جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣١١
وفي "إنسان العيون" : نزل عليه ستة أشهر قبل نبوته فكان عليه السلام يسمع صوته ولا يرى شخصه.
والرسل جمع رسول بمعنى المرسل والمعنى مصير الملائكة وسائط بينه تعالى وبين أنبيائه والصالحين من عباده يبلغون إليهم رسالاته بالوحي والإلهام والرؤيا الصادقة.
قال بعض الكبار : الإلقاء إما صحيح أو فاسد فالصحيح إلهيّ رباني متعلق بالعلوم والمعارف أو ملكي روحاني وهو الباعث على الطاعة وعلى كل ما فيه صلاح ويسمى إلهاماً والفاسد نفساني وهو ما فيه حظ النفس ويسمى هاجساً أو شيطاني وهو ما يدعو إلى معصية ويسمى وسواساً ﴿أُوْلِى أَجْنِحَةٍ﴾ صفة لرسلاً وأولوا بمعنى أصحاب اسم جمع لذو كما أن أولاء اسم جمع لذا وإنما كتبت الواو بعد الألف حالتي الحر والنصب لئلا يلتبس بإلى حرف الجر وإنما كتبوه في الرفع حملاً عليهما.
والأجنحة جمع جناح بالفارسية (روبال) ﴿مَّثْنَى وَثُلَـاثَ وَرُبَـاعَ﴾ صفات لأجنحة فهي في موضع خفض ومعناها اثنين اثنين وثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة أي : ذوي أجنحة متعددة متفاوتة في العدد حسب تفاوت مالهم من المراتب ينزلون بها من السماء إلى الأرض ويعرجون أو يسرعون بها فإن ما بين السماء والأرض وكذا ما بين السموات مسيرة خمسمائة سنة وهم يقطعونها في بعض الأحيان في وقت واحد ففي تعدد الأجنحة إشارة إلى كمالية استعداد بعض الملائكة على بعض والمعنى أن من الملائكة خلقاً لكل منهم جناحان
٣١٢
وخلقاً لكل منهم ثلاثة وخلقاً آخر لكل منهم أربعة.
قال الكاشفي :(مثنى دو دو براى طيران وثلاث سه سه ورباع هار هار براى آرايش) انتهى.
ـ وروي ـ أن صنفاً من الملائكة له ستة أجنحة بجناحين منها يلفون أجسادهم وبآخرين منها يطيرون فيما أمروا به من جهته تعالى وجناحان منها مرخيان على وجوههم حياء من الله تعالى ويفهم من كلام بعضهم أن الطيران بكل الأجنحة كما قال عرف تعالى إلى العباد بأفعاله وندبهم إلى الاعتبار بها فمنها ما يعلمونه معاينة من السماء والأرض وغيرهما ومنها ما سبيل إثباته الخبر والنقل لا يعلم بالضرورة ولا بدليل العقل فالملاكة منه ولا يتحقق كيفية صورتهم وأجنحتهم وأنهم كيف يطيرون بأجنحتهم الثلاثة والأربعة لكن على الجملة يعلم كمال قدرته وصدق حكمته انتهى.
ـ وروي ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه رأى جبريل ليلة المعراج وله ستمائة جناح منها اثنان يبلغان من المشرق إلى المغرب ودل هذا وكذا كل ما فيه زيادة على الأربع أنه تعالى لم يرد خصوصية الأعداد ونفي ما زاد عليها.
وذكر السهيلي أن المراد بالأجنحة في حق الملائكة صفة ملكية وقوة روحانية وليست كأجنحة الطير ولا ينافي ذلك وصف كل جناح منها بأنه يسد ما بين المشرق والمغرب هذا كلامه كما في "إنسان العيون".
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣١١
يقول الفقير : لا يجوز العدول عن الظاهر مع إمكان الحمل على الحقيقة وقد تظاهرت الروايات الدالة على إثبات الأجنحة للملائكة وإن لم تكن كأجنحة الطير من حيث أن الله تعالى باين بين صور المخلوقات والملائكة وإن كانوا روحانيين لكن لهم أجسام لطيفة فلا يمنع أن يكون للأجسام أجنحة جسمانية كما لا يمنع أن يكون للأرواح أجنحة روحانية نورانية كما ثبت لجعفر الطيار رضي الله عنه.
والحاصل أن المناسب لحال العلويين أن يكونوا طائرين كما أن المناسب لحال السفليين أن يكونوا سائرين ومن أمعن النظر في خلق الأرض والجو عرف ذلك ويؤيد ما قلنا أن البراق وإن كان في صورة البغل في الجملة لكنه لما كان علوياً أثبت له الجناح نعم أن الأجنحة من قبيل الإشارة إلى القوة الملكية والإشارة لا تنافي العبارة هذا.
وفي "كشف الأسرار" وردت في عجائب صور الملائكة أخبار يقال : إن حملة العرش لهم قرون وهم في صورة الأوعال يعني :(بزان كوهى) وفي الخبر "إن في السماء ملائكة نصفهم ثلج ونصفهم نار تسبيحهم يا من يؤلف بين الثلج والنار ألف بين قلوب المؤمنين" وقيل لم يجمع الله في الأرض لشيء من خلقه بين الأجنحة والقرون والخراطيم والقوائم إلا وضعف خلقه وهو البعوض وفيه أيضاً (هرندكه فرشتكان مقربان دركاه عزت اند وطاوسان حضرت با اين مرتبت خاكيان مؤمنان برايشان شرف دارند) كما قال عليه السلام :"المؤمن أكرم على الله من الملائكة الذين عنده" فالملائكة وإن طاروا من الأرض إلى السماء في أسرع وقت فأهل الشهود طاروا إلى ما فوق السماء في لمحة بصر فلهم أجنحة من العقول السليمة والألباب الصافية والتوجهات المسرعة والجذبات المعجلة اجتهدوا بقوله عليه السلام :"لي مع الله وقت لا يسعني فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل" :
بربساط بوريا سير دو عالم ميكنيم
باوجود نى سوارى برق جولانيم ما
٣١٣
ون باوج حق ريم عاجز شود ازما ملك
كرد باد لا مكانى طرفه سيرانيم ما


الصفحة التالية
Icon