﴿وَكَأَيِّن مِّن دَآبَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا﴾ كأين للتكثير بمعنى كم الخبرية ركب كاف التشبيه مع أي فجرد عنها معناها الإفرادي فصار المجموع كأنه اسم مبني على السكون آخره نون ساكنة كما في من لا تنوين تمكين ولهذا يكتب بعد الياء نون مع أن التنوين لا صورة له في الخط وهو مبتدأ.
وجملة قوله الله يرزقها خبره.
ولا تحمل صفة دابة.
والدابة كل حيوان يدب ويتحرك على الأرض مما يعقل.
والحمل بالفتح :(برداشتن بسروبه بشت) وبالكسر اسم للمحمول على الرأس وعلى الظهر.
والرزق لغة ما ينتفع به واصطلاحاً اسم لما يسوقه الله إلى الحيوان فيأكله.
روي : أن النبي ﷺ لما أمر المؤمنين الذين كانوا بمكة بالمهاجرة إلى المدينة قالوا : كيف نقدم بلدة ليس لنا فيها معيشة؟ فنزلت والمعنى وكثير من دابة ذات حاجة إلى الغذاء لا تطيق حمل رزقها لضعفها أو تدخره وإنما تصبح ولا معيشة عندها (وذخيره كننده ازجانوران آميست وموش ومور وكفته اند سياه كوش ذخيره نهد وفراموش كند.
ودر كشاف از بعضى نقل ميكند كه بلبلى را ديدم خوردنى درزير بالهاي خودنهان ميكرد القصه جانوران بسيارند ازدواب وطيور ووحوش وسباع وهوام وحيوانات آبى كه ذخيره ننهند وحامل رزق خوثد نشوند) ﴿اللَّهُ يَرْزُقُهَا﴾ يعطي رزقها يوماً فيوماً حيث توجهت يرزق ﴿إِيَّاكُمْ﴾ حيث كنتم أي ثم إنها مع ضعفها وتوكلها وإياكم واجتهادكم سواء في أنه لا يرزقها وإياكم إلا الله لأن رزق الكل بأسباب هو المسبب لها وحده فلا تخافوا الفقر بالمهاجرة والخروج إلى دار الغربة
هست زفيض كرم ذوا الجلال
مشرب ارزاق بر آب ولال
شاه وكدا روزى ازان منخوريد
مور وملخ قسمت ازاوميبرند
﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ المبالغ في السمع فيسمع قولكم هذا في أمر الرزق المبالغ في العلم فيعلم ضمائركم.
وقال الكاشفي :(دانا بآنكه شمارا رزوى از كجادهد).
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٨٦
﴿وَلَـاـاِن سَأَلْتَهُم﴾ أي أهل مكة ﴿مِنْ﴾ استفهام ﴿خَلَقَ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ﴾ لمصالح العباد حيث يجريان على الدوام والتسخير جعل الشيء منقاداً للآخر وسوقه إلى الغرض المختص به قهراً.
﴿لَيَقُولُنَّ﴾ خلقهن ﴿اللَّهِ﴾ إذ لا سبيل لهم إلى الإنكار لما تقرر في المعقول من وجوب انتهاء الممكنات إلى واحد واجب الوجود ﴿فَأَنَّى﴾ (بس كجا)
٤٨٨
﴿يُؤْفَكُونَ﴾ الإفك بالفتح الصرف والقلب وبالكسر كل مصروف عن وجهه الذي يحق أن يكون عليه أي فكيف يصرفون عن الإقرار بتفرده في الإلهية مع إقرارهم بتفرده فيما ذكر من الخلق والتسخير فهو إنكار واستبعاد لتركهم العمل بموجب العلم وتوبيخ وتقريع عليه وتعجيب منه.
﴿اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ﴾ أن يبسط له ﴿مِنْ عِبَادِهِ﴾ مؤمنين أو كافرين.
اديم زمين سفره عام اوست
برين خوان يعنماجه دشمن جه دوست
﴿وَيَقْدِرُ﴾ (تنك ميسازد) ﴿لَهُ﴾ أي : لمن يشاء أن يقدر له منهم كأئناً من كان على أن الضمير مبهم حسب إبهام مرجعه ويحتمل أن يكون الموسع له والمضيق عليه واحداً على أن البسط والقبض على التعاقب أي يقدر لمن يبسط له على التعاقب.
قال الحسن : يبسط الرزق لعدوه مكراً به ويقدر على وليه نظراً له فطوبى لمن نظر الله إليه ﴿إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ﴾ فيعلم من يليق ببسط الرزق فيبسط له ويعلم من يليق بقبضه فيقبض له أو يعلم أن كلاً من البسط والقبض في أي وقت يوافق الحكمة والمصلحة فيفعل كلاً منهما في وقته وفي الحديث القدسي :"إن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الغني ولو أفقرته لأفسده ذلك وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك".
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٨٨
﴿وَلَـاـاِن سَأَلْتَهُم﴾ أي مشركي العرب ﴿مِنْ﴾ (كه) ﴿نَّزَّلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَحْيَا﴾ (بس زنده كرد وتازه ساخت) ﴿بِهِ﴾ (بسبب آن آب) ﴿الارْضِ﴾ بإخراج الزرع والنبات والأشجار منها ﴿مِنا بَعْدِ مَوْتِهَا﴾ يبسها وقحطها.
وبالفارسية :(بس از مردكي وافسر دكي).
ويقال للأرض التي ليست بمنبتة : ميتة لأنه لا ينفع بها كما لا ينتفع بالميتة ﴿لَيَقُولُنَّ﴾ نزل وأحيا ﴿اللَّهِ﴾ أي يعترفون بأنه الموجد للممكنات بأسرها أصولها وفروعها ثم إنهم يشركون به بعض مخلوقاته الذي لا يكاد يتوهم منه القدرة على شيء ما أصلاً.
﴿قُلِ الْحَمْدُ﴾ على أن جعل الحق بحيث لا يجترىء المبطول على جحوده وأن أظهر حجتك عليهم ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ﴾ أي : أكثر الكفار.
﴿لا يَعْقِلُونَ﴾ أي شيئاً من الأشياء فلذلك لا يعملون بمقتضى قولهم فيشركون به سبحانه أخس مخلوقاته وهو الصنم.
يقول الفقير أغناه الله القدير : قد ذكر الله تعالى آية الرزق ثم آية التوحيد ثم كررهما في صورتين أخريين تنبيهاً منه لعباده المؤمنين على أنه سبحانه لا يقطع أرزاق الكفار مع وجود الكفر والمعاصي فكيف يقطع أرزاق المؤمنين مع وجود الإيمان والطاعات


الصفحة التالية
Icon