ـ حكي ـ أن السلطان محمود الغزنوي دخل على الشيخ أبي الحسن الخرقاني قدس سره وجلس ساعة ثم قال : يا شيخ ما تقول في حق أبي يزيد البسطامي فقال الشيخ هو رجل من رآه اهتدى فقال السلطان وكيف ذلك وأبا جهل رأى رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولم يخلص من الضلالة قال الشيخ في جوابه إنه ما رأى رسول الله وإنما رأى محمد بن عبد الله يتيم أبي طالب حتى لو كان رأى رسول الله لدخل في السعادة أي : لو رآه عليه السلام من حيث أنه رسول معلم هاد لا من حيث أنه بشر يتيم.
والسادس : أنه عليه السلام عرج به من العالم السفلي إلى العالم العلوي ومن الملك إلى الملكوت ومن الملكوت إلى الجبروت والعظموت بجذبة "ادن مني" إلى مقام ﴿قَابَ قَوْسَيْنِ﴾ وقرب.
﴿أَوْ أَدْنَى﴾ إلى أن نوّر سراج قلبه بنور الله بلا واسطة ملك أو نبي ومن هنا قال :"لي مع الله وقت لا يسعني فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل" لأنه كان في مقام الوحدة فلا يصل إليه أحد إلا على قدمي الفناء عن نفسه والبقاء بربه فناء بالكلية وبقاء بالكلية بحيث لا تبقى نار نور الإلهية من حطب وجوده قدر ما يصعد منه دخان نفسي نفسي وما بلغ كمال هذه الرتبة إلا نبينا عليه السلام فإنه من بين سائر الأنبياء يقول أمتي أمتي وحسبك في هذا حديث المعراج حيث أنه عليه السلام وجد في كل سماء نفراً من الأنبياء إلى أن بلغ السماء السابعة ووجد هناك إبراهيم عليه السلام مستنداً إلى سدرة المنتهى فعبر عنه مع جبرائيل إلى أقصى السدرة وبقي جبرائيل في السدرة فأدلي إليه الرفرف فركب عليه فأداه إلى قاب قوسين أو أدنى فهو الذي جعل الله له نوراً فأرسله إلى الخلق وقال :﴿قَدْ جَآءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ﴾ (المائدة : ١٥) فأذن له أن يدعو الخلق إلى الله بطريق متابعته فإنه من يطع الرسول حق إطاعته فقد أطاع الله والذين يبايعونه إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فإنه يده فانية في يد الله باقية بها وكذلك جميع صفاته تفهم إن شاء الله وتنتفع بها ووصفه تعالى بالإنارة حيث قال :﴿مُّنِيرًا﴾ لزيادة نوره وكماله فيه فإن بعض السرج له فتور لا ينير.
قال الكاشفي :﴿مُّنِيرًا﴾ (تأكيداست يعنى توراغى نه ون راغهاى ديكركه آن راغها كاهى مرده باشد وكاهى افروخته وازتو ازاول تا آخر وروشنى راغها ببادى مقهور شود وهي كس نور ترا مغلوب نتواند ساخت) كما قال تعالى :﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِـاُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِه وَلَوْ كَرِهَ الْكَـافِرُونَ﴾ (الصف : ٨)، وفي "المثنوي" :
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١
هركه برشمع خدا آرد فو
شمع كى ميرد بسوزد وز او
كى شود دريا زوز سك نجس
كى شود خورشيد ازف منطمس
(ديكر راغها بشب نور دهند نه بروز وتوشب ظلمت دنيارا بنور دعوت روشن ساخته وروز قيامت را نيز به رتو شفاعت روشن خواهى ساخت) :
شد بدنيا رخش راغ افروز
شب ما كشت ز التفاتش روز
باز فردا راغ افروزد
كه ازان جرم عاصيان سوزد
١٩٨
(دركشف الأسرار فرموده كه حق سبحانه آفتاب را راغ خواندكه ﴿وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا﴾.
ويغمبر مارا نيز راغ كفت.
آن راغ آسمانست.
واين راغ زمين.
آن راغ دنياست.
واين راغ دين.
آن راغ منازل فلكست.
واين راد محافل ملك.
آن راغ آب وكلست.
واين راغ جان ودل بطلوع.
آن راغ ازخواب بيدارشوند.
وبظهور اين راغ از خواب عدم برخاسته بعرصه كاه وجود آمده اند) :
ازظلمات عدم راه كه بروى برد
كرنشدى نورتو شمع روان همه
(وإشارات بهمين معنى فرموده ازاقليم عدم مى آمدى ويش رو آدم راغى بود بردستش همه ازنور تخستينست).
وقال بعضهم : المراد بالسراج الشمس وبالمنير القمر جمع له الوصف بين الشمس والقمر دل على ذلك قوله تعالى :﴿تَبَارَكَ الَّذِى جَعَلَ فِى السَّمَآءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا﴾ (الفرقان : ٦١) وإنما حمل على ذلك لأن نور الشمس والقمر أتم من نور السراج ويقال سماه سراجاً ولم يسمه شمساً ولا قمراً ولا كوكباً لأنه لا يوجد يوم القيامة شمس ولا قمر ولا كوكب ولأن الشمس والقمر لا ينقلان من موضع إلى موضع بخلاف السراج ألا ترى أن الله تعالى نقله عليه السلام من مكة إلى المدينة.
﴿وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِه وَسِرَاجًا مُّنِيرًا * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلا كَبِيرًا * وَلا تُطِعِ الْكَـافِرِينَ وَالْمُنَـافِقِينَ وَدَعْ﴾.
﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ عطف على المقدر أي : فراقب أحوال أمتك وبشر المؤمنين ﴿بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلا كَبِيرًا﴾ أي : على مؤمني سائر الأمم في الرتبة والشرف أو زيادة على أجور أعمالهم بطريق التفضل والإحسان.


الصفحة التالية
Icon