﴿وَقَالُوا﴾ أي : الاتباع عطف على يقولون والعدول إلى صيغة الماضي للإشعار بأن قولهم هذا ليس مسبباً لقولهم السابق بل هو ضرب اعتذار أرادوا به ضرباً من التشفي بمضاعفة عذاب الذين ألقوهم في تلك الورطة وإن علموا عدم قبوله في حق خلاصهم منها ﴿رَبَّنَآ﴾ (اى روردكارما) ﴿إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا﴾ يعنون قادتهم ورؤساءهم الذين لقنوهم الكفر والتعبير عنهم بعنوان السيادة والكبر لتقوية الاعتذار وإلا فهم في مقام التحقير والإهانة.
والسادة جمع سيد وجمع الجمع سادات وقد قرىء بها للدلالة على الكثرة.
قال في "الوسيط" وسادة أحسن لأن العرب لا تكاد تقول سادات.
والكبراء جمع كبير وهو مقابل الصغير والمراد الكبير رتبة وحالاً ﴿فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا﴾ أي : صرفونا عن طريق الإسلام والتوحيد بما زينوا لنا الكفر والشرك يقال أضله الطريق وأضله عن الطريق بمعنى واحد أي : أخطأ به عنه، وبالفارسية :(س كم كردند راه مارا يعنى مارا ازراه ببردند وبافسون وافسانه فريب دادند) والألف الزائدة في الرسولا والسبيلا لإطلاق الصوت لأن أواخر آيات السورة الألف والعرب تحفظ هذا في خطبها وإشعارها.
قال في "بحر العلوم" : قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وحفص والكسائي ﴿وَأَطَعْنَا الرَّسُولا * وَقَالُوا رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا﴾ بغير ألف في الوصل.
وحمزة وأبو عمرو ويعقوب في الوقف أيضاً والباقون بالألف في الحالين تشبيهاً للفواصل بالقوافي فإن زيادة الألف لإطلاق الصوت وفائدتها الوقف والدلالة على أن الكلام قد انقطع وأن ما بعده مستأنف وأما حذفها
٢٤٤
فهو القياس أي : في الوصف والوقف.
﴿وَقَالُوا رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا * رَبَّنَآ ءَاتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا * يا اأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ ءَاذَوْا﴾.
﴿رَبَّنَآ﴾ تصدير الدعاء بالنداء المكرر للمبالغة في الجؤار واستدعاء الإجابة ﴿ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ﴾ أي : مثلي العذاب الذي أوتيناه لأنهم ضلوا وأضلوا فضعف لضلالهم في أنفسهم عن طريق الهداية وضعف لإضلالهم غيرهم عنها ﴿وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا﴾ أي : شديداً عظيماً وأصل الكبير والعظيم أن يستعملا في الأعيان ثم استعيرا للمعاني، وبالفارسية :(وبرايشان راندن بزرك كه بآن خواندن نباشد ومقرراست كه هركرا حق تعالى براند ديكرى نواندكه بخواند) :
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١
هركه را قهر تو راند كه تواند خواندن
وانكه لطف توخواند نتوانش راندن
وقرىء كثيراً أي : كثير العدد أي : اللعن على أثر اللعن أي : مرة بعد مرة ويشهد للكثرة قوله تعالى :﴿أولئك عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ (البقرة : ١٦١).
قال في "كشف الأسرار" :(محمد ابن أبي السري مردى بود از جمله نيك مردان روزكار كفتا بخواب نمودند مراكه درمسجد عسقلان كسى قرآن مى خواند باينجا رسيدكه.
﴿وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا﴾ ) من كفتم كثيراً وى كفت كبيراً بازنكرستم رسول خدايرا ديدم درميان مسجد كه قصد مناره داشت فرايش وى رفتم كفتم "السلام عليك يا رسول الله استغفر لي" رسول ازمن بركشت ديكر بار ازسوى راست وى در آمدم كفتم "يا رسول الله استغفر لي" رسول اعراض كرد برابروى بايستادم كفتم يا رسول الله سفيان بن عيينه مرا خبر كرد از محمد بن المنكدر ازجابر بن عبد الله كه هركز ازتو نخواستندكه كفتى "لا" ونست كه سؤال من رد ميكنى ومرادم نميدهى رسول خدا تبسمى كرد آنكه كفت "اللهم اغفر له" س كفتم يا رسول الله ميان من واين مرد خلافست اوميكويد ﴿وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا﴾ ومن ميكويم ﴿كَثِيرًا﴾ رسول همنان برمناره ميشدوميكفت ﴿كَثِيرًا﴾.
ثم أن الله تعالى أخبر بهذه الآية عن صعوبة العقوبة التي علم أنه يعذبهم بها وما يقع لهم من الندامة على ما فرطوا حين لا تنفعهم الندامة ولا يكون سوى الغرامة والملامة :
حسرت ازجان اوبر آرد دود
وان زمان حسرتش ندارد سود
بسكه ريزد زديده اشك ندم
غرق كردد زفرق تابقدم
آب شمش شود دران شيون
آتشش را بخاصيت روغن
كاش اين كريه يش ازين كردى
غم اين كار بيش ازين كردى
اى بمهد بدن و طفل صغير
مانده دردست خواب غفلت اسير
يش ازان كت اجل كند بيدار
كر بمردى زخواب سر بردار
اللهم أيقظنا من الغفلة وادفع عنا الكسل واستخدمنا فيما يرضيك من حسن العمل.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١