ـ وروي ـ أن الحسنة الواحدة في الأمم السالفة كانت بواحدة وفي هذه الأمة بعشر أمثالها إلى ما لا نهاية له.
وقال بعضهم :﴿فَضْلا كَبِيرًا﴾ يعني :(بخششى بزرك زياده ازمردكار ايشان يعنى دولت لقاكه بزركتر عطايى وشر يفتر جزاييست).
وفي "كشف الأسرار" :(داعي را اجابت وسائر را عطيت ومجتهدرا معونت وشاكررا زيادت ومطيع را مثوبت وعاصى را اقالت ونادم را رحمت ومحب را كرامت ومشتاق را لقاء ورؤيت).
قال ابن عباس رضي الله عنهما : لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله عليه السلام علياً ومعاذاً فبعثهما إلى اليمن وقال :"اذهبا فبشرا ولا تنفرا ويسرا ولا تعسرا فإنه قد نزل عليّ" وقرأ الآية كما في "فتح الرحمن".
ودل الآية والحديث وكذا قوله تعالى :﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (الذاريات : ٥٥) على أنه لا بأس بالجلوس للوعظ إذا أراد به وجه الله تعالى وكان ابن مسعود رضي الله عنه يذكر عشية كل خميس وكان يدعو بدعوات ويتكلم بالخوف والرجاء وكان لا يجعل كله خوفاً ولا كله رجاء ومن لم يذكر لعذر وقدر على الاستخلاف فله ذلك ومنه إرسال الخلفاء إلى أطراف البلاد فإن فيه نفع العباد كما لا يخفى على ذوي الرشاد.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١
﴿وَلا تُطِعِ الْكَـافِرِينَ﴾ من أهل مكة ﴿وَالْمُنَـافِقِينَ﴾ من أهل المدينة ومعناه الدوام أي : دم وأثبت على ما أنت عليه من مخالفتهم وترك إطاعتهم واتباعهم.
وفي "الإرشاد" نهى عن مداراتهم في أمر الدعوة واستعمال لين الجانب في التبليغ والمسامحة في الإنذار كنى عن ذلك بالنهي عن طاعتهم مبالغة في الزجر والتنفير عن النهي عنه بنظمه في سلكها وتصويره بصورتها ﴿وَدَعْ أَذَاـاهُمْ﴾ أي : لا تبال بإيذائهم لك بسبب تصلبك في الدعوة والإنذار.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قسم رسول الله قسمة فقال رجل من الأنصار : إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله فأخبر
١٩٩
بذلك فاحمر وجهه فقال :"رحم الله أخي موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر".
صد هزاران كيميا حق آفريد
كيميايى همو صبر آدم نديد
وفي "التأويلات النجمية" :﴿وَلا تُطِعِ﴾ الخ أي : لا تتخلق بخلق من أخلاقهم ولا توافق من أعرضنا عنه وأغفلنا قلبه عن ذكرنا وأضللناه من أهل الكفر والنفاق وأهل البدع والشقاق وفيه إشارة إلى أرباب الطلب بالصدق أن لا يطيعوا المنكرين الغافلين عن هذا الحديث فيما يدعونهم إلى ما يلائم هوى نفوسهم ويقطعون به الطريق عليهم ويزعمون أنهم ناصحوهم ومشفقون عليهم وهم يحسنون صنعاً ﴿وَدَعْ أَذَاـاهُمْ﴾ بالبحث والمناظرة على إبطالهم فإنهم عن سمع كلمات الحق لمعزولون فتضيع أوقاتك ويزيد إنكارهم.
﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ في كل الأمور خصوصاً في هذا الشأن فإنه تعالى يكفيكهم والعاقبة لك.
﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا﴾ موكولاً إليه الأمور في كل الأحوال فهو فعيل بمعنى المفعول تمييز من فاعل كفى وهو الله إذ الباء صلة والتقدير وكفى الله من جهة الوكالة فإن أهل الدارين لا يكفي كفاية الله فيما يحتاج إليه فمن عرف أنه تعالى هو المتكفل بمصالح عباده والكافي لهم في كل أمر اكتفى به في كل أمره فلم يدبر معه ولم يعتمد إلا عليه.
ـ روي ـ أن الحجاج بن يوسف سمع ملبياً يلبي حول البيت رافعاً صوته بالتلبية وكان إذ ذاك بمكة فقال : عليّ بالرجل فأتى به إليه فقال : ممن الرجل؟ قال : من المسلمين فقال : ليس عن الإسلام سألتك قال : فعمّ سألت؟ قال : سألتك عن البلد قال : من أهل اليمن قال : كيف تركت محمد بن يوسف يعني أخاه قال : تركته عظيماً جسيماً لباساً ركاباً خراجاً ولاجاً قال : ليس عن هذا سألتك قال : فعمّ سألت؟ قال : سألتك عن سيرته قال : تركته ظلوماً غشوماً مطيعاً للمخلوق عاصياً للخالق فقال له الحجاج : ما حملك على هذا الكلام وأنت تعلم مكانه مني؟ قال : أترى مكانه منك أعز مني بمكاني من الله وأنا وافد بيته مصدق نبيه فسكت الحجاج ولم يحسن جواباً وانصرف الرجل من غير إذن فتعلق بأستار الكعبة وقال : اللهم بك أعوذ وبك ألوذ اللهم فرجك القريب ومعروفك القديم وعادتك الحسنة فخلص من يد الحجاج بسبب توكله على الله في قوله الخشن وبعدم إطاعته وانقياده للمخلوق.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١
﴿وَلا تُطِعِ الْكَـافِرِينَ وَالْمُنَـافِقِينَ وَدَعْ أَذَاـاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا * يا اأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَـاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن﴾.