أبي يوسف وقالا : إذا ملك جارية ولو كانت بكراً أو مشرية ممن لا يطأ أصلاً مثل المرأة والصبي والعنين والمجبوب أو شرعاً كالمحرم رضاعاً أو مصاهرة أو نحو ذلك حرم عليه وطؤها ودواعيه كالقبلة والمعانقة والنظر إلى فرجها بشهوة أو غيرها حتى يستبرىء بحيضة أو يطلب براءة رحمها من الحمل كذا في "شرح القهستاني" ﴿فَمَتِّعُوهُنَّ﴾ أي : فأعطوهن المتعة وهي : درع وخمار وملحفة كما سبقت في هذه السورة وهو محمول على إيجاب المتعة إن لم بسم لها مهر عند العقد وعلى استحبابها إن سمي ذلك فإنه إن سمى المهر عنده وطلق قبل الدخول فالواجب نصفه دون المتعة كما قال تعالى :﴿وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ (البقرة : ٢٣٧) أي : فالواجب عليكم نصف ما سميتم لهن من المهر ﴿وَسَرِّحُوهُنَّ﴾ قد سبق معنى التسريح في هذه السورة والمراد هنا اخرجوهن من منازلكم إذ ليس لكم عليهن من عدة ﴿سَرَاحًا جَمِيلا﴾ أي : من غير ضرار ولا منع حق.
وفي "كشف الأسرار" : معنى الجميل أن لا يكون الطلاق جور الغضب أو طاعة لغيره وأن لا يكون ثلاثاً بتاً أو لمنع صداق انتهى.
ولا يجوز تفسير التسريح بالطلاق السني لأنه إنما يتسنى في المدخول بها والضمير لغير المدخول بها.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١
وفي "التأويلات النجمية" : وفي الآية إشارة إلى كرم الأخلاق يعني إذا نكحتم المؤمنات ومالت قلوبهن إليكم ثم آثرتم الفراق قبل الوصال فكسرتم قلوبهن فمالكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن ليكون لهن عليكم تذكرة في أيام الفرقة وأوائلها إلى أن تتوطن نفوسهن على الفرقة وسرحوهن سراحاً جميلاً بأن لا تذكروهن بعد الفراق إلا بخير ولا تستردوا منهن شيئاً تفضلتم به معهن فلا تجمعوا عليها الفراق بالحال والإضرار من جهة المال انتهى.
وينبغي للمؤمن أن لا يؤذي أحداً بغير حق ولو كلباً أو خنزيراً ولا يظلم ولو بشق تمرة ولو وقع شيء من الأذى والجور يجب الاستحلال والإرضاء ورأينا كثيراً من الناس في هذا الزمان يطلقوهن ضراراً ويقعون في الإثم مراراً يخالعون على المال بعد الخصومات كأنهم غافلون عما بعد الممات، قال المولى الجامي :
هزار كونه خصومت كنى بخلق جهان
زيكه درهوس سيم وآرزوى زرى
تراست دوست زروسيم وخصم صاحب اوست
كه كيرى از كفش آنرا بظلم وحيله كرى
نه مقتضاى خرد باشد ونتيجه عقل
كه دوست را بكذارى وخصم را بيرى
يا اأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَـاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا * يا اأَيُّهَا النَّبِىُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ الَّـاتِى ءَاتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّـاتِكَ وَبَنَاتِ}.
﴿النَّبِىُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ﴾ (الإحلال : حلال كردن) وأصل الحل حل العقدة ومنه استعير قولهم حل الشيء حلالاً كما في "المفردات"، والمعنى بالفارسية :(بدرستى كه ما حلال كرده مايم براى تو) ﴿أَزْوَاجَكَ﴾ نساءك يا اأَيُّهَا النَّبِىُّ إِنَّآ} الأجر يقال فيما كان عن عقد وما يجري مجرى العقد وهو ما يعود من ثواب العمل دنيوياً كان أو أخروياً وهو ههنا كناية عن المهر أي : مهورهن لأن المهر أجر على البضع أي : المباشرة وإيتاؤها أما إعطاؤها معجلة أو تسميتها في العقد وأياً ما كان فتقييد الإحلال له عليه السلام بالإيتاء ليس لتوقف الحل عليه ضرورة أنه يصح العقد بلا تسمية ويجب مهر المثل أو المتعة على تقديري الدخول وعدمه بل لإيتاء الأفضل له ﴿وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾ (وحلال ساخته ايم برتو آنه مالك شده است دست راست تو يعنى مملوكات ترا) ﴿مِمَّآ أَفَآءَ اللَّهُ عَلَيْكَ﴾ (الإفاءة : مال كسى
٢٠٢
غنيمت دادن) وقيل للغنيمة التي لا يلحق فيها مشقة فيىء تشبيهاً بالفيىء الذي هو الظل تنبيهاً على أن أشرف أعراض الدنيا يجري مجرى ظل زائل.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١
قال الفقهاء : كل ما يحل أخذه من أموال الكفار فهو فيىء فالفيىء اسم لكل فائدة تفيىء إلى الأمير أي : تعود وترجع من أهل الحرب والشرك فالغنيمة هي ما نيل من أهل الشرك عنوة والحرب قائمة فيىء والجزية فيىء ومال أهل الصلح فيىء والخراج فيىء لأن ذلك كله مما أفاء الله على المسلمين من المشركين وحقيقة ﴿أَفَآءَ اللَّهُ عَلَيْكَ﴾ فيئاً لك أي : غنيمة وتقييد حلال المملوكة بكونها مسبية لاختيار الأولى له عليه السلام فإن المشتراة لا يتحقق بدء أمرها وما جرى عليها هكذا قالوا وهو لا يتناول مثل مارية القبطية ونحوها فإن مارية ليست سبية بل أهداها له عليه السلام سلطان مصر الملقب بالمقوقس.


الصفحة التالية
Icon