لفات النظر له ولا ريب في خروج الكل عن سنن الحكمة والفضل والرحمة فجعل شهادات كل منهما مع الجزم بكذب أحدهما حتما دارئة لما توجه إليه من الغائلة الدنيوية وقد ابتلى الكاذب منها في تضاعيف شهاداته من العذاب بما هو أتم مما درأه عنه واطم وفي ذلك من أحكام الحكم البالغة وآثار التفضل والرحمة ما لا يخفى أما على الصادق فظاهر وأما على الكاذب فهو أمهال له والستر عليه في الدنيا ودرء الحد عنه وتعريضه للتوبة حسبما ينبىء عنه التعرض لعنوان توابيته سبحانه ما أعظم شأنه وأوسع رحمته وأدق حكمته.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٢٠
قال الكاشفي :(واكرنه فضل خداي تعالى بودي برشما ويخشايش أو وآنكه خداي قبول كنندة توبة است حكم كننده در حدود أحكام هر آييته شمارا فضيحت كردى ودروغ كواهي را بعذاب عظيم مبتلاً ساختي وكويند اكرنه فضل خدا بودي بتأخير عقوبت شما هلاك شديد يا كرنه فضل فرمودي بأقامت زواجر ونهي ازفواحش هر آينه نسل منقطع شدي ومردم يك ديكررا هلاك كردندي يا اكرنه خداي تعالى يخشيدي برشما بقبول توبة درتيه نا اميدي سر كردان ميشديد س شما بمدد وتوفيق توبة بسر منزل رجا رسانيد :
كر توبه مددكار نبودي
اوراكه بسر حد كرم راه نمودي
ورتوبه نبودي كه درفيض كشودي
زنك غم از آينة عاصي كه زدودي
قال بعض الكبار : قال الله :﴿وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ﴾ ولم يقل ولولا فضل عبادتكم وصلاتكم وجهادكم وحسن قيامكم بأمر الله ﴿مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا﴾ (النور : ٢١) لنعلم أن العبادات وإن كثرت فإنها من نتائج الفضل.
ورويي بخدمت نهي برزمين
خدارا ثنا كوي وخودرا مبين
اللهم اجعلنا من أهل الفضل والعطاء والمحبة والولاء.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٢٠
﴿إِنَّ الَّذِينَ جَآءُو بِالافْكِ﴾ أي ما بلغ مما يكون من الكذب والافتراء : وبالفارسية (بدرستي آنانكه آورده اند دروغ بررك درشان عائشة) وأصله الإفك وهو القلب، أي : الصرف لأنه مأفوك عن وجهه وسننه والمراد به ما أفك على عائشة رضي الله عنها وذلك أن عائشة كانت تستحق الثناء بما كانت عليه من الأمانة والعفة والشرف فمن رماها بالسوء قلب الأمر من وجهه.
روي : أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه فأيهن خرجت قرعتها استصحبها" والقرعة بالضم طينة أو عجينة مدورة مثلاً يدرج فيها رقعة يكتب فيها السفر والحضر ثم تسلم إلى الصبي يعطي كل امرأة واحدة منهن كذا في القهستاني في القسم فلماكان غزوة بني المصطلق في السنة الخامسة من الهجرة وهي غزوة المريسيع كما في "إنسان العيون" خرج سهمها وبنو المصطلق بطن من خزاعة وهم غزوة بنو خزيمة والمصطلق من الصلق وهو رفع الصوت والمريسيع اسم ماء من مياه خزاعة مأخوذ من قولهم وسعت عين الرجل إذا دمعت من فساد وذلك الماء في ناحية قديد.
قال في "القاموس" : المريسيع بئر أو ماء وإليه تضاف غزوة بني المصطلق انتهى فخرجت عائشة معه عليه السلام وكان بعد نزول آية الحجاب وهو قوله تعالى : يا اأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِىِّ} (الأحزاب : ٥٣) الآية لأنه كان ذلك سنة ثلاث من الهجرة قالت : فحملت في هودج
١٢٢
فسرنا فلما دنونا من المدينة قافلين أي راجعين نزلنا منزلاً ثم نزلت من الرحل فقمت ومشيت لقضاء الحاجة حتى جاوزت الجيش فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي فلمست صدري فإذا عقد لي من جزع ظفار كقطام وهي بلد باليمن قرب صنعاء إليه نسبة الجزع وهو بالفتح وسكون الزاي المعجمة الخرز اليماني فيه سواد وبياض يشبه به الأعين كما في "القاموس" كان يساوي اثني عشر درهماً قد انقطع فرجعت فالتمسته فحبسني ابتغاؤه وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون بي بتخفيف الحاء أي يجعلون هودجها على الرحل وهو أبو مويهة مولى رسول الله وكان رجلاً صالحاً مع جماعة معه فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري وهم يحسبون أني فيه بخفتي وكان النساء إذ ذاك خفافاً لقلة أكلهن أي لأن السمن وكثرة اللحم غالباً تنشأ عن كثرة الأكل كما في "إنسان العيون" فلم يستنكروا خفة الهودج حين رفعوه وذهبوا بالبعير فوجدت عقدي فجئت منازلهم وليس فيها أحد وأقمت بمنزلي الذي كنت فيه وظننت أنهم سيفقدونني فيرجعون في طلبي، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت وكان صفوان بن المعطل السلمي خلف الجيش.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٢٢


الصفحة التالية
Icon