يقول الفقير : أحمد الله تعالى على نعمه المتوافرة لا سيما على المهاجرة التي وقعت مراراً وعلى المنزل وهي بلدة بروسه حيث جاء الفال بلدة طيبة ورب غفور وعلى الإنجاء من القوم الظالمين حيث أن كل من عاداني ورد موعظتي هلك مع الهالكين فجاءت عاقبة الابتلاء نجاة والقهر لطفاً والجلال جمالاً.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٧٩
﴿ثُمَّ أَنشَأْنَا مِنا بَعْدِهِمْ﴾ أي : أوجدنا وأحدثنا من بعد إهلاك قوم نوح ﴿قَرْنًا ءَاخَرِينَ﴾ هم عاد لقوله تعالى حكاية عن هود.
﴿وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِنا بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ﴾ (الأعراف : ٦٩) والقرن القوم المقترنون من زمن واحد أي أهل زمان واحد.
﴿فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ﴾ (س فرستاديم درميان إيشان) ﴿رَسُولا مِّنْهُمْ﴾ أي : من جملتهم نسباً وهو هود لا هود وصالح على أن يكون المراد بالقرن عاداً وثمود لأن الرسول بمعنى المرسل لا بد وأن يثنى ويجمع بحسب المقام كقوله :﴿إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ﴾ (طه : ٤٧) وجعل القرن موضعاً للارسال كما في قوله :﴿كَذَالِكَ أَرْسَلْنَـاكَ فِى أُمَّةٍ﴾ (الرعد : ٣٠) ونحوه لا غاية له كما في مثل قوله تعالى :﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ﴾ (العنكبوت : ١٤) للإيذان من أول الأمر بأن من أرسل إليهم لم يأتهم من غير مكانهم بل إنما نشأ فيما بين أظهرهم ﴿أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ﴾ أن مفسرة لأرسلنا لما في الإرسال من معنى القول أي قلنا لهم على لسان الرسول أن اعبدوا الله تعالى وحده لأنه ﴿مَا لَكُم مِّنْ إِلَـاهٍ غَيْرُه﴾ مر إعرابه ﴿أَفَلا تَتَّقُونَ﴾.
قال في "بحر العلوم" : أتشركون بالله فلا تخافون عذابه على الاشراك انتهى فالشرك وعدم الاتقاء كلاهما منكران.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٨١
﴿وَقَالَ الْمَلا مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾.
قال الراغب : الملأ الجماعة يجتمعون على رأي فيملؤون العيون روعاء والنفوس دلالة وبهاء أي أشراف قومه الكافرين وصفوا بالكفر ذماً لهم وذكره بالواو دون الفاء كما في قصة نوح لأن كلامهم لم يتصل بكلام الرسول ومعناه أنه اجتمع في الحصول ذلك القول الحق وهذا القول الباطل وشتان ما بينهما.
قال في "برهان القرآن" : قدم من قومه في هذه الآية وأخر فيما قبلها لأن صلة الذين فيما قبل اقتصرت على فعل وضمير الفاعلين ثم ذكر بعده
٨١
الجار والمجرور ثم الفاعل ثم المفعول وهو المقول وليس كذلك هذه فإن صلة الموصول طالت بذكر الفاعل والمفعول والعطف عليه مرة أخرى فقدم الجار والمجرور لأن تأخيره ملبس وتوسطه ركيك فخص بالتقديم.
﴿وَكَذَّبُوا بِلِقَآءِ الاخِرَةِ﴾ أي : بالمصير إلى الآخرة بالبعث والحشر أو بلقاء ما فيها من الحساب والثواب والعقاب ﴿وَأَتْرَفْنَـاهُمْ﴾ أي : نعمناهم ووسعنا عليهم.
وبالفارسية :(ونعمت داده بودم ايشانرا) يقال : ترف فلان أي توسع في النعمة وأترفنه النعمة أطغته.
﴿وَقَالَ الْمَلا مِن﴾ بكثرة الأموال والأولاد أي قالوا لأعقابهم مضلين لهم.
﴿مَا هَـاذَآ﴾ أي : هود ﴿إِلا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ﴾ في الصفات والأقوال البشرية ﴿يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ﴾ أي تشربون منه وهو تقرير للمماثلة.
يعني (بغداء محتاجست مانندشما اكر نبي بودي بايستي كه متصف بصفات ملائكة بودي نخوردي ونياشاميدي).
﴿وَلَـاـاِنْ أَطَعْتُم بَشَرًا مِّثْلَكُمْ﴾ أي فيما ذكر من الأحوال والصفات أي وبالله إن امتثلتم أوامره ﴿إِنَّكُمْ إِذًا﴾ أي : على تقدير الإطاعة : وبالفارسية (آنكاه).
﴿لَّخَـاسِرُونَ﴾ عقولكم ومغبونون في آرائكم حيث اذللتم أنفسكم.
وقال الكاشفي :(زيان زد كانيدكه خودرا مأمور ومتبوع مثل خود سازيد) انظر كيف جعلوا أتباع الرسول الحق الذي يوصلهم إلى سعادة الدارين خسراناً دون عبادة الأصنام التي لا خسران وراءها قاتلهم الله وإذن وقع بين اسم إن وخبرها لتأكيد مضمون الشرط والجملة جواب لقسم محذوف.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٨١
قال بعض الفضلاء : إذن ظرف حذف منه ما أضيف إليه ونون عوضاً.
وفي "العيون" : إذن جواب شرط محذوف أي إنكم إن أطعتموه إذن لخاسرون.
﴿أَيَعِدُكُمْ﴾ (ايا وعده ميدهد شمارا اين ـيغمبر).
﴿أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ﴾ بكسر الميم من مات يمات وقرىء بضمها من مات يموت ﴿وَكُنتُمْ﴾ وصرتم.
﴿تُرَابًا وَعِظَـامًا﴾ نخرة مجردة عن اللحوم والأعصاب أي كان بعض أجزائكم من اللحم ونظائره وبعضها عظاماً وتقديم التراب لعراقته في الاستبعاد وانقلابه من الأجزاء البادية أو كان متقدموكم تراباً صرفاً ومتأخروكم عظاماً.
يقول الفقير : الظاهر أن مرادهم بيان صيرورتهم عظاماً ثم تراباً لأن الواو لمطلق الجمع.
﴿إِنَّكُمْ﴾ تأكيد للأول لطول الفصل بينه وبين خبره الذي هو قوله :﴿مُّخْرَجُونَ﴾ أي من القبور أحياء كما كنتم.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٨١


الصفحة التالية
Icon