وفي "التأويلات النجمية" يشير إلى أن الزكاة إنما وجبت لتزكية النفس عن الصفات الذميمة النجسة من حب الدنيا أو غيره كقوله :﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا﴾ (التوبة : ١٠٣) فإن الفلاح في تزكية النفس كقوله :﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى﴾ (الأعلى : ١٤)، وقوله :﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّـاـاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّـاـاهَا﴾ (الشمس : ٩ ـ ـ ١٠)، ولم يكن المراد مجرد إعطاء المال وحبه في القلب وإنما كان لمصلحة إزالة حب الدنيا عن القلب ومثل حب الدنيا جميع الصفات الذميمة إلى أن تتم إزالتها :
﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ﴾ الفرج والفرجة الشق بين الشيئين كفرجة الحائط والفرج ما بين الرجلين وكني به عن السوءة وكثر حتى صار كالصريح فيه.
﴿حَـافِظُونَ﴾ ممسكون لها من الحرام ولا يرسلونها ولا يبذلونها.
﴿إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ﴾ زوجاتهم فإن الزوج يقع على الذكر والأنثى.
﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـانُهُمْ﴾ يعني :(كنيز كان كه مليكة يمين اند) فما ملكت أيمانهم وإن كان عاماً للرجال أيضاً لكنه مختص بالنساء إجماعاً وإنما قال ما أجراء للمماليك مجرى غير العقلاء إذا الملك أصل شايع فيه.
قال في "الأسئلة المقحمة" : كيف يجوز أن يسمى الرقيق ملك يمين ولا يسمى به سائر الأملاك الجواب ملك الجارية والعبد أخص لأنه يختص بجواز التصرف فيه ولا يعم كسائر الأملاك فإن مالك الدار مثلاً، يجوز له نقض الدار ولا يجوز لمالك العبد نقض بنيته انتهى.
وإفراد ذلك بعد تعميم قوله والذين هم عن اللغو معرضون لأن المباشرة أشهى الملاهي إلى النفس وأعظمها خطراً.
﴿فَإِنَّهُمْ﴾ (س بدرستي كه نكاه دار ندكان فروج) ﴿غَيْرُ مَلُومِينَ﴾ على عدم حفظها منهن (بشرط آنكه در حيض ونفاس وروزه واحرام نباشد)، واللوم عذل إنسان بنسبته إلى ما فيه لوم.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٦٧
وفي "التهذيب" : اللوم :(ملامت كردن).
قال في "الأسئلة المقحمة" : أي فرق بين الذم واللوم الجواب أن الذم يختص بالصفات يقال الكفر مذموم واللوم يختص بالأشخاص يقال فلان ملوم.
وفي "التأويلات النجمية" : يعني يحفظون عن التلذذ بالشهوات أي لا يكون أزواجهم وإمائهم عدواً لهم بأن يشغلهم عن الله وطلبه فحينئذٍ يلزم الحذر منه، كقوله :﴿عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ﴾ (التغابن : ١٤) وإنما ذكر بلفظ على لاستيلائهم على أزواجهم لا لاستيلائهن عليهم وكانوا عليهن لا مملوكين لهن فإنهم غير ملومين إذا كانت المناكحة لابتغاء النسل ورعاية السنة وفي أوانها.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٦٧
﴿فَمَنِ ابْتَغَى﴾ طلب : وبالفارسية (س هركه جويد براي مباشرت)، ﴿وَرَآءَ ذَالِكَ﴾ الذي ذكر من الحد المتسع وهو أربع من الحرائر وما شاء من الإماء.
وبالفارسية ؛ (غير زنان وزكنيزان خود)، ﴿فأولئك هُمُ الْعَادُونَ﴾ الكاملون في العدوان المتناهون فيه أو المتعدون من الحلال إلى الحرام والعدوان الإخلال بالعدالة والاعتداء مجاوزة الحق : وبالفارسية، (كاملند درست مكاري با ايشان ودركذرندكانند از حلال بحرام وانكه استمنا بيدكندهم ازين قبل است) كما في "تفسير الفارسي".
قال في "أنوار المشارق في الحديث" :"ومن لم يستطع" أي التزوج "فعليه بالصوم" استدل به بعض المالكية على تحريم الاستمناء لأنه أرشد عند العجز عن التزوج إلى أن الصوم الذي يقطع الشهوة جائز وفي رواية "الخلاصة" : الصائم
٦٨
إذا عالج ذكره حتى أمنى يجب عليه القضاء ولا كفارة عليه ولا يحل هذا الفعل خارج رمضان إن قصد تسكين شهوته وأرجو أن لا يكون عليه ويل.
وفي بعض "حواشي البخاري" : والاستمناء باليد حرام بالكتاب والسنة قال الله تعالى :﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَـافِظُونَ﴾ إلى قوله :﴿فأولئك هُمُ الْعَادُونَ﴾ أي : الظالمون المتجاوزون الحلال إلى الحرام.
قال البغوي : في الآية دليل على أن الاستمناء باليد حرام.
قال ابن جريج : سألت عطاء عنه فقال : سمعت أن قوماً يحشرون وأيديهم حبالى وأظنهم هؤلاء.
وعن سعيد بن جبير عذب الله أمة كانوا يبعثون بمذاكرهم والواجب على فاعله التعزير كما قال ابن الملقن وغيره، نعم يباح عند أبي حنيفة وأحمد إذا خاف على نفسه الفتنة وكذلك يباح الاستمناء بيد زوجته أو جاريته لكن قال القاضي حسين مع الكراهة لأنه في معنى العزل.
وفي "التاتارخانية" قال أبو حنيفة : حسبه أن ينجو رأساً برأس.
﴿وَالَّذِينَ هُمْ لامَـانَـاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ﴾ لما يؤتمنون عليه ويعاهدون من جهة الحق أو الخلق.
وبالفارسية يعني : حايشانرا بران امين ساخته باشند ازامانات وودايع خلق يا انه أمانت حق است ون نماز وروزه وغسل جنابت وبرعهد اك باحق وخلق بندند) والأمانة اسم لما يؤتمن عليه الإنسان والعهد حفظ الشيء ومراعاته حالاً بعد حال ويسمى الموثق الذي يلزم مراعاته عهداً ﴿رَاعُونَ﴾ أي قائمون عليها وحافظون لها على وجه الإصلاح.


الصفحة التالية
Icon