﴿وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ يعني الأحزاب وهو رجوع إلى حكاية بقية القصة أي : وقع ما وقع من الحوادث ورد الله الذين كفروا حال كونهم ملتبسين ﴿بِغَيْظِهِمْ﴾ وحسرتهم يعني :(خشمناك برفتند) والغيظ أشد الغضب وهو الحرارة التي يجدها الإنسان من ثوران دم قلبه ﴿لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا﴾ حال بعد حال
١٦٠
أي : حال كونهم لم يصيبوا ما أرادوا من الغلبة وسماها خيراً لأن ذلك كان عندهم خيراً فجاء على استعمالهم وزعمهم ﴿وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ﴾ بما ذكر من إرسال الريح الشديدة والملائكة.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١
باد صبا ببست ميان نصرت ترا
ديدى راغ راكه كند باد ياورى
﴿وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا﴾ على إحداث كل ما يريده ﴿عَزِيزًا﴾ غالباً على كل شيء ثم أخبر بالكفاية الأخرى فقال :
﴿وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَـاهَرُوهُم﴾ أي : عاونوا الأحزاب المردودة على رسول الله والمسلمين حين نقضوا العهد ﴿مِّنْ أَهْلِ الْكِتَـابِ﴾ وهم بنو قريظة قوم من اليهود بالمدينة من حلفاء الأوس وسيد الأوس حينئذٍ سعد بن معاذ رضي الله عنه ﴿مِن صَيَاصِيهِمْ﴾ من حصونهم جمع صيصة بالكسر وهي ما يتحصن به ولذلك يقال لقرن الثور والظبي وشوكة الديك وهي في مخلبته التي في ساقه لأنه يتحصن بها ويقاتل ﴿وَقَذَفَ﴾ رمى وألقى ﴿فِى قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ﴾ أي : الخوف والفزع بحيث سلموا أنفسهم للقتل وأهليهم وأولادهم للأسر حسبما ينطق به قوله تعالى :﴿فَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾ يعني : رجالهم ﴿وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا﴾ يعني نساءهم وصبيانهم من غير أن يكون من جهتهم حركة فضلاً عن المخالفة والأسر والشد بالقيد وسمي الأسير بذلك ثم قيل لكل مأخوذ مقيد وإن لم يكن مشدوداً ذلك.
﴿وَأَوْرَثَكُمْ﴾ (وميراث داد شمارا) ﴿أَرْضَهُمْ﴾ مزارعهم وحدائقهم ﴿وَدِيَـارَهُمْ﴾ حصونهم وبيوتهم ﴿وَأَمْوَالَهُم﴾ نقودهم وأثاثهم ومواشيهم شبهت في بقائها على المسلمين بالميراث الباقي على الوارثين إذ ليسوا في الشيء منهم من قرابة ولا دين ولا ولاء فأهلكهم الله على أيديهم وجعل أملاكهم وأموالهم غنائم لهم باقية عليهم كالمال الباقي على الوارث ﴿وَأَرْضًا﴾ (وشمارا داد زمينى راكه) يعني في علمه وتقديره ﴿لَّمْ تَطَـاُوهَا﴾ بأقدامكم بعد كفارس والروم وما ستفتح إلى يوم القيامة من الأراضي والمماليك من وطىء يطأ وطئاً، بالفارسية :(باى سردن).
﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرًا﴾ فقد شاهدتم بعض مقدوراته من إيراث الأرض التي تسلمتموها فقيسوا عليها ما بعدها.
قال الكاشفي :(س قادر باشد برفتح بلاد وتسخير آن براى ملازمان سيد عباد :
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١
لشكر عزم ترا فتح وظفر همراهست
لا جرم هر نفس اقليم دكر مى كيرى)
ـ روي ـ أنه لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلّم من الخندق وكان وقت الظهيرة وصلى الظهر ودخل بيت زينب وقد غسلت شق رأسه الشريف أتى جبريل عليه السلام على فرسه حيزوم معتجراً بعمامة سوداء فقال : أوقد وضعت السلاح يا رسول الله؟ قال : نعم قال جبريل : ما وضعت ملائكة الله السلاح منذ نزل بك العدو إن الله يأمرك بالمسير إلى بني قريظة فإني عامد إليهم بمن معي من الملائكة فأمر عليه السلام بلالاً رضي الله عنه فأذن في الناس من كان سامعاً مطيعاً فلا يصلينّ العصر إلا في بني قريظة وقد لبس عليه السلام الدرع والمغفر وأخذ قناة بيده الشريفة وتقلد السيف وركب فرسه اللحيف بالضم والناس حوله قد لبسوا السلاح وهم ثلاثة
١٦١