فيه لنا ولا نعترض كما يقول الإنسان قلت لنفسي كذا فقالت : لا ولم نقف على رواية عن النبي عليه السلام في تشهده الذي كان يقوله في الصلاة هل كان يقول مثلنا السلام عليك أيها النبي أو كان يقول السلام عليّ أو كان لا يقول شيئاً من ذلك ويكتفي بقوله : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
فإن كان يقول مثل ما أمرنا نقول في ذلك وجهان : أحدهما أن يكون المسلم عليه هو الحق وهو مترجم عنه كما جاء في سمع الله لمن حمده.
والوجه الثاني أنه كان يقام في صلاته في مقام الملائكة مثلاً ثم يخاطب نفسه من حيث المقام الذي أقيم فيه أيضاً من كونه نبياً فيقول : السلام عليك أيها النبي فعل الأجنبي فكأنه جرد من نفسه شخصاً آخر انتهى كلام الفتوحات.
قالوا : السلام مخصوص بالحي والنبي عليه السلام ميت.
وأجيب بأن المؤمن لا يموت حقيقة وإن فارق روحه جسده فالنبي عليه السلام مصون بدنه الشريف من التفسخ والانحلال حي بالحياة البرزخية ويدل عليه قوله :"إنملائكة سياحين يبلغونني عن أمتي السلام"، وفي الحديث :"ما من مسلم يسلم عليّ إلا رد الله عليّ روحي حتى أردّ عليه السلام" ويؤخذ من هذا الحديث أنه حي على الدوام في البرزخ الدنيوي لأنه محال عادة أن يخلو الوجود كله من واحد يسلم على النبي في ليل أو نهار.
فقوله رد الله عليّ روحي أي : أبقى الحق فيّ شعور خيالي الحسي في البرزخ وإدراك حواسي من السمع والنطق فلا ينفك الحس والشعور الكلي عن الروح المحمدي وليس له غيبة عن الحواس والأكوان لأنه روح العالم وسره الساري.
قال الإمام السيوطي : وللروح بالبدن اتصال بحيث يسمع ويشعر ويرد السلام فيكون عليه السلام في الرفيق الأعلى وهي متصلة بالبدن بحيث إذا سلم المسلم على صاحبها رد عليه السلام وهي في مكانها هناك وإنما يأتي الغلط هنا من قياس الغائب على الشاهد فيعتقد أن الروح من جنس ما يعهد من الأجسام التي إذا شغلت مكاناً لم يكن أن تكون في غيره وهذا غلط محض وقد رأى النبي موسى عليهما السلام ليلة المعراج قائماً يصلي عليه وهو في الرفيق الأعلى ولا تنافي بين الأمرين فإن شأن الأرواح غير شأن الأبدان ولولا لطافة الروح ونورانيتها ما صح اختراق بعض الأولياء الجدران ولا كان قيام الميت في قبره والتراب عليه أو التابوت فإنه لا يمنعه شيء من ذلك عن قعوده وقد صح أن الإنسان يمكن أن يدخل من الأبواب الثمانية للجنة في آن واحد لغلبة الروحانية مع تعذره في هذه النشأة الدنيوية.
وقد مثل بعضهم بالشمس فإنها في السماء كالأرواح وشعاعها في الأرض وفي الحديث :"ما من عبد يمر بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام" ولعل المراد أن يرد السلام بلسان الحال لا بلسان المقال لأنهم يتأسفون على انقطاع الأعمال عنهم حتى يتحسرون على رد السلام وثوابه.
قال الشيخ المظهر التسليم على الأموات كالتسليم على الأحياء وأما قوله عليه السلام :"عليكم السلام تحية الموتى" أي : بتقديم عليكم فمبني على عادة العرب وعرفهم فإنهم كانوا إذا سلموا على قبر يقدمون لفظ عليكم فتكلم عليه السلام على عادتهم.
وينبغي أن يقول المصلى اللهم صل على محمد وعلى آل محمد بإعادة كلمة على فإن أهل السنة التزموا إدخال على على الآل رداً على الشيعة فإنهم منعوا ذكر على بين النبي وآله وينقلون في ذلك حديثاً وهو "من فصل بيني وبين آلي بعلي لم ينله شفاعتي" قاله القهستاني والعصام وغيرهما.
وقال
٢٢١
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١