﴿قُلْ مَن ذَا الَّذِى يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُواءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةًا وَلا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا * قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَآاـاِلِينَ لاخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلا قَلِيلا * أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَآءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِى يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِا فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى﴾.
﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ﴾ قد لتأكيد العلم بالتعويق
١٥٤
ومرجع العلم إلى توكيد الوعيد.
والتعويق التثبيط بالفارسية (باز داشتن) يقال عاقه وعوقه إذا صرفه عن الوجه الذي يريده والعائق الصارف عما يراد منه خير ومنه عوائق الدهر والخطاب لمن أظهر الإيمان مطلقاً.
والمعنى قد علم الله المثبطين للناس عن نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلّم الصارفين عن طريق الخير وهم المنافقون أياً من كان منهم ﴿وَالْقَآاـاِلِينَ لاخْوَانِهِمْ﴾ من منافقي المدينة فالمراد الإخوة في الكفر والنفاق ﴿هَلُمَّ إِلَيْنَا﴾ هلم صوت سمي به فعل متعد نحو احضر أو اقرب ويستوي فيه الواحد والجمع على لغة أهل الحجاز وأما بنو تميم فيقولون هلم يا رجل وهلموا يا رجال وكلمة إلى صلة التقريب الذي تضمنه هلم.
والمعنى : قربوا أنفسكم إلينا وهذا يدل على أنهم عند هذا القول خارجون عن العسكر متوجهون نحو المدينة فراراً من العدو ﴿وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ﴾ أي : الحرب والقتال وهو في الأصل الشدة ﴿إِلا﴾ إتياناً ﴿قَلِيلا﴾ فإنهم يعتذرون ويتأخرون ما أمكن لهم أو يخرجون مع المؤمنين يوهمونهم أنهم معهم لا تراهم يبارزون ويقاتلون إلا شيئاً قليلاً إذا اضطروا إليه وهذا على تقدير عدم الفرار.
﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَآاـاِلِينَ لاخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلا قَلِيلا * أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَآءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِى يُغْشَى عَلَيْهِ﴾.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١
﴿أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ﴾ حال من فاعل يأتون جمع شحيح وهو البخيل.
قال الراغب : الشح بخل مع حرص وذلك فيما كان عادة يقال رجل شحيح وقوم أشحة أي : حال كونهم بخلاء عليكم بالمعاونة أو الإنفاق في سبيل الله على فقراء المسلمين (يا نمى خواهدكه ظفر وغنيمت شمارا باشد) ﴿فَإِذَا جَآءَ الْخَوْفُ﴾ خوف العدو ﴿رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ﴾ في تلك الحالة ﴿تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ﴾ في أحداقهم يميناً وشمالاً ﴿كَالَّذِى يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ﴾ أي : دوراناً كائناً كدوران عين المغشي عليه من معالجة سكرات الموت حذراً وخوفاً والتجاء بك يقال غشي على فلان إذا نابه ما غشي فهمه أي : ستره ﴿فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ﴾ وجمعت الغنائم ﴿سَلَقُوكُم﴾ يقال سلقه بالكلام آذاه كما في "القاموس".
قال في "تاج المصادر" :(السلق : بزبان آزردن) ومنه سلقوكم ﴿بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ﴾ أي : جهروا فيكم بالسوء من القول وآذوكم.
والحداد جمع حديد يقال لسان حديد نحو لسان صارم وماض وذلك إذا كان يؤثر تأثير الحديد، يعني :(برنجانند شمارا وسخنهاى سخت كويند بزبانهاى تيزيعنى تيز زبانى كنند) وقالوا وفروا قسمنا فإنا قد ساعدناكم وقاتلنا معكم وبمكاننا غلبتم عدوكم ربنا نصرتم عليه ﴿أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ﴾ نصب على الحال من فاعل سلقوكم، يعني :(درحالتى كه سخت حريصند برغنيمت مشاحنه ومجادله ميكنند دروقت قسمت او بخيلند برمال اين جهان نمى خواهندكه رساند بشما كرم وفضل خدا) فهم عند الغنيمة أشح الناس وأجبنهم عند البأس.
﴿أولئك﴾ الموصوفون بما ذكر من صفات السوء ﴿لَمْ يُؤْمِنُوا﴾ بالإخلاص حيث أبطنوا خلاف ما أظهروا فصار أخبث الكفرة وأبغضهم إلى الله ﴿اللَّهُ أَعْمَـالَهُمْ﴾ أي : أظهر بطلانها إذ لم يثبت لهم أعمال فتبطل لأنهم منافقون وفي هذا دلالة على أن المعتبر عند الله هو العمل المبني على التصديق وإلا فهو كبناء على غير أساس ﴿وَكَانَ ذَالِكَ﴾ الإحباط ﴿عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا﴾ هيناً، بالفارسية :(آسان) لتعلق الإرادة به وعدمها بمنعه عنه.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١
وفي "التأويلات النجمية" : يشير إلى مدعيى الطلب إذا ارتدوا عن الطلب فإنهم لم يؤمنوا إيماناً حقيقياً في صدق الطلب وإلا لم يرتدوا عن الطلب
١٥٥