﴿إِنَّ﴾ ما ﴿أَنتَ إِلا نَذِيرٌ﴾ منذر بالنار والعقاب وأما الإسماع البتة فليس من وظائفك ولا حيلة لك إليه في المطبوع على قلوبهم الذين هم بمنزلة الموتى وقوله :﴿إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ﴾ الخ وقوله :﴿إِنَّكَ لا تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـاكِنَّ اللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَآءُ﴾ (القصص : ٥٦) وقوله :﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الامْرِ شَىْءٌ﴾ (آل عمران : ١٢٨) وغير ذلك لتمييز مقام الألوهية عن مقام النبوة كيلا يشتبها على الأمة فيضلوا عن سبيل الله كما ضل بعض الأمم السالفة فقال بعضهم عزيز ابن الله وقال بعضهم المسيح ابن الله وذلك من كمال رحمته لهذه الأمة وحسن توفيقه.
يقول الفقير أيقظه الله القدير : إن قلت قد ثبت أنه عليه السلام أمر يوم بدر بطرح أجساد الكفار في القليب ثم ناداهم بأسمائهم وقال :"هل وجدتم ما وعد الله ورسوله حقاً فإني وجدت ما وعدني الله حقاً" فقال عمر رضي الله عنه : يا رسول الله كيف تكلم أجساداً لا رواح فيها فقال عليه السلام :"ما أنتم بأسمع لما أقول منهم غير أنهم لا يستطيعون أن يردوا شيئاً" فهذا الخبر يقتضي أن النبي عليه السلام أسمع من في القليب وهم موتى وأيضاً تلقين الميت بعد الدفن للإسماع وإلا فلا
٣٣٩
معنى له.
قلت : أما الأول فيحتمل أن الله تعالى أحيى أهل القليب حينئذٍ حتى سمعوا كلام رسول الله توبيخاً لهم وتصغيراً ونقمة وحسرة وإلا فالميت من حيث هو ميت ليس من شأنه السماع وقوله عليه السلام :"ما أنتم بأسمع" الخ يدل على أن الأرواح أسمع من الأجساد مع الأرواح لزوال حجاب الحس وانخراقه.
وأما الثاني فإنما يسمعه الله أيضاً بعد إحيائه بمعنى أن يتعلق الروح بالجسد تعلقاً شديداً بحيث يكون كما في الدنيا فقد أسمع الرسول عليه السلام وكذا الملقن بإسماع الله تعالى وخلق الحياة وإلا فليس من شأن أحد الإسماع كما أنه ليس من شأن الميت السماع والله أعلم.
قال بعض العارفين :(أي محمد عليه السلام دل در بو جهل ه بندى كه اونه ازان اصلت كه طينت خبيث وى نقش نكين تو ذيرد دل در سلمان بنده يش ازانكه تو قدم درميدان بعثت نهادى ندين سال كرد عالم سر كردان در طلب تو مى كشت ونشان تو ميجست) ولسان الحال يقول :
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣١١
كرفت خواهم من زلف عنبر ينت را
زمشك نقش كنم برك ياسمينت را
بتيغ هندى دست مرا جدا نكند
اكر بكيرم يك ره سر آستينت را
﴿إِنْ أَنتَ إِلا نَذِيرٌ * إِنَّآ أَرْسَلْنَـاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ * وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَـاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَـابِ الْمُنِيرِ * ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ﴾.


الصفحة التالية
Icon