وفي الحديث :"من نكح امرأة لمالها وجمالها حرم مالها وجمالها ومن نكحها لدينها رزقه الله مالها وجمالها" ﴿إِلا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾ استثناء من النساء لأنه يتناول الأزواج والإماء، يعنى :(حلال نيست بر تو زنان س ازين نه تن كه دارى مكر آنه مالك آن شود دست تو يعني بتصرف تودرآيد وملك توكردد) فإنه حل له أن يتسرى بهن.
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ملك من هؤلاء التسع مارية القبطية أم سيدنا ابراهيم رضي الله تعالى عنه.
وقال مجاهد : معنى الآية لا يحل لك اليهوديات ولا النصرانيات من بعد المسلمات ولا أن تبدل بالمسلمات غيرهن من اليهود والنصارى يقول لا تكون أم المؤمنين يهودية ولا نصرانية إلا ما ملكت يمينك أحل الله له ما ملكت يمينه من الكتابيات أن يتسرى بهن ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ رَّقِيبًا﴾ يقال رقبته حفظته والرقيب الحافظ وذلك إما لمراعاة رقبة المحفوظ وإما لرفعه رقبته.
والرقيب هو الذي لا يغفل ولا يذهل ولا يجوز عليه ذلك فلا يحتاج إلى مذكر ولا منبه كما في "شرح الأسماء" للزورقي أي : حافظاً مهيمناً فتحفظوا ما أمركم به ولا تتخطوا ما حد لكم.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١
وفي الآية الكريمة أمور :
منها : أن الجمهور على أنها محكمة وأن رسول الله عليه السلام مات على التحريم.
ومنها : أن الله لما وسع عليه الأمر في باب النكاح حظيت نفسه بشرب من مشاربها موجب لانحراف مزاجها كمن أكل طعاماً حلواً حاراً صفراوياً فيحتاج إلى غذاء حامض بارد دافع للصفراء حفظاً للصحة فالله تعالى من كمال عنايته في حق حبيبه غذاه بحامض ﴿لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَآءُ﴾ الآية لاعتدال المزاج القلبي والنفسي فهو من باب تربية نفس النبي صلى الله تعالى عليه وسلم.
ومنها : أنه تعالى لما ضيق الأمر
٢١٠
على الأزواج المطهرة في باب الصبر بما أحل للنبي عليه السلام ووسع أمر النكاح عليه وخيره في الأرجاء والإيواء إليه كان أحمض شيء في مذاقهن وأبرد شيء لمزاج قلوبهن فغذاهن بحلاوة ﴿لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَآءُ﴾ وسكن بها برودة مزاجهن حفظاً لسلامة قلوبهن وجبراً لانكسارها فهو من باب تربية نفوسهن.
ومنها : أن فيها ما يتعلق بمواعظ نفوس رجال الأمة ونسائها ليتعظوا بأحوال النبي عليه السلام وأحوال نسائه ويعتبروا بها ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ﴾ من أحوال النبي عليه السلام وأحوال أزواجه وأحوال أمته ﴿رَقِيبًا﴾ يراقب مصالحهم.
ومنها : أن المراد بهؤلاء التسع عائشة وحفصة وأم حبيبة وسودة وأم سلمة وصفية وميمونة وزينب وجويرية.
أما عائشة رضي الله عنها فهي بنت أبي بكر رضي الله عنه تزوجها عليه السلام بمكة في شوال وهي بنت سبع وبنى بها في شوال على رأس ثمانية أشهر من الهجرة وهي بنت تسع وقبض عليه السلام عنها وهي بنت ثماني عشرة ورأسه في حجرها ودفن في بيتها وماتت وقد فارقت سبعاً وستين سنة في شهر رمضان سنة ثمان وخمسين وصلى عليها أبو هريرة بالبقيع ودفنت به ليلاً وذلك في زمن ولاية مروان بن الحكم على المدينة من خلافة معاوية وكان مروان استخلف على المدينة أبا هريرة رضي الله عنه لما ذهب إلى العمرة في تلك السنة.
وأما حفصة رضي الله عنها فهي بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأمها زينب أخت عثمان بن مظعون أخوه عليه السلام من الرضاعة تزوجها عليه السلام في شعبان على رأس ثلاثين شهراً من الهجرة قبل أحد بشهرين وكانت ولادتها قبل النبوة بخمس سنين وقريش تبني البيت وبلغت ثلاثاً وستين وماتت بالمدينة في شعبان سنة خمس وأربعين وصلى عليها مروان بن الحكم وهو أمير المدينة يومئذٍ وحمل سريها وحمله أيضاً أبو هريرة رضي الله عنه.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١
وأما أم حبيبة رضي الله عنها واسمها رملة فهي بنت أبي سفيان بن حرب رضي الله عنه هاجرت مع زوجها عبيد الله بن جحش إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية وتنصر عبيد الله هناك وثبتت هي على الإسلام وبعث رسول عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي ملك الحبشة فزوجه عليه السلام إياها وأصدقها النجاشي عن رسول الله أربعمائة دينار وجهزها من عنده وأرسلها في سنة سبع.
وأما سودة رضي الله عنها فهي بنت زمعة العامرية وأمها من بني النجار لأنها بنت أخي سلمى بن عبد المطلب.
وأما أم سلمة واسمها هند فهي بنت أبي أمية المخزومية تزوجها عليه السلام ومعها أربع بنات ماتت في ولاية يزيد بن معاوية وكان عمرها أربعاً وثمانين سنة ودفنت بالبقيع وصلى عليها أبو هريرة رضي الله عنه.
وأما صفية رضي الله عنها فهي بنت حيى سيد بني النضير من أولاد هارون عليه السلام قتل حيى مع بني قريظة واصطفاها عليه السلام لنفسه فأعتقها فتزوجها وجعل عتقها صداقها وكانت رأت في المنام أن القمر وقع في حجرها فتزوجها عليه السلام وكان عمرها لم يبلغ سبع عشرة ماتت في رمضان سنة خمس وخمسين ودفنت بالبقيع.


الصفحة التالية
Icon