جان دهى از بهر حق جانت دهند
هركه كارد كردد انبارش تهى
ليكش اندر مزرعه باشد بهى
وانكه در انبار ماند وصرفه كرد
اشش وموش وحوادثهاش خورد
جمله در بازار زان كشتند بند
تاه سود افتاد مال خود دهند وفي الحديث "يؤجر ابن آدم في نفقته كلها إلا شيئاً وضعه في الماء والطين".
قال حضرة الشيخ صدر الدين القنوي في شرح هذا الحديث : اعلم أن صور الأعمال أعراض جواهرها مقاصد العمال وعلومهم واعتقاداتهم ومتعلقات هممهم وهذا الحديث وإن كان من حيث الصيغة مطلقاً فالأحوال والقرائن تخصصه وذلك أن بناء المساجد والرباطات ومواضع العبادات يؤجر الباني لها عليها بلا خلاف فالمراد بالمذكور هنا إنما هو البناء الذي لم يقصد صاحبه إلا التنزه والانفساح والاستراحة والرياء والسمعة وإذا كان كذلك فمطمح همة الباني ومقصده لا يتجاوز هذا العالم فلا يكون لبنائه ثمرة ونتيجة في الآخرة لأنه لم يقصد بما فعله أمراً وراء هذه الدار فأفعاله أعراض زائلة لا موجب لتعديها من هنا إلى الآخرة فلا أثمار لها فلا أجر انتهى.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٥٨
اعلم أن العلماء تكلموا في الإنفاق والظاهر أنه بحسب طبقات الناس.
فمنهم من ينفق جميع ما ملكه توكلاً على الله تعالى كما فعله الصديق لقوة يقينه.
ومنهم من ينفق بعضه ويمسك بعضه لا للتنعم بل للإنفاق وقت الحاجة.
ومنهم من يقتصر على أداء الواجب.
قال الغزالي رحمه الله : الاكتفاء بمجرد الواجب حد البخلاء فلا بد من زيادة عليه لو شئت يسيراً فبين هذه الطبقات تفاوت في الدرجات وقد أسلفنا الكلام على الإنفاق في أواخر سورة الفرقان فارجع إليه واعتمد عليه جعلنا الله وإياكم من أهل البذل والإحسان بلا إمساك وادّخار وأخلف خيراً مما أنفقنا فإن خزائنه لا تفنى وبحر جوده زخار وهو المعطي المفيض كل ليل ونهار.
﴿قُلْ إِنَّ رَبِّى يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِه وَيَقْدِرُ لَه وَمَآ أَنفَقْتُم مِّن شَىْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُه وَهُوَ خَيْرُ الراَّزِقِينَ * وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ للملائكة أَهَـاؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ * قَالُوا سُبْحَـانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّا أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ﴾.
﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ﴾ أي : واذكر يا محمد لقومك يوم يحشر الله أي : يجمع المستكبرين والمستضعفين وما كانوا يعبدون من دون الله حال كونهم ﴿جَمِيعًا﴾ مجتمعين لا يشذ أحد منهم.
وقال بعضهم : هؤلاء المحشورون بنوا مليح من خزاعة كانوا يعبدون الملائكة ويزعمون أنهم بنات الله
٣٠٢
لذلك سترهم.
فإن قلت : لِمَ لم يقولوا ذلك في حق الجن مع أنهم مستورون أيضاً عن أعين الناس؟ قلت : لأن الملائكة سماوية والجن أرضية وهم اعتقدوا أن الله تعالى في السماء ﴿ثُمَّ يَقُولُ للملائكة﴾ توبيخاً للمشركين العابدين وإقناطاً لهم من شفاعتهم كما زعموا ﴿أَهَـاؤُلاءِ﴾ أي : الكفار وبالفارسية :(آيا اين كروه اندكه) ﴿إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ﴾ في الدنيا وإياكم نصب بيعبدون وتخصيص الملائكة لأنهم أشرف شركائهم بطريق الأولوية.
﴿قَالُوا﴾ متنزهين عن ذلك وهو استئناف بياني ﴿سُبْحَـاـنَكَ﴾ تنزيهاً عن الشرك.
وفي "كشف الأسرار" (اكى ترا است از آنكه غير ترا رستند) ﴿أَنتَ وَلِيُّنَا﴾ الولي خلاف العدو أي : أنت الذي نواليه ﴿مِن دُونِهِمُ﴾ (بجزمشركان يعني ميان ايشان هي دوستى نيست وحاشاكه برستش ايشان رضا داده باشيم) ثم اضربوا عن ذلك ونفوا أنهم عبدوهم حقيقة بقولهم :﴿بَلْ كَانُوا﴾ من جهلهم وغوايتهم ﴿يَعْبُدُونَ الْجِنَّ﴾ أي : الشياطين حيث أطاعوهم في عبادة غير الله وقيل : كانوا يتمثلون لهم ويتخيلون أنهم الملائكة فيعبدونهم وعبر عن الشياطين بالجن لاستتارهم عن الحواس ولذا أطلقه بعضهم على الملائكة أيضاً ﴿أَكْثَرُهُمْ﴾ الأكثر ههنا بمعنى الكل والضمير للمشركين كما هو الظاهر من السوق أي : كل المشركين.
وقال بعضهم : الضمير للإنس والأكثر بمعناه أي : أكثر الإنس ﴿بِهِمُ﴾ أي : الجن وبقولهم الكذب الملائكة بنات الله ﴿مُؤْمِنُونَ﴾ مصدقون ومتابعون ويغترون بما يلقون إليهم من أنهم يشفعون لهم.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٥٨


الصفحة التالية
Icon