من أراد فهم المعاني الغامضة في الشريعة فليتعمل في تكثير النوافل في الفرائض وإن أمكنه أن يكثر من نوافل النكاح فهو أولى إذ هو أعظم نوافل الخيرات فائدة لما فيه من الازدواج والإنتاج فيجمع بين المعقول والمحسوس فلا يفوته شيء من العلم بالعالم الصادر عن الاسم الظاهر والباطن فيكون اشتغاله بمثل هذه النافلة أتم وأقرب لتحصيل ما يرونه فإنه إذا فعل ذلك أحبه الحق وإذا أحبه صار من أهل الله كأهل القرآن وإذا صار من أهل القرآن كان محلاً للقائه وعرشاً لاستوائه وسماء لنزوله وكرسياً لأمره ونهيه فيظهر له منه ما لم يره فيه مع كونه كان فيه وقال : كنت من أبغض خلق الله للنساء وللجماع في أول دخولي في الطريق وبقيت على نحو ثماني عشرة سنة حتى خفت على نفسي المقت لمخالفة ما حبب لرسول الله صلى الله عليه وسلّم فلما أفهمني الله معنى حبب علمت أن المراد أن لا يحبهن طبعاً وإنما يحبهن بتحبيب الله فزالت تلك الكراهة عني وأنا الآن من أعظم خلق الله شفقة على النساء لأني في ذلك على بصيرة لا عن حب طبيعي انتهى.
ـ وروي ـ أن جماعة أتوا منزل زكريا عليه السلام فإذا فتاة جميلة قد أشرق لها البيت حسناً قالوا : من أنت؟ قالت : أنا امرأة زكريا فقالوا لزكريا : كنا نرى نبي الله لا يريد الدنيا وقد اتخذت امرأة جميلة فقال : إنما تزوجت امرأة جميلة لأكف بها بصري وأحفظ بها فرجي فالمرأة الصالحة المعينة ليست من الدنيا في الحقيقة، قال الشيخ سعدي قدس سره :
١٨٣
زن خوب وفرمان بروارسا
كند مرد درويش را ادشا
كراخانه آبادوهمخوابه دوست
خدارابرحمت نظر سوى اوست
و مستور باشد زن خوبروى
بديدار او در بهشتست شوى
﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَـالَـاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَه وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلا اللَّهَا وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا * مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مّن رِّجَالِكُمْ وَلَـاكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّـانَ﴾.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١
﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ﴾ ابن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم.
والمختار أنه لا يشترط في الإسلام معرفة أب النبي عليه السلام واسم جده بل يكفي فيه معرفة اسمه الشريف كما في هداية المريدين للمولى أخي لبي يقال فلان محمود إذا حمد ومحمد إذا كثرت خصاله المحمودة كما في "المفردات".
قال الشيخ زكريا في "شرح المقدمة الجزرية" : هو البليغ في كونه محموداً وهو الذي حمدت عقائده وأفعاله وأقواله وأخلاقه سماه به جده عبد المطلب بإلهام من الله في سابع ولادته فقيل له : لِمَ سميت محمداً وليس من أسماء آبائك ولا قومك فقال : رجوت أن يحمد في السماء والأرض وقد حقق الله وجاءه وتفاؤله فكان عليه السلام بخصاله المحبوبة وشمائله المرغوبة محموداً عند الله وعند الملائكة المقربين وعند الأنبياء والمرسلين وعند أهل الأرض أجمعين وإن كفر به بعضهم فإن ما فيه من صفات الكمال محمود عند كل عاقل.
وله ألف اسم كما أنتعالى ألف اسم وجميع أسمائه مشتقة من صفات قامت به توجب له المدح والكمال فله من كل وصف اسم ألا ترى أنه الماحي لأن الله محابه الكفر أي : سورته التي كانت قبل بعثه.
والحاشر لأنه الذي يحشر الناس على قدمه أي : على أثره وبعده.
والعاقب وهو الآتي عقيب الأنبياء.
وأشار بالميم إلى أنه الختام لأن مخرجها ختام المخارج وكذا إلى بعثته عند الأربعين.
قال الإمام النيسابوري كان من الاسم الشريف أربعة أحرف ليوافق اسم الله تعالى كما أن محمد رسول الله اثنا عشر حرفاً مثل لا إله إلا الله وهو من أسرار المناسبة وكذا لفظ أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب لكمال مناسبتهم في أخلاقهم لتلك الحضرة المحمدية ولهذه المناسبة يلتقي نسبهم بنسبه.
فعليّ يلتقي نسبه في الأب الثاني.
وعثمان في الخامس.
وأبو بكر في السابع.
وعمر في التاسع.
ومحمد باعتبار البسط لا بحساب أبجد ثلاثمائة وثلاثة عشر مثل عدد المرسلين فإنك إذا أخذت في بسط الميمين والميم المدغم "م ى م، حا، دال يظهر لك العدد المذكور، قال المولى الجامي :
محمدت ون بلا نهايه زحق
يافت شد نام او ازان مشتق
مى نمايد بشم عقل سليم
حرف حايش عيان ميان دوميم
ون رخ حوركز كناره او
كشته يدا دو كوشواره او
ياد وحلقه ز عنبرين مويش
آشكار از جانب رويش
دال آن كز همه فرودنشت
دل بنازش كرفته برسر دست
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١
وفي الحديث :"من ولد له مولود فسماه محمداً حباً لي وتبركاً باسمي كان هو ومولوده في الجنة" "ومن كان له ذو بطن فأجمع أن يسميه محمداً رزقه الله غلاماً".
ومن كان لا يعيش له ولد فجعلعليه أن يسمي الولد المرزوق محمداً عاش" ومن خصائصه البركة في الطعام الذي عليه مسمى باسم محمد وكذا المشاورة ونحوها وينبغي أن يعظم هذا الاسم وصاحبه.
(در مجمع اللطائف
١٨٤


الصفحة التالية
Icon