ـ حكي ـ أن امرأة قالت للحَجَّاجِ : أنت القاسط فضربها وقال : إنما أردت القسط بالفتح وأقسط أفعل تفضيل قصد به الزيادة المطلقة والمعنى بالغ في العدل والصدق، وبالفارسية :(راسترست ودادتر).
وفي "كشف الأسرار" : هو أعدل وأصدق من دعائهم إياهم لغير آبائهم ﴿فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا﴾ (س اكر ندانيد ونشناسيد) ﴿ءَابَآءَهُمُ﴾ (دران ايشانرا تانسبت دهيد بآنها).
قال بعضهم متى عرض ما يحيل معنى الشرط جعلت أن بمعنى إذ وإذ يكون للماضي فلا منافاة ههنا بين حرفي الماضي والاستقبال.
قال البيضاوي في قوله تعالى :﴿فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا﴾ (البقرة : ٢٤) إن تفعلوا جزم بلم فإنها لما صيرته أي : المضارع ماضياً صارت كالجزء منه وحرف الشرط كالداخل على المجموع وكأنه قال فإن تركتم الفعل ولذلك ساغ اجتماعهما أي : حرف الشرط ولم ﴿فَإِخوَانُكُمْ فِى الدِّينِ﴾ أي : فهم إخوانكم في الدين يعني من أسلم منهم ﴿وَمَوَالِيكُمْ﴾ وأولياؤكم فيه أي : فادعوهم بالإخوة الدينية والمولوية وقولوا : هذا أخي وهذا مولاي بمعنى الأخوة والولاية في الدين فهو من الموالاة والمحبة.
قال بعضهم :(ايشانرا برادر مى خوانيد واكر شمارا مولاست يعنى آزاد كرده مولى ميخوانيد) ويدل عليه أن أبا حذيفة أعتق عبداً يقال له سالم وتبناه وكانوا يسمونه سالم ابن أبي حذيفة كما سبق فلما نزلت هذه الآية سموه مولى أبي حذيفة ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ﴾ أي : إثم يقال جنحت السفينة أي : مالت إلى أحد جانبيها وسمي الإثم المائل بالإنسان على الحق جناحاً ثم سمي كل إثم جناحاً.
وقال بعضهم : إنه معرب كناه على ما هو عادة العرب في الإبدال ومثله الجوهر معرّب كوهر ﴿فِيمَآ أَخْطَأْتُم بِهِ﴾ بقطع الهمزة لأن همزة باب الأفعال مقطوعة أي : فيما فعلتموه من ذلك مخطئين قبل النهي أو بعده على سبق اللسان أو النسيان.
وقال ابن عطية : لا تتصف التسمية بالخطأ إلا بعد النهي والخطأ العدول عن الجهة.
وفرق بين الخاطىء والمخطيء فإن من يأتي بالخطى وهو يعلم أنه خطأ فهو خاطىء فإذا لم يعلم فهو مخطىء يقال : أخطأ الرجل في كلامه وأمره إذا زل وهفا وخطأ الرجل إذا ضل في دينه وفعله ومنه ﴿لا يَأْكُلُه إِلا الْخَـاطِـاُونَ﴾ (الحاقة : ٣٧)
١٣٧
والمعنى بالفارسية :(دران يزى كه خطا كرديد بآن) ﴿وَلَـاكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ أي : ولكن الجناح فيما قصدت قلوبكم بعد النهي على أن ما محل الجر عطفاً على ما أخطأتم أو ما تعمدت قلوبكم فيه الجناح على أن محل ما الرفع على الابتداء محذوف الخبر وفي الحديث :"من دعي إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام" ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ بليغ المغفرة والرحمة يغفر لخطيئتي ويرحم.
وسمع عمر رضي الله عنه رجلاً يقول : اللهم اغفر خطاياي فقال : يا ابن آدم استغفر الصمد وأما الخطأ نقد تجاوز لك عنه.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١
يقول الفقير : هذا لا يخالف الآية لأن المخطىء إذا قصر ووقع في أسباب أدّته إلى الخطأ كأن مظنة المغفرة ومحل الرحمة ثم المتبني بقوله هو ابني إذا كان مجهول النسب وأصغر سناً من المتبني ثبت نسبه منه وإن كان عبداً له عتق مع ثبوت النسب وإن كان لا يولد لمثله لم يثبت النسب ولكنه يعتق عند أبي حنيفة خلافاً لصاحبيه فإنه لا يعتق عندهما لأن كلامه محال فيلغو وأما معروف النسب فلا يثبت نسبه بالتبني وإن كان عبداً عتق.
واعلم أن من نفى نسب الدعي عنه لا يلزمه شيء إذ هو ليس بابن له حقيقة وأما إذا نفى نسب ولده الثابت ولادته منه فيلزمه اللعان لأنه قذف منكوحته بالزنى وإن كذب نفسه يحد واللعان باب من الفقه فليطلب هناك.
ثم اعلم أن النسب الحقيقي ما ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فإنه النسب الباقي كما قال :"كل حسب ونسب ينقطع إلا حسبي ونسبي" فحسبه الفقر ونسبه النبوة فينبغي أن لا يقطع الرحم عن النبوة بترك سنته وسيرته فإن قطع الرحم الحقيقي فوق قطع الرحم المجازي في الإثم إذ ربما يقطع الرحم المجازي إذا كان الوصل مؤدياً إلى الكفر أو المعصية كما قال تعالى :﴿وَإِن جَـاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِى﴾ (لقمان : ١٥) إلخ.
ون نبود خويش را ديانت وتقوى
قطع رحم بهتر ازمودت قربى
وأما قطع الرحم الحقيقي فلا مساغ له أصلاً والأب الحقيقي هو الذي يقدر على التوليد من رحم القلب بالنشأة الثانية يعني في عالم الملكوت وهم الأنبياء والورثة من كمل الأولياء فاعرف هذا وانتسب نسبة لا تنقطع في الدنيا والآخرة قال عليه السلام :"كل تقي نقي آلى" جعلنا الله وإياكم من هذا الآل.
﴿النَّبِىُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ﴾ يقال : فلان أولى بكذا أي : أحرى وأليق، وبالفارسية :(سراوارتر).
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١