ار تكبيرى كند برذات او ليل ونهار
﴿وَاللَّهُ هُوَ﴾ وحده ﴿الْغَنِىُّ﴾ المستغني على الإطلاق فكل أحد يحتاج إليه لأن أحداً
٣٣٤
لا يقدر أن يصلح أمره إلا بالأعوان لأن الأمير ما لم يكن له خدم وأعوان لا يقدر على الأمارة وكذا التاجر يحتاج إلى المكارين والله الغنيّ عن الأعوان وغيرها.
وفي "الأسئلة المقحمة" معناه الغنيّ عن خلقه فلو لم يخلقهم لجاز ولو أدام حياتهم لابتلاهم كلفهم أو لم يكلفهم فالكل عنده بمثابة واحدة لأنه غني عنهم خلافاً للمعتزلة حيث قالوا : لو لم يكلفهم معرفته وشكره لم يكن حكيماً وهذا غاية الخزي ويفضي إلى القول بأن خلقهم لنفع أو دفع وهو قول المجوس بعينه حيث زعموا وقالوا : خلق الله الملائكة ليدفع بهم عن نفسه أذى الشيطان انتهى ﴿الْحَمِيدُ﴾ المنعم على جميع الموجودات حتى استحق عليهم الحمد على نعمته العامة وفضله الشامل فالله الغنيّ المغني.
قال الكاشفي :(ببايد دانست كه ماهيات ممكنه در وجود محتاجند بفاعل ﴿وَأَنتُمُ الْفُقَرَآءُ﴾ إشارة با آنست وحق سبحانه وتعالى بحسب كمال ذاتي خود ازوجود عالم وعالميان مستغنيست ﴿وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِىُّ﴾ عبارت ازآنست وون ظهور كمال اسمانى موقوفست بروجود اعيان ممكنات س درايجاد آن كه نعمتيست كبرى مستحق حمداست وثنا كلمه ﴿الْحَمِيدُ﴾ بدان ايمايى مينمايد وازين رباعى ى بدين معنى توان برد) :
تاخود كردد بجمله اوصاف عيان
واجب باشدكه ممكن آيد بميان
ورنه بكمال ذاتي از آدميان
فردست وغنى نانكه خود كردبيان
﴿إِن يَشَأْ﴾ أي : الله تعالى ﴿يُذْهِبْكُمْ﴾ عن وجه الأرض ويعدمكم كما قدر على إيجادكم وبقائكم ﴿وَيَأْتِ﴾ (وبيارد) ﴿بِخَلْقٍ﴾ مخلوق ﴿جَدِيدٍ﴾ مكانكم وبدلكم ليسوا على صفتكم بل مستمرون على الطاعة فيكون الخلق الجديد من جنسهم وهو الآدمي أو يأتي بعالم آخر غير ما تعرفونه يعني :(يا كروهى بياردكس نديده ونشنيده بود) فيكون من غير جنسهم وعلى كلا التقديرين فيه إظهار الغضب للناس الناسين وتخويف لهم على سرفهم ومعاصيهم وفيه إيضاً من طريق الإشارة تهديد لمدعي محبته وطلبه أي : إن لم تطلبوه حق الطلب يفنكم ويأت بخلق جديد في المحبة والطلب.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣١١
﴿وَمَا ذَالِكَ﴾ أي : ما ذكر من الإذهاب بهم والإتيان بآخرين ﴿عَلَى اللَّهِ﴾ متعلق بقوله :﴿بِعَزِيزٍ﴾ بمعتذر ولا صعب ومتعسر بل هو هين عليه يسير لشمول قدرته على كل مقدور ولذلك يقدر على الشيء وضده فإذا قال لشيء كن كان من غير توقف ولا امتناع وقد أهلك القرون الماضية واستخلف الآخرين إلى أن جاء نوبة قريش فناداهم بقوله يا أيها الناس وبين أنهم محتاجون إليه احتياجاً كلياً وهو غني عنهم وعن عبادتهم ومع ذلك دعاهم إلى ما فيه سعادتهم وفوزهم وهو الإيمان والطاعة وهم مع احتياجهم لا يجيبونه فاستحقوا الهلاك ولم يبق إلا المشيئة ثم إنه تعالى شاء هلاكهم لإصرارهم فهلك بعضهم في بدر وبعضهم في غيره من المعارك وخلق مكانهم من يطيعونه تعالى فيما أمرهم به ونهاهم عنه ويستحقون بذلك فضله ورحمته واستمر الإفناء والإيجاد إلى يومنا هذا لكن لا على الاستعجال بل على الإمهال فإنه تعالى صبور لا يؤاخذ العصاة على العجلة ويؤخر العقوبة ليرجع التائب ويقلع المصر.
ففي الآية وعظ وزجر لجميع الأصناف من الملوك ومن دونهم فمن أهمل أمر الجهاد لم يجد المهرب من بطش رب العباد ومن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد
٣٣٥
جعل نفسه عرضة للهلاك والخطر وعلى هذا فقس.
فينبغي للعاقل المكلف أن يعبد الله ويخافه ولا يجترىء على ما يخالف رضاه ولا يكون أسوأ من الجمادات مع أن الإنسان أشرف المخلوقات.
قال جعفر الطيار رضي الله عنه : كنت مع النبي عليه السلام وكان حذاءنا جبل فقال عليه السلام :"بلّغ منّي السلام إلى هذا الجبل وقل له يسقيك إن كان فيه ماء" قال : فذهبت إليه وقلت : السلام عليك أيها الجبل فقال الجبل بنطق : لبيك يا رسول رسول الله فعرضت القصة فقال : بلّغ سلامي إلى رسول الله وقل له منذ سمعت قوله تعالى :﴿فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِى وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ (البقرة : ٢٤) بكيت لخوف أن أكون من الحجارة التي هي وقود النار بحيث لم يبق فيّ ماء.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣١١