قال في "الجلالين" : يتشرف عليكم فيكون أفضل بأن يكون متبوعاً وتكونوا له تبعاً كقوله وتكون لكما الكبرياء في الأرض وصفوه بذلك إغضاباً للمخاطبين عليه وإغراء على معاداته ﴿وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ لانزَلَ مَلَائكَةً﴾ أي : لو شاء الله إرسال الرسول لأرسل رسلاً من الملائكة (تامر سل ازمرسل إليهم متميز بودي) وإنما قيل : لأنزل لأن إرسال الملائكة لا يكون إلا بطريق الإنزال فمفعول المشيئة مطلق الإرسال المفهوم من الجواب لا نفس مضمونه كما في قوله ولو شاء لهداكم ونظائره.
وفي "التأويلات النجمية" : يشير بهذا إلى مقالات بعض البطلة من
٧٨
الطلبة فإن بعضهم يتكاسلون في الطلب فيقولون لو شاء الله سعينا في الطلب لأيدنا بالصفات الملكية والتوفيق الرباني ﴿مَّا سَمِعْنَا بِهَـاذَا﴾ أي بمثل هذا الكلام الذي هو الأمر بعبادة الله خاصة ﴿فَقَالَ الْمَلَؤُا الَّذِينَ﴾ أي : الماضين قبل بعثته.
وفي "بحر العلوم" : بهذا أي بإرسال البشر وإن جاء ذكر من الله على رجل منهم كما قال الكاشفي :(مانشنودهايم أين رامه آدمي رسول خدا تواند بخلقان) قالوه إما لفرط غلوهم في التكذيب والعناد وإما لكونهم وآبائهم في فترة متطاولة يعني (ميان ادريس وميان ايشان مدتي مديد كذشته بود وشنوده بودندكه ازاولاد آدم يغمبري بوده).
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٧٨
﴿إِنْ هُوَ﴾ ما هو ﴿إِلا رَجُلُا بِه جِنَّةٌ﴾ أي : جنون ولذلك يقول ما يقول (اكر جنون نداشتي كه بشر قابليت رسالت ندارد) والجنون اختلال حائل بين النفس والعقل.
وفي "التأويلات النجمية" : يشير إلى أن أحوال أهل الحقيقة عند أرباب الطبيعة جنون كما أن أحوال أرباب الطبيعة عند أهل الحقيقة جنون انتهى والجنون المعتبر هو ترك العقل واختيار العشق : قال الحافظ :
درره منزل ليلى كه خطر هاست درو
شرط أول قدم آنست كه مجنون باشي
وقال الصائب :
روزن عالم غيبست دل أهل جنون
من وآن شهركه ديوانه فراوان باشد
﴿فَتَرَبَّصُوا بِهِ﴾ اصبروا عليه وانتظروا.
وبالفارسية (س انتظار بريد ويرا وشم داريد).
قال الراغب : التربص الانتظار بالشيء ساعة يقصد بها غلاء أو رخصاً أو أمراً ينتظر زواله أو حصوله ﴿حَتَّى حِينٍ﴾ إلى وقت يفيق من الجنون.
قال الكاشفي :(تاهنكامي از زمان يعني صبر كنيدكه اندك وقتي بميرد وازوى بازرهيم يا از جنون باهوش آيد وترك كفتن اين سخنان نموده ي كار خود كيرد).
﴿قَالَ﴾ نوح بعدما أيس من إيمانهم ﴿رَبِّ﴾ (أي روردكار من).
﴿انصُرْنِى﴾ بإهلاكهم بالكلية ﴿بِمَا كَذَّبُونِ﴾ أي بسبب تكذيبهم إياي أو بدل تكذيبهم.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٧٨
﴿فَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ﴾ عند ذلك، أي فأعلمناه في خفاء فإن الإيحاء والوحي إعلام في خفاء ﴿أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ﴾ أن مفسرة لما في الوحي من معنى القول والصنع إجادة الفعل ﴿بِأَعْيُنِنَا﴾ ملتبساً بحفظنا نحفظه من أن تخطىء في صنعته أو يفسده عليك مفسد يقال : فلان بعيني أي أحفظه وأراعيه كقولك : هو مني بمرأى ومسمع.
قال الجنيد قدس سره : من عمل على مشاهدة أورثه الله عليها الرضى قال الله تعالى :﴿وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا﴾ ﴿وَوَحْيِنَا﴾ وأمرنا وتعليمنا لكيفية صنعها روي : أنه أوحي إليه أن يصنعها على مثال الجؤجؤ.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٧٩
وفي "التأويلات النجمية" : ألهمنا إلى نوح الروح أن اصنع فلك الشريعة باستصواب نظرنا وأمرنا لا بنظر العقل وأمر الهوى كما يعمل الفلاسفة والبراهمة.
﴿فَإِذَا جَآءَ أَمْرُنَا﴾ أي : إذا اقترب أمرنا بالعذاب ﴿وَفَارَ التَّنُّورُ﴾ (وبجوشد تنور يعني بوقتي كه زن تونان بزد ازميان آتش آب بآيد) كما في "تفسير الفارسي".
والفور شدة الغليان ويقال ذلك في النار نفسها إذا هاجت وفي القدر وفي الغضب وفوارة الماء سميت تشبيهاً بغليان القدر ويقال الفور الساعة والتنور تنور الخبز ابتداء منه النبوع على خرق العادة وكان في الكوفة موضع مسجدها كما روي أنه
٧٩


الصفحة التالية
Icon