﴿يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَـالَكُمْ﴾ يوفقكم للأعمال الصالحة أو يصلحها بالقبول والإثابة عليها ﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ ويجعلها مكفرة باستقامتكم في القول والفعل.
وفيه إشارة إلى أن من وفقه الله لصالح الأعمال فذلك دليل على أنه مغفور له ذنوبه ﴿وَمِنْ﴾ (وهركه)﴿يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ في الأوامر والنواهي التي من جملتها هذه التكليفات والطاعة موافقة الأمر والمعصية مخالفته ﴿فَقَدْ فَازَ﴾ في الدارين والفوز الظفر مع حصول السلامة ﴿فَوْزًا عَظِيمًا﴾ عاش في الدنيا محموداً وفي الآخرة مسعوداً أو نجا من كل ما يخاف ووصل إلى كل ما يرجو.
وفي "التأويلات النجمية" : يشير إلى أن الإيمان لا يكمل إلا بالتقوى وهو التوحيد عقداً وحفظ الحدود جهداً ولا يحصل سداد أعمال التقوى إلا بالقول السديد وهي كلمة لا إله إلا الله فبالمداومة على قول هذه الكلمة بشرائطها يصلح لكم أعمال التقوى فسداد أقوالكم سبب لسداد أعمالكم وبسداد الأقوال وسداد الأعمال يحصل سداد الأحوال وهو قوله :﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ وهو عبارة عن رفع الحجب الظلمانية بنور المغفرة الربانية ومن يطع الله فيما أمره ونهاه ويطع الرسول فيما أرشده إلى صراط مستقيم متابعته فقد فاز فوزاً عظيماً بالخروج عن الحجب الوجودية بالفناء في وجود الهوية والبقاء ببقاء الربوبية انتهى.
وقال بعضهم من يطع الله ورسوله في التزكية ومحو الصفات فقد فاز بالتحلية والاتصاف بالصفات الإلهية وهو الفوز العظيم.
وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه "أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله تعالى وخير الهُدى هُدى محمد" أي : خير الإرشاد إرشاده صلى الله عليه وسلّم
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١
واعلم أن إطاعة الله تعالى في تحصيل مراتب التوحيد من الأفعال والصفات والذات وإطاعة الرسول بالاستمساك بحبل الشريعة فإن النجاة من بحر الجحود وظلمة الشرك أما بنور الكشف أو بسفينة الشريعة أما الأول : فهو أن يعتصم الطالب في طلبه بالله حتى يهتدي إليه بنوره ويؤتيه الله العلم من لدنه وأما الثاني : فهو أن
٢٤٨
يكتفي بالإقرار بالوحدانية والإيمان التقليدي والعمل بظواهر الشرع.
ـ روي ـ أن الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه لما راعى الشريعة بين جماعة كشفوا العورة في الحمام قيل له في المنام إن الله جعلك للناس إماماً برعايتك الشريعة (نقلست كه در بغداد ون معتزله غلبه كردند كفنند ويرا تكليف بايد كردن تاقر آنرا مخلوق كويد س عزم كردند واورا بسراى خليفه بردند سرهنكى بود بردرسراى كفت أي : امام مردانه باش كه وقتى من دزدى كردم وهزار وبم زدند ومن مقر نكشتم تا عاقبت رهابى يافتم من كه درباطل نين صبر كردم توكه برحقى او ليتر باشى بصبر كردن احمد كفت آن سخن او مرا عظيم يارى داد وتأثير كرد س اورا مى بردند واوير وضعيف بود دودستش ازس برون كشيدند وهزار تازيانه بزدندش كه قر آنرا مخلوق كوى نكفت ودران ودران ميان بند ازارش كشاده شد ودستش بسته بود درحال دودست ازغيب بديد آمد وبه بست وآن ازان بودكه بارى تنها درحمام بود خواست كه ازار بكشايد وبشويد آنرا ترك كرد ونكشود كفت اكر خلق حاضر نيست خداى تعالى حاضراست ون اين برهان ديدند بكذاشتند) :
درره حق كشيده اند بلا
اين بلا شد سبب بقرب وولا
صبر وتقوى وطاعت مولى
نزد عارف زهر شرف اولى
﴿يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَـالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَه فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا * إِنَّا عَرَضْنَا الامَانَةَ عَلَى السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ وَالْجِبَالِ فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الانسَـانُا إِنَّه كَانَ ظَلُومًا جَهُولا * لِّيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَـافِقِينَ وَالْمُنَـافِقَـاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَـاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَـاتِا وَكَانَ اللَّهُ﴾.
﴿أَنَا﴾ هذه النون نون العظمة والكبرياء عند العلماء فإن الملوك والعظماء يعبرون عن أنفسهم بصيغة الجمع ونون الأسماء والصفات عند العرفاء فإنها متعددة ومتكثرة ﴿عَرَضْنَا الامَانَةَ عَلَى السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ وَالْجِبَالِ﴾ يقال : عرض لي أمر كذا أي : ظهر وعرضت له الشيء أي : أظهرته له وأبرزته إليه وعرضت الشيء على البيع وعرض الجند إذا أمرّهم عليه ونظر ما حالهم والأمانة ضد الخيانة.
والمراد هنا ما ائتمن عليها وهي على ثلاث مراتب :
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١