قال في "المفردات" : العنب يقال لثمرة الكرم والكرم نفسه الواحدة عنبة انتهى.
قال الكاشفي :(تخصيص اين دو درخت جهت اختصاص أهل مدينة بخرما وأهل طائف بانكوراست ونخل وعنب در زمين حجاز ازهمه ديار عرب بيشتر مي باشد) ﴿لَّكُمْ فِيهَا﴾ أي في تلك الجنات ﴿فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ﴾ تتفكهون بها.
قال في "المفردات" : الفاكهة قيل هي الثمار
٧٤
كلها وقيل : بل هي الثمار ما عدا العنب والرمان وقائل هذا كأنه نظر إلى اختصاصهما بالذكر وعطفهما على الفاكهة انتهى.
قال أبو حنيفة رحمه الله إذا حلف لا يأكل فاكهة فأكل رطباً أو عنباً أو رماناً لم يحنث لأن كلاً منها وإن كان فاكهة لغة وعرفاً إلا أن فيه معنى زائداً على التفكه، أي التلذذ والتنعم وهو الغدائية وقوام البدن فيه فبهذه الزيادة يخص من مطلق الفاكهة وخالفه صاحباه ﴿وَمِنْهَا﴾ أي من الجنات ثمارها وزروعها ﴿تَأْكُلُونَ﴾ تغذياً أو ترزقون وتحصلون معايشكم من قولهم فلان يأكل من حرفته كما قال الكاشفي (وما ما لا بد معيشت ازان حاصل ميكنيد).
وفي الآية إشارة إلى أنه كما أنزل من السماء ماء المطر الذي هو سبب حياة الأرضين كذلك أنزل من سماء العناية ماء الرحمة فيحيى القلوب ويزيل به دون العصاة وآثار زلتهم وينبت في رياض قلوبهم فنون أزهار البسط وصنوف أنوار الروح وإلى أنه كما يحيي الغياض بماء السماء ويثمر الأشجار ويجري به الأنهار فكذلك ماء سماء العناية ينشىء شجرة العرفان ويؤتي أكلها من الكشف والعيان وما تتقاصر العبارات عن شرحه ولا تطمع الإشارات في حصره ثم إن الله تعالى عد نعمه على العباد وأحسن الإرشاد فمن تجاوز من النعم إلى المنعم فقد فاز بالمطلوب الحقيقي.
فإن قلت : لم أمر الله بالزهد في الدنيا مع أنه خلقها له؟.
قلت السكر إذا نثر على رأس الختن فإنه لا يلتقطه لعلو همته ولو التقطه لكان عيباً والأولياء زهدوا فيها ومنعوا أنفسهم عن طيباتها وقنعوا بالقليل رجاء رفع الدرجات، وفي الحديث :"جوعوا أنفسكم لوليمة الفردوس" والضيف إذا كان حكيماً لا يشبع من الطعام رجاء الحلوى حكي : أن واحداً من أهل الرياضة مرّ من تحت شجرة فإذا ثمرها قد أدرك فحملته عليه نفسه للأكل منه فقال لها إن صمت سنة وإلا فلا فصامت حتى إذا كان وقت الثمر من السنة الآتية ذهب ليأكل منه فتناول من الساقط تحتها فقالت النفس إن على الشجرة أعلى الثمر فكل منه فقال لها : إن شرطي معك أن آكل منه مطلقاً لا من جيده الذي على الشجرة.
قال الشيخ سعدي قدس سره :
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٧٤
مرو در هره دل خواهدت
كه تمكين تن نور جان كاهدت
كند مردرا نفس إماره خوار
اكر هوشمندي عزيزش مدار
اكر هره باشد مرادت خوري
زدوران بسي نامرادي برى
قال بعضهم الجوز واللوز والفستق والبندق والشاه بلوط الصنوبر والرمان والنارنج والموز والخشخاش والرطب والزيتون والمشمش والخوخ والإجاص والعناب والغبيراء والدراق والزعرور والنبق والتفاح والكمثرى والسفرجل والتين والعنب والأترج والخرنوب والقثاء والخيار والبطيخ كلها من فواكه الجنة فالعشرة الأولى لها قشر والثانية لا قشر لها والعشرة الثالثة ليس لها قشر ولا نوى كما لا يخفى.
﴿وَشَجَرَةً﴾ بالنصب عطف على جنات وتخصيصها بالذكر من بين سائر الأشجار لاستقلالها بمنافع معروفة قيل : هي أول شجرة نبتت بعد الطوفان وهي شجرة الزيتون.
قال في "إنسان العيون" : شجرة الزيتون تعمر ثلاثة آلاف سنة.
وفي "المفردات" : الشجر من النبت ماله ساق يقال شجرة وشجر نحو ثمرة وثمر.
﴿تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ﴾ هو جبل بين مصر وآيلة نودي منه موسى عليه السلام.
وبالفارسية :
٧٥
(وديكر بيافريديم براي شما درختي كه بيرون مي آيدازكوه زيباكه جبل موسى است درميان مصر وايله) ويقال له : طور سنين ومعناه الحسن أو المبارك.
قال أهل التفسير : فإما أن يكون الطور اسم الجبل وسيناء اسم البقعة أضيف إليها أو المركب منهما علم له كامرىء القيس وهو بالفتح فعلاء كصحراء فمنع صرفه للتأنيث وبالكسر فيعال كديماس من السناء بالمد وهو الرفعة أو بالقصر وهو النور فمنع صرفه للتعريف والعجمة أو التأنيث على تأويل البقعة لا للألف وتخصيصها بالخروج منه مع خروجها من سائر البقاع أيضاً لتعظيمها ولأنه المنشأ الأعلى لها.