إلى غطفان وهو محركة حي من قيس وحرضوهم أيضاً على الحرب وأعلموهم أن قريشاً قد تابعوهم في ذلك فتجهزت قريش ومن اتبعهم من قبائل شتى وعقد اللواء في دار الندوة وكان مجموع الأحزاب من قريش وغطفان وبني مرة وبني أشجع وبني سليم وبني أسد ويهود قريظة والنضير قدر اثني عشر ألفاً وقائد الكل أبو سفيان ولما تهيأت قريش للخروج أتى ركب من خزاعة في أربع ليال حتى أخبروا رسول الله فجمع عليه السلام الناس وشاورهم في أمر العدو هل يبرزون من المدينة أو يقيمون فيها؟ فقال سلمان الفارسي رضي الله عنه : يا رسول الله إنا كنا إذا تخوفنا الخيل بأرض فارس خندقنا علينا وكان الخندق من مكايد الفرس وأول من فعله من ملوك الفرس ملك كان في زمن موسى عليه السلام فاستحسن عليه السلام رأي سلمان فركب فرساً ومعه المهاجرون والأنصار وهم ثلاثة آلاف وأمر الذراري والنساء فرفعوا في الأطام وسبكوا المدينة بالبنيان من كل ناحية فصارت كالحصن وطلب موضعاً ينزله فجعل سلعاً وهو جبل فوق المدينة خلف ظهره يعني ضرب معسكره بالفارسية :(لشكركاه) في أسفل ذلك الجبل على أن يكون الجبل خلف ظهره والخندق بينه وبين العدو وأمرهم بالجد في عمل الخندق على أن يكون عرضه أربعين ذراعاً وعمقه عشراً ووعدهم النصر إن صبروا فعمل فيه بنفسه مع المسلمين وحمل التراب على ظهره الشريف وكان في زمن عسرة وعام مجاعة في شوال من السنة الخامسة من الهجرة ولما رأى رسول الله ما بأصحابه من التعب قال :
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١
اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة
فارحم الأنصار والمهاجرة (أنس رضي الله عنه كفت مهاجر وأنصار بدست خويش تير ميزدند وكار ميكردندكه مزدوران واكران نداشتند وسرما سخت بود وبخوش دلى آن رنج دشوارى ميكشيدنذ رسول خداكه ايشانرا نان ديد وكفت) :
لا هم إن العيش عيش الآخرة
فأكرم الأنصار والمهاجرة
(ايشان جواب دادند كه) :
نحن الذين بايعوا محمداً
على الجهاد ما بقينا أبداً
وإذ اشتد على الصحابة في حفر الخندق كدية أي : محل صعب شكوا ذلك إلى رسول الله فأخذ المعول وضرب فصار كثيباً مهيلاً قال سلمان وضربت في ناحية من الخندق فغلظت علي وكان رجلاً قوياً يعمل عمل عشرة رجال حتى تنافس فيه المهاجرون والأنصار فقال المهاجرون سلمان منا وقال الأنصار سلمان منا فقال عليه السلام :"سلمان منا أهل البيت" ولذلك يشير بعضهم بقوله :
لقد رقى سلمان بعد رقه
منزلة شامخة البنيان
وكيف لا والمصطفى قد عده
من أهل بيته العظيم الشان
قال سلمان فأخذ عليه السلام المعول من يدي وقال :"بسم الله" وضرب ضربة فكسر ثلث الحجارة وبرق منها برقة فخرج نور من قبل اليمن كالمصباح في جوف الليل المظلم فكبر رسول الله وقال :"أعطيت مفاتيح اليمن والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني الساعة كأنها أنياب
١٤٤