آلاف واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم رضي الله عنه ودفع اللواء إلى علي رضي الله عنه وكان اللواء على حاله لم يحل من مرجعه من الخندق وأرسله متقدماً مع بعض الأصحاب ومر عليه السلام بنفر من بني النجار قد لبسوا السلاح فقال : هل مرّ بكم أحد؟ قالوا : نعم دحية الكلبي رضي الله عنه وأمرنا بحمل السلاح وقال لنا رسول الله يطلع عليكم الآن فقال ذلك جبريل فلما دنا علي رضي الله عنه من الحصون وغرز اللواء عند أصل الحصون سمع من بني قريظة مقالة قبيحة في حقه عليه السلام وحق أزواجه فسكت المسلمون وقالوا : السيف بيننا وبينكم فلما رأى علي رضي الله عنه رسول الله مقبلاً أمر قتادة الأنصاري أن يلزم اللواء ورجع إليه عليه السلام فقال : يا رسول الله لا عليك أن لا تدنو من هؤلاء الأخابث قال : لعلك سمعت منهم علي أذى قال : نعم قال : لو رأوني لم يقولوا من ذلك شيئاً فلما دنا من حصونهم قال : يا إخوان القردة والخنازير لأن اليهود مسخ شبانهم قردة وشيوخهم خنازير في زمن داود عليه السلام عند اعتدائهم يوم السبت بصيد السمك أخزاكم الله وأنزل بكم نقمته أتشتمونني فجعلوا يحلفون ويقولون ما قلنا يا أبا القاسم ما كنت فحاشاً، يعني :(توفحاش نبودى وهركز ناسزا نكفتى ونست كه امروزمارا ميكويى) ثم إن جماعة من الصحابة شغلهم ما لم يكن منه بد عن المسير لبني قريظة ليصلوا بها العصر فأخروا صلاة العصر إلى أن جاءوا بعد العشاء الأخيرة فصلوها هناك امتثالاً لقوله عليه السلام :"لا يصلينّ العصر إلا في بني قريظة" وقال بعضهم : نصلي ما يريد رسول الله منا أن ندع الصلاة ونخرجها عن وقتها وإما أراد الحث على الإسراع فصلوها في أماكنهم ثم ساروا فما عابهم الله في كتابه ولا عنفهم رسول الله لقيام عذرهم في التمسك بظاهر الأمر فكل من الفريقين متأول ومأجور بقصده وهو دليل على أن كل مختلفين في الفروع من المجتهدين مصيب.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١
ومن هنا أخذ الصوفية ما ذكروا في آداب الطريقة إن الشيخ المرشد إذا أرسل المريد لحاجة فمر في الطريق بمسجد وقد حضرت الصلاة فإنه يقدم السعي للحاجة اهتماماً لا تهاوناً بالصلاة.
وحاصر رسول الله صلى الله عليه وسلّم بني قريظة خمساً وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار وقذف الله في قلوبهم الخوف الشديد وكان حيى بن أخطب سيد بني النضير دخل مع بني قريظة حصنهم حين رجعت الأحزاب فلما أيقنوا أن رسول الله غير منصرف حتى يقاتلهم قال كبيرهم كعب بن أسد : يا معشر اليهود نتابع هذا الرجل ونصدقه فوالله لقد تبين لكم أنه النبي الذي تجدونه في كتابكم وأن المدينة دار هجرته وما منعني من الدخول معه إلا الحسد للعرب حيث لم يكن من بني إسرائيل ولقد كنت كارهاً لنقض العهد ولم يكن البلاء والشؤم إلا من هذا الجالس يعني حيي بن أخطب فقالوا : لا نفارق حكم التوراة أبداً ولا نستبدل به غيره أي : القرآن فقال : إن أبيتم عليّ هذه الخصلة فهلموا فلنقتل أبناءنا ونساءنا ثم نخرج إلى محمد وأصحابه رجالاً مصلتين السيوف حتى لا نترك وراءنا نسلاً يخشى عليه إن هلكنا فقالوا : نقتل هؤلاء المساكين فما خير العيش بعدهم إن لم نهلك فقال : فإن أبيتم فإن الليلة ليلة السبت وإن محمداً وأصحابه قد آمنوا فيها فانزلوا لعلنا نصيب منهم غفلة فقالوا : نفسد سبتنا ونحدث فيه ما لم يحدث فيه من كان قبلنا
١٦٢


الصفحة التالية
Icon