﴿يَزِيدُ﴾ الله تعالى يعني :(زياده ميكند ومى افزايد) فإن زاد مشترك بين اللازم والمتعدي وليس في اللغة أزاد ﴿فِى الْخَلْقِ﴾ في أي : خلق كان من الملائكة وغيرهم فاللام للجنس والخلق بمعنى المخلوق ﴿مَا يَشَآءُ﴾ كل ما يشاء أن يزيده بموجب مشيئته ومقتضى حكمته من الأمور التي لا يحيط بها الوصف فليس تفاوت أحوال الملائكة في عدد الأجنحة وكذا تفاوت أحوال غيرهم في بعض الأمور تستدعيه ذواتهم بل ذلك من أحكام المشيئة ومقتضيات الحكم وذلك لأن اختلاف الأصناف بالخواص والفصول بالأنواع إن كان لذواتهم المشتركة لزم تنافي لوازم الأمور المتفقة وهو محال.
والآية متناولة لزيادات الصور والمعاني.
فمن الأولى حسن الصورة خصوصاً الوجه قيل ما بعث الله نبياً إلا حسن الشكل وكان نبينا عليه السلام أملح يعني :(بر يوسف عليه السلام مليحتر وشيرين تر بود) فمن قال كان أسود يقتل كما في "هدية المهديين" إلا أن لا يريد التقبيح بل الوصف بالسمرة والأسود العرب كما أن الأحمر العجم كما قال عليه السلام :"بعثت إلى الأسود والأحمر".
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣١١
آن سيه رده كه شيرينىء عالم با اوست†
ومنها ملاحة العينين واعتدال الصورة وسهولة اللسان وطلاقته وقوة البطش والشعر الحسن والصوت الحسن وكان نبينا عليه السلام طيب النغمة وفي الحديث " أشد أذناً للرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب قينة إلى قينته" أي : من استماع مالك جارية مغنية أريد هنا المغنية وفي الحديث "زينوا القرآن بأصواتكم" أي : اظهروا زينته بحسن أصواتكم وإلا فجل كلام الخالق أن يزينه صوت مخلوق ورخص تحصين الصوت والتطريب ما لم يتغير المعنى بزيادة أو نقصان في الحروف.
نانكه ميرود از جاى دل بوقت سماع
هم از سماع بمأواى خود كند رواز
خدايرا حدىء عاشقانه سركن
كه بى حدى نشود قطع راه دور ودراز
ومنها حسن الخط وفي الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم "الخط الحسن يزيد الحق وضحاً" وهو بالفتح الضوء والبياض وفي الحديث "عليكم بحسن الخط فإنه من مفاتيح الرزق".
يقول الفقير : حسن الخط مما يرغب فيه الناس في جميع البلاد فاستكمال صنعة الكتابة من الكمالات البشرية وإن كانت من الزيادات لا من المقاصد وقد يتعيش بعض الفقراء بمنافع قلمه ولا يحتاج إلى الغير فتكون المنةعلى كل حال :
برو بحسن خطت دل فراغ كن يارا
ز تنكدستى مبر شكوه اهل دنيارا
ومن الثانية كمال العقل وجزالة الرأى وجراءة القلب وسماحة النفس وغير ذلك من الزيادات المحمودة (در حقايق سلمى آورده كه تواضع در اشراف وسخا در اغنيا وتعفف درفقرا وصدق در مؤمنان وشوق در محبان.
إمام قشيري فرموده كه علوهمت است همت عالى كسى را دهدكه خود خواهد) فالمراد بعلو الهمة التعلق بالمولى لا بالدنيا والعقبى.
همايى ون تو عالى قدر حرص استخوان حيفست
دريغا سايه همت كه برنا اهل افكندى
٣١٤
ويقال : يزيد في الجمال والكمال والدمامة.
يقول الفقير : هذا المعنى لا يناسب مقام الامتنان كما لا يخفى على أهل الإذعان ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ﴾ بليغ القدرة على كل شيء ممكن وهو تعليل بطريق التحقيق للحكم المذكور فإن شمول قدرته تعالى لجميع الأشياء مما يوجب قدرته على أن يزيد كل ما يشاؤه إيجاباً بيناً فقد أبان سبحانه أن قدرته شاملة لكل شيء ومن الأشياء الإنقاذ من الشهوات والإخراج من الغفلات والإدخال في دائرة العلم والشهود الذي هو من باب الزيادات فمن استعجز القدرة الإلهية فقد كفر ألا ترى إلى حال إبراهيم بن أدهم حيث تجلى الله له بجمال اللطف الصوري أولاً وأعطاه الجاه والسلطنة ثم منّ له باللطف المعنوي ثانياً حيث أنقذه من حبس العلاقات وخلصه من أيدي الكدورات وشرفه بالوصول إلى عالم الإطلاق والدخول في حرم الوفاق.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣١١
ـ حكي ـ أنه كان سبب خروج إبراهيم بن أدهم عن أهله وماله وجاهه ورياسته وكان من أبناء الملوك أنه خرج يوماً يصطاد فأثار ثعلباً ثم أرنباً فبينما هو في طلبه إذ هتف به هاتف ألهذا خلقت أم بهذا أمرت ثم هتف به من قربوس سرجه والله ما لهذا خلقت ولا بهذا أمرت فنزل عن مركوبه وصادف راعياً لأبيه فأخذ جبة الراعي من صوف فلبسها وأعطاه فرسه وما معه ثم دخل البادية وكان من شأنه ما كان.