز داى
عبار شرك تاباك كردد از زنكار
قال إبراهيم الخواص رحمه الله : دواء القلب خمسة : قراءة القرآن بالتدبر.
والخلاء.
وقيام الليل والتضرع إلى الله عند السحر.
ومجالسة الصالحين جعلنا الله وإياكم من أهل الصلاح والفلاح إنه القادر الفتاح فالق الأصباح خالق المصباح.
﴿وَقَالُوا﴾ أي كفار قريش ﴿لَوْلا﴾ تحضيضية بمعنى هلا.
وبالفارسية (جرا).
﴿أُنزِلَ﴾ (فرو فرستاه نمي شود) ﴿عَلَيْهِ﴾ على محمد ﴿مِّن رَّبِّهِ قُلْ﴾ مثل ناقة صالح وعصا موسى ومائدة عيسى عليهم السلام ﴿قُلْ إِنَّمَا الآيات عِندَ اللَّهِ﴾ في قدرته وحكمته ينزلها كما يشاء وليس بيدي شيء فآتيكم بما تقترحونه.
﴿وَإِنَّمَآ أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾ ليس إلا الإنذار والتخويف من عذاب الله بما أعطيت من الآيات.
يعني :(تخويف مينكم بلغتى كه شمادر يابيد) وهو معنى الظهور.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٧٩
قال في "كشف الأسرار" : والحكمة في ترك إجابة النبي عليه السلام إلى الآيات المقترحة أنه يؤدي إلى ما لا يتناهى وإن هؤلاء طلبوا آيات تضطرهم إلى الإيمان فلو أجابهم إليها لما استحقوا الثواب على ذلك انتهى ولو لم يؤمنوا لاستأصلوا وعذاب الاستئصال مرفوع عن هذه الأمة ببركة النبي عليه السلام ثم قال تعالى بياناً لبطلان اقتراحهم.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٧٩
﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ﴾ الهمزة للإنكار والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام والكفاية ما فيه سد الخلة وبلوغ المراد في الأمر أي أقصر ولم يكفهم آية مغنية عما اقترحوه.
﴿أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَـابَ﴾ الناطق بالحق المصدق لما بين يديه من الكتب السماوية وأنت بمعزل من مدارستها وممارستها ﴿يُتْلَى عَلَيْهِمْ﴾ بلغتهم في كل زمان ومكان فلا يزال معهم آية ثابتة لا تزول ولا تضمحل كما تزول كل آية بعد كونها وتكون في مكان دون مكان.
وفيه إشارة إلى عمى بصر قلوبهم حيث لم يروا الآية الواضحة التي هي القرآن حتى طلبوا الآيات وإلى أن تيسير قراءة مثل هذا القرآن في غير كاتب وقارىء وإنزاله عليه وحفظه لديه وإحالة بيانه إليه آية واضحة.
﴿إِنَّ فِى ذَالِكَ﴾ الكتاب العظيم الشان الباقي على ممر الدهور والأزمان.
﴿لَرَحْمَةً﴾ أي : نعمة عظيمة ﴿وَذِكْرَى﴾ أي تذكرة.
وبالفارسية(يندي ونصيحتي) ﴿لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ أي لقوم همهم الإيمان لا التعنت كأولئك المقترحين.
وفي "المثنوي" :
بند كفتن باجهول خابناك
تخم افكندن بود درشوره خاك
﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ﴾ أي كفى الله والباء صلة ﴿بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا﴾ بما صدر عني وعنكم ﴿يَعْلَمُ مَا فِى السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ﴾ أي : من الأمور التي من جملتها شأني وشأنكم.
﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ﴾ الذي لا يجوز الإيمان به كالصم والشيطان وغيرهما.
وفيه إشارة إلى أن من
٤٨٣
أبصر بعين النفس لا يرى إلا الباطل فيؤمن به.
﴿وَكَفَرُوا بِاللَّهِ﴾ الذي يجب الإيمان به مع تعاضد موجات الإيمان.
﴿أولئك هُمُ الْخَـاسِرُونَ﴾ المغبونون في صفقتهم الأخروية حيث اشتروا الكفر بالإيمان وضيعوا الفطرة الأصلية والأدلة السمعية الموجبة للإيمان :
عمر تو كنج وهر نفس ازوى بكل كهر
كنحى حنين لطيف مكن رايكان تلف
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٨٣


الصفحة التالية
Icon