يشتر زانكه و كردى زمان برخيزم
المقصود طلب الهداية الخاصة إلى الفيض الإلهي الذي يحصل عند الفناء التام.
﴿وَاللَّهُ الَّذِى أَرْسَلَ الرِّيَـاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَـاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الارْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَالِكَ النُّشُورُ * مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّـالِحُ يَرْفَعُه وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌا وَمَكْرُ أولئك هُوَ يَبُورُ * وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلا تَضَعُ﴾.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣١١
﴿مَن كَانَ﴾ (هركه باشد) ﴿يُرِيدُ الْعِزَّةَ﴾ الشرف والمنعة بالفارسية :(ارجمندى).
قال الراغب : العز حالة مانعة للإنسان من أن يغلب من قولهم أرض عزاز أي : صلبة والعزيز الذي يقهر ولا يقهر والعزة يمدح بها تارة كما قال تعالى :﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِه وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (المنافقون : ٨) ويذم بها أخرى كعزة الكافرين وذلك أن العزة التيولرسوله وللمؤمنين هي الدائمة الباقية وهي العزة الحقيقية والعزة التي للكافرين هي التعزز وهو في الحقيقة ذل والمراد بما في الآية المشركون المتعززون بعبادة الأصنام والمنافقون المتعززون بالمشركين ﴿فَلِلَّهِ﴾ وحده لا لغيره ﴿الْعِزَّةَ﴾ حال كونها ﴿جَمِيعًا﴾ أي : عزة الدنيا وعزة الآخرة لا يملك غيره شيئاً منها أي : فليطلبها من عنده تعالى بطاعته وتقواه لا من عند غيره فاستغنى عن ذكره بذكر دليله إيذاناً بأن اختصاص العزة به تعالى موجب لتخصيص طلبها به تعالى ونظيره قولك من أراد العلم فهو عند العلماء أي : فليطلبه من عندهم لأن الشيء لا يطلب إلا عند صاحبه ومالكه فقد أقمت الدليل مقام المدلول وأثبت العزة في آية أخرىولرسوله وللمؤمنين وجه الجمع بينهما أن عز الربوبية والإلهيةتعالى وصفاً وعز الرسول وعز المؤمنين له فعلاً ومنة وفضلاً فإذا العزةجميعاً.
قال الكاشفي :(وبعزة أو رسول ومؤمنان متعززند عزت در موافقت اوست ومذلت در مخالفت او).
٣٢٣
عزيزي كه هركه از درش سر بتافت
بهر دركه شد هي عزت نيافت
وفي الحديث "إن ربكم يقول كل يوم أنا العزيز فمن أراد عز الدارين فليطع العزيز" ثم بين ما يطلب به العزة وهو الإيمان والعمل الصالح فقال :﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ الضمير إلى الله تعالى وهو الظاهر.
والصعود الذهاب في المكان العالي استعير لما يصل من العبد إلى الله كما استعير النزول لما يصل من الله إلى العبد.
والكلم بكسر اللام جنس كنمر كما ذهب إليه الجمهور ولذا وصف بالمذكر لا جمع كلمة كما ذهب إليه البعض وأصل الطيب الذي به يطلب العزة لا إلى الملائكة الموكلين بأعمال العباد فقط وهو يعز صاحبه ويعطي مطلوبه بالذات.
وقال بعضهم : الكلم يتناول الدعاء والاستغفار وقراءة القرآن والذكر من قوله :"سبحان الله والحمدولا إله إلا الله والله أكبر" ونحو ذلك مما كان كلاماً طيباً.
وقيل : إليه يصعد أي : إلى سمائه ومحل قبوله وحيث يكتب الأعمال المقبولة لا إلى الله كما قال :﴿إِنَّ كِتَـابَ الابْرَارِ لَفِى عِلِّيِّينَ﴾ (المطففين : ١٨) وقال الخليل :﴿إِنِّى ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّى سَيَهْدِينِ﴾ (الصافات : ٩٩) أي : ذاهب إلى الشام الذي أمرني بالذهاب إليه.
فالظاهر أن الكتبة يصعدون بصحيفته إلى حيث أمر الله أن توضع أو يصعد هو بنفسه.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣١١
قال بعض الكبار : بعض الأعمال ينتهي إلى سدرة المنتهى وبعضها يتعدى إلى الجنة وبعضها إلى العرش وبعضها يتجاوز العرش إلى عالم المثال وقد يتعدى من عالم المثال إلى اللوح ثم إلى المقام القلمي ثم إلى العماء وذلك بحسب تفاوت مراتب العمال في الصدق والإخلاص وصحة التصوير والشهود والعيان.
فعلى هذا فبعض الأعمال يتجاوز السماء وعالم الأجسام كلها فيكون محل قبوله ما فوقها مما ذكر فسدر الانتهاآت إذاً كثيرة بعضها فوق بعض إلى مرتبة العماء نسأل الله قبول الأعمال وصحت توجه البال وقوة الحال ﴿وَالْعَمَلُ الصَّـالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ الرفع يقال تارة في الأجسام الموضوعة إذا أعليتها عن مقرها وتارة في البناء إذا طولته وتارة في الذكر إذا نوهته وتارة في المنزلة إذا شرفتها كما في "المفردات".
وفي مرجع المستكن في يرفعه وجوه :
الأول : أنه للكلم فإن العمل لا يقبل إلا بالتوحيد ويؤيده القراءة بنصب العمل يعني أن التوحيد يصعد بنفسه ويرفع العمل الصالح بأن يكون سبباً لقبوله ألا ترى أن أعمال الكفار مردودة محبطة لوجود الشرك.