وفي "التأويلات" ﴿وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ﴾ يخاطب به القلوب أن يقروا في وكناتهم من عالم الملكوت والأرواح متوجهين إلى الحضرة ﴿وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَـاهِلِيَّةِ الاولَى﴾ لا تخرجوا إلى عالم الحواس راغبين في زينة الدنيا وشهواتها كما هو من عادات الجهلة ﴿وَأَقِمْنَ الصَّلَواةَ﴾ بدوام الحضور والمراقبة والعروج إلى الله بالسير فإن الصلاة معراج المؤمن بأن يرفع يديه من الدنيا ويكبر عليها ويقبل على الله بالإعراض عما سواه ويرجع عن مقام التكبر الإنساني إلى خضوع الركوع الحيواني ومنه إلى خشوع السجود النباتي ثم إلى القعود الجمادي فإنه بهذا الطريق أهبط إلى أسفل القالب فيكون رجوعه بهذا الطريق إلى أن يصل إلى مقام الشهود الذي كان فيه في البداية الروحانية ثم يتشهد بالتحية والثناء على الحضرة ثم يسلم عن يمينه على الآخرة وما فيها ويسلم عن شماله على الدنيا وما فيها مستغرق في بحر الألوهية بإقامة الصلاة وإدامتها ﴿وَءَاتِينَ الزَّكَواةَ﴾ فالزكاة هي ما زاد على الوجود الحقيقي من الوجود المجازي فإيتاؤها صرفها وإفناؤها في الوجود الحقيقي بطريق ﴿وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَه ا إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ﴾ وهو لوث الحدوث ﴿أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ بيت الوصول ومجلس الوحدة ويطهركم عن لوث الحدوث بشراب طهور تجلي صفات جماله وجلاله تطهيراً لا يكون بعده تلوث انتهى كما قالوا الفاني لا يرد إلى أوصافه (س اولياء كمل را خوف ظهور طبيعت نيست) :
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١
تابنده زخود فانىء مطلق نشود
توحيد بنزد او محقق نشود
توحيد حلول نيست نابودن تست
ورنه بكذاف آدمى حق نشود
حققنا الله وإياكم بحقائق التوحيد وأيدنا من عنده بأشد التأييد ومحا عنا نقوش وجوداتنا وظهرنا من أدناس أنانياتنا إنه الكريم الجواد الرؤوف بكل عبد من العباد.
﴿وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَـاهِلِيَّةِ الاولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَءَاتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَه ا إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا * وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِى بُيُوتِكُنَّ مِنْ ءَايَـاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِا إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا﴾.
﴿وَاذْكُرْنَ﴾ (وياد كنيد اى زنان يغمبر) أي : للناس بطريق العظة والتذكير
١٧٢
﴿مَا يُتْلَى فِى بُيُوتِكُنَّ مِنْ ءَايَـاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ﴾ أي : من الكتاب الجامع بين كونه آيات الله البينة الدالة على صدق النبوة بنظمه المعجز وكونه حكمة منطوية على فنون العلم والشرائع وقد سبق معنى الحكمة في سورة لقمان.
وحمل قتادة الآيات على آيات القرآن والحكمة على الحديث الذي هو محض حكمة وهذا تذكير بما أنعم عليهن من كونهن أهل بيت النبوة ومهبط الوحي حثا على الانتهاء والائتمار فيما كلفن به والتعرض للتلاوة في البيوت دون النزول فيها مع أنه الأنسب لكونها مهبط الوحي لعمومها جميع الآيات ووقوعها في كل البيوت وتكررها الموجب لتمكنهن من الذكر والتذكير بخلاف النزول وعدم تعيين التالي ليعم تلاوة جبريل وتلاوة النبي وتلاوتهن وتلاوة غيرهن تعلماً وتعليماً.
قال في "الوسيط" : وهذا حث لهن على حفظ القرآن والأخبار ومذاكرتهن بها للإحاطة بحدود الشريعة والخطاب وإن اختص بهن فغيرهن داخل فيه لأن مبني الشريعة على هذين القرآن والسنة وبهما يوقف على حدود الله ومفترضاته انتهى.
ومن سنة القارىء أن يقرأ القرآن كل يوم وليلة كيلا ينساه ولا يخرج عن صدره فإن النسيان وهو أن لا يمكنه القراءة من المصحف من الكبائر.
ومن السنة أن يجعل المؤمن لبيته حظاً من القرآن فيقرأ فيه منه ما تيسر له من حزبه ففي الحديث :"إن في بيوتات المسلمين لمصابيح إلى العرش يعرفها مقربوا ملائكة السموات السبع والأرضين السبع يقولون هذا النور من بيوتات المؤمنين التي يتلى فيها القرآن" ومن السنة أن يستمع القرآن أحياناً من الغير.
وكان عليه السلام يستمع قراءة أبيّ وابن مسعود رضي الله عنهما.
وكان عمر رضي الله عنه يستمع قراءة أبي موسى الأشعري رضي الله عنه وكان حسن الصوت واستماع القرآن في الصلاة فرض وفي خارجها مستحب عند الجمهور فعليك بالتذكير والتحفظ والاستماع.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١
دل ازشنيدن قرآن بكيردت همه وقت
و باطلان زكلام حقت ملولى يست
﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا﴾ بليغ اللطف والبر بخلقه كلهم ﴿خَبِيرًا﴾ بليغ العلم بالأشياء كلها فيعلم ويدبر ما يصلح في الدين ولذلك أمر ونهى أو يعلم من يصلح لنبوته ومن يستأهل أن يكون من أهل بيته.