قال الكاشفي :(يعني كمان ميبرندكه إمداد ما ايشانرا بمال وفرزند مسارعتست ازما براى ايشان درنيكوبي وأعمال ايشانرا استحقاق آن هست ما اداش آن با ايشان نيكوبي كنيم) ﴿بَلْ﴾ (نه نين است كه مي ندارند بلكه) ﴿لا يَشْعُرُونَ﴾ (نميدانندكه اين امداد استدراجست نه مسارعت در خير) فهو عطف على مقدر أي كلا لا نفعل ذلك بل هم لا يشعرون بشيء أصلاً كالبهائم لا فطنة لهم ولا شعور ليتأملوا ويعرفوا أن ذلك الإمداد استدراج واستجرار إلى زيادة الإثم
٨٩
وهم يحسبونه مسارعة لهم في الخيرات ـ ـ روي ـ ـ في الخبر : إن الله تعالى أوحى إلى نبي من الأنبياء أيفرح عبدي أن أبسط له في الدنيا فهو أبعد له مني أيجزع عبدي المؤمن أن أقبض عنه الدنيا وهو أقرب له مني ثم قال أيحسبون أن ما نمدهم" إلخ.
قال بعض الكبار : إن الله تعالى امتحن الممتحنين بزينة الدنيا ولذتها وجاهها ومالها وخيراتها فاستلذوها واحتجبوا بها عن مشاهدة الرحمن وظنوا أنهم نالوا جميع الدرجات وأنهم مقبولون حين أعطوا هذه الفانيات ولم يعلموا أنها استدراج لا منهاج.
قال عبد العزيز المكي : من تزين بزينة فانية فتلك الزينة تكون وبالاً عليه إلا من تزين بما يبقى من الطاعات والموافقات والمجاهدات، فإن الأنفس فانية والأموال عواري والأولاد فتنة فمن تسارع في جمعها وحظها وتعلق قلبه بها قطع عن الخيرات أجمع وما عبد الله بطاعة أفضل من مخالفة النفس والتقلل من الدنيا وقطع القلب عنها لأن المسارعة في الخيرات هو اجتناب الشرور وأول الشرور حب الدنيا لأنها مزرعة الشيطان فمن طلبها وعمرها فهو حزبه وعبده وشر من الشيطان من يعين الشيطان على عمارة داره.
ومن كلمات سلطان ولد :
بكذار جهان راكه جهان آن تونيست
وين دم كه همي زنى بفرمان تونيست
كرمال جهان جمع كنى شاد مشو
ورتكيه بجان كنى جان آن تونيست
قال الشيخ سعدي قدس سره :
بر مرد هشيار دنيا خسست
كه هر مدتي جاي ديكر كسست
برفتند هركس درود آنه كشت
نماند بجزنام نيكو وزشت
﴿إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ﴾ أي من خوف عذابه حذرون والخشية خوف يشوبه تعظيم والإشفاق عناية مختلطة بخوف لأن المشفق يحب المشفق عليه ويخاف ما يلحقه وقد سبق تحقيقه في سورة الأنبياء وعن الحسن أن المؤمن جمع إحساناً وخشية والكافر جمع إساءة وأمنا.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٨٦
هركه ترسد مرورا أيمن كنتد
﴿وَالَّذِينَ هُم بآيات رَبِّهِمْ﴾ المنصوبة في الآفاق والمنزلة على الإطلاق.
﴿يُؤْمِنُونَ﴾ يصدقون مدلولها ولا يكذبونها بقول وفعل.
﴿وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ﴾ غيره شركاً جلياً ولا خفياً ولذلك عبر عن الإيمان بالآيات.
قال الجنيد قدس سره من فتش سره فرأى فيه شيئاً أعظم من ربه أو أجل منه فقد أشرك به أو جعل له مثلاً.
وفي "التأويلات النجمية" : ومن أعظم الشرك ملاحظة الخلق في الرد والقبول، وهي الاستبشار بمدحهم والانكسار بذمهم وأيضاً ملاحظة الأسباب فلا ينبغي أن يتوهم أن حصول الشفاء من شرب الدواء والشبع من أكل الطعام فإذا جاء اليقين بحيث ارتفع التوهم أي توهم أن الشيء من الحدثان لا من التقدير فحينئذ يتقي أمن الشرك : قال الجامي قدس سره :
جيب خاص است كه كن كهر اخلاص است
نيست ابن در ثمين در بغل هر دغلي
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٨٦
﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ ءَاتَوا﴾ أي : يعطون ما أعطوه من الزكوات والصدقات وتوسلوا به إلى الله تعالى من الخيرات والمبرات وصيغة المضارع للدلالة على الاستمرار والماضي على التحقق
٩٠
﴿وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ﴾ حال من فاعل يؤتون أي والحال أن قلوبهم خائفة أشد الخوف.
قال الراغب : الوجل استشعار الخوف ﴿أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾ أي : من أن رجوعهم إليه تعالى على أن مناط الوجل أن لا يقبل منهم ذلك وأن لا يقع على الوجه اللائق فيؤاخذوا به حينئذ لا مجرد رجوعهم إليه تعالى والموصولات الأربعة عبارة عن طائفة واحدة متصفة بما ذكر في حيز صلاتها من الأوصاف الأربعة لا عن طوائف كل واحدة منها متصفة بواحد من الأوصاف المذكورة كأنه قيل : إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون وبآيات ربهم يؤمنون إلخ وإنما كرر الموصول إيذاناً باستقلال كل واحدة من تلك الصفات بفضيلة باهرة على حيالها وتتزيلا لاستقلالها منزلة استقلال الموصوف بها.
قال بعض الكبار : وجل العارف من طاعته أكثر من وجله من مخالفته لأن المخالفة تمحى بالتوبة والطاعة تطلب بتصحيحها والإخلاص والصدق فيها فإذا كان فاعل الطاعات خائفاً مضطرباً فكيف لا يخاف غيره قال الشيخ سعدي قدس سره :
دران روزكز فعل رسند وقول
أولو العزم راتن بلرزد زهول
بجايي كه دهشت خورد أنبياء
توعذر كنه راه داري بيا


الصفحة التالية
Icon