وقريب من سنتين ولما فرغ من بناء المسجد سأل الله ثلاثاً : حكماً يوافق حكمه وسأله ملكاً ولا ينبغي لأحد من بعده وسأله أن لا يأتي إلى هذا المسجد أحد لا يريد إلا الصلاة فيه إلا خرج من خطيئته كيوم ولدته أمه قال عليه السلام : نرجو أن يكون قد أعطاه إياه، ولما رفع سليمان يده من البناء جمع الناس فأخبرهم أنه مسجدتعالى وهو أمره ببنائه وأن كل شيء فيهمن انتقص شيئاً منه فقد خان الله تعالى ثم اتخذ طعاماً وجمع الناس جمعاً لم ير مثله ولا طعام أكثر منه وقرب القرابينتعالى واتخذ ذلك اليوم الذي فرغ منه فيه عيداً.
قال سعيد بن المسيب لما فرغ سليمان من بناء بيت المقدس تغلقت أبوابه فعالجها سليمان فلم تنفتح حتى قال في دعائه بصلوات أبي داود وافتتح الأبواب فتفتحت فوزع له سليمان عشرة آلاف من قراء بني إسرائيل خمسة آلاف بالليل وخمسة آلاف بالنهار فلا يأتي ساعة من ليل ولا نهار إلا والله يعبد فيها واستمر بيت المقدس على ما بناه سليمان أربعمائة سنة وثلاثاً وخمسين سنة حتى قصده بخت نصر فخرب المدينة وهدمها ونقض المسجد وأخذ جميع ما كان فيه من الذهب والفضة والجواهر وحمله إلى دار مملكته من أرض العراق واستمر بيت المقدس خراباً سبعين سنة ثم أهلك بخت نصر ببعوضة دخلت دماغه وذلك أنه من كبر الدماغ وانتفاخه فعل ما فعل من التخريب والقتل فجازاه الله تعالى بتسليط أضعف حيوان على دماغه.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٥٨
نه هركز شنيديم در عمر خويش
كه بد مردرانيكى آمد به يش
﴿وَتَمَـاثِيلَ﴾ جمع تمثال بالكسر وهو الصورة على مثال الغير أي : وصور الملائكة والأنبياء على صورة القائمين والراكعين والساجدين على ما اعتادوه فإنها كانت تعمل حينئذٍ في المساجد من زجاج ونحاس ورخام ونحوها ليراها الناس ويعبدوا مثل عباداتهم.
ويقال إن هذه التماثيل رجال من نحاس وسأل ربه أن ينفخ فيها الروح ليقاتلوا في سبيل الله ولا يعمل فيهم السلاح وكان اسفنديار رويين تن منهم كما في "تفسير القرطبي".
ـ وروي ـ أنهم عملوا أسدين في أسفل كرسيه ونسرين فوقه فإذا أراد أن يصعد بسط الأسدان ذراعيهما فارتقى عليهما، يعني :(ون سليمان خواستى كه بتخت برآيد آن دوشير بازوهاى خود برافراختندى تا ى بران نهاده بالارفتى) وإذا قعد أظله النسران بأجنحتهما فلما مات سليمان جاء افريدون ليصعد الكرسي ولم يدر كيف يصعد فلما دنا منه ضربه الأسد على ساقه فكسر ساقه ولم يجسر أحد بعده أن يدنو من ذلك الكرسي.
واعلم أن حرمة التصاوير شرع جديد وكان اتخاذ الصور قبل هذه الأمة مباحاً وإنما حرم على هذه الأمة لأن قوم رسولنا صلى الله عليه وسلّم كانوا يعبدون التماثيل أي : الأصنام فنهى عن الاشتغال بالتصوير وأبغض الأشياء إلى الخواص ما عصى الله به وفي الحديث :"من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها أبداً" وهذا يدل على أن تصوير ذي الروح حرام.
قال الشيخ الأكمل : هل هو كبيرة أو لا؟ فيه كلام فعند من جعل الكبيرة عبارة عما ورد الوعيد عليه من الشرع فهو كبيرة وأما من جعل الكبيرة منحصرة في عدد محصور فهذا ليس من جملته فيكون الحديث محمولاً على المستحل أو على استحقاق العذاب المؤبد وأما تصوير ما لا روح له فرخص فيه وإن كان مكروهاً من حيث أنه اشتغال بما لا يعني.
قال في "نصاب الاحتساب" :
٢٧٤
ويحتسب على من يزخرف البيت بنقش فيه تصاوير لأن الصورة في البيت سبب لامتناع الملائكة عن دخوله قال جبريل عليه السلام :"إنا لا ندخل بيتاً فيه كلب أو صورة" ولو زخرفه بنقش لا صورة فيه ولا بأس به.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٥٨


الصفحة التالية
Icon