فقال لهم عمرو بن سعدي فإن أبيتم فأثبتوا على اليهودية وأعطوا الجزية فقالوا : نحن لا نقر للعرب بخراج في رقابنا يأخذونه القتل خير من ذلك ثم قال لهم رسول الله : تنزلون على حكمي فأبوا فقال على حكم سعد بن معاذ سيد الأوس فرضوا به وعاهدوا على أن لا يخرجوا من حكمه فأرسل عليه السلام في طلبه وكان جريحاً في وقعة الخندق فجاء راكب حمار وكان رجلاً جسيماً فقال عليه السلام :"قوموا إلى سيدكم" فقام الأنصار فأنزلوه وبه ثبت الاستقبال للقادم فحكم بقتل مقاتليهم وسبي ذراريهم ونسائهم فكبر النبي عليه السلام وقال :"لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة" أي : السموات السبع والمراد أن شأن هذا الحكم العلو ولرفعة ثم استنزلهم وأمر بأن يجمع ما وجد في حصونهم فوجدوا فيها ألفاً وخمسائة سيف وثلاثمائة درع وألفي رمح وخمسمائة ترس وأثاثاً وأواني كثيرة وجمالاً ومواشي وشياهاً وغيرها وخمس ذلك وجعل عقارهم للمهاجرين دون الأنصار لأنه كان لهم منازل فرضي الكل بما صنع الله ورسوله وأمر بالمتاع أن يحمل وترك المواشي هناك ترعى الشجر ثم غدا إلى المدينة فأمر بالأساري وكانوا ستمائة مقاتل أو أكثر أن يكونوا في دار أسامة بن زيد رضي الله عنه والنساء والذرية وكانت سبعمائة في دار ابنة الحارث النجارية لأن تلك الدار كانت معدودة لنزول الوفود من العرب ثم خرج إلى سوق المدينة فأمر بالخندق فحفروا فيه حفائر فضرب أعناق الرجال وألقوا في تلك الخنادق وردوا عليهم التراب وكان المتولي لقتلهم علياً والزبير ولم يقتل من نسائهم إلا بنانة كانت طرحت رحى على خلاد بن سويد رضي الله عنه تحت الحصن فقتلته ولم يستشهد في هذه الغزوة إلا خلاد قال عليه السلام :"له أجر شهيدين" ثم بعث رسول الله سعد بن زيد الأنصاري بسبايا بني قريظة إلى نجد فابتاع لهم بها خيلاً وسلاحاً قسمها رسول الله على المسلمين ونهى عليه السلام أن يفرق بين أم وولدها حتى يبلغ أي : تحيض الجارية ويحتلم الغلام وقال :"من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة" واصطفى عليه السلام لنفسه منهم ريحانة بنت شمعون وكانت جميلة وأسلمت فأعتقها رسول الله وتزوجها ولم تزل عنده حتى ماتت مرجعه من حجة الوداع سنة عشر فدفنها بالبقيع وكانت هذه الوقعة في آخر ذي القعدة سنة خمس من الهجرة.
وفي الآية إشارة إلى أنه كما أن بني قريظة أعانوا المشركين على المسلمين فهلكوا فكذلك العلماء المداهنون أعانوا النفس والشيطان والدنيا على القلوب وأفتوا بالرخص لأرباب الطلب وفتروهم عن التجريد والمجاهدة وترك الدنيا والعزلة والانقطاع وقالوا : هذه رهبانية وليست من ديننا وتمسكوا بآيات وأخبار لها ظاهر وباطن فأخذوها بظاهرها وضيعوا باطنها فآمنوا ببعض هو على وفق طباعهم وكفروا ببعض هو على خلاف طباعهم أولئك أعوان النفوس والشياطين والدنيا فمن قاربهم هلك كما هلكوا في وادي المساعدات ونعوذ بالله من المخالفات وترك الرياضات والمجاهدات، وفي "المثنوي" :
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١
اندرين ره مى تراش ومى خراش
تادمى آخر دمى فارغ مباش
فإن البطالة لا تثمر إلا الحرمان والجد يفتح أبواب المراد من أي : نوع كان يا اأَيُّهَا النَّبِىُّ} الرفيع الشان المخبر عن الله الرحمن.
قال الكاشفي :(ارباب سير برانندكه سال تاسع ازهجرت
١٦٣
سيد عالم عليه السلام از ازواج طاهرات عزلت نمود وسوكند خوردكه يك ماه با يشان مخالطت نكند وسبب آن بودكه ازان حضرت ثياب زينت وزيادت نفقه ميطلبيدند واورا رنجه داشتند بسبب غيرت نانكه عادت زنان ضرائر بود فخر عالم ملول وغمناك كشته بغرفه درمسجدكه خزانه وى بود تشريف فرمود بعد ازبيست ونه روزكه آن ماه بدان عدد تمام شده بود جبرائيل عليه السلام آيت تخيير فرود آوردكه).
﴿وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَـارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَـاُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرًا * يا اأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لازْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَواةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ﴾.