جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣١١
ـ روي ـ عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه سئل يا رسول الله أيّنا أعلم؟ قال :"أخشاكمسبحانه وتعالى إنما يخشى الله من عباده العلماء" قالوا : يا رسول الله فأي الأصحاب أفضل؟ قال :"من إذا ذكرت الله أعانك وإذا نسيت ذكرك" قالوا : فأي الأصحاب شر؟ قال :"الذي إذا ذكرت لم يعنك وإذا نسيت لم يذكرك" قالوا : فأي الناس شر؟ قال :"اللهم اغفر للعلماء العالم إذا فسد فسد الناس" كذا في "تفسير أبي الليث" :
علم جندانكه بيشتر خوانى
ون عمل در تونيست نادانى
نسأل الله سبحانه أن يجعلنا عالمين ومحققين وفي الخوف والخشية صادقين ومحققين.
﴿وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَآبِّ وَالانْعَـامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُه كَذَالِكَا إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَـاؤُا إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ * إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَـابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَـاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَـارَةً لَّن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِه إِنَّه غَفُورٌ شَكُورٌ﴾.
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَـابَ اللَّهِ﴾ أي : يداومون على تلاوة القرآن ويعملون بما فيه إذ لا تنفع التلاوة بدون العمل والتلاوة القراءة أعم متتابعة كالدراسة والأوراد الموظفة والقراءة منها لكن التهجي وتعليم الصبيان لا يعد قراءة ولذا قالوا : لا يكره التهجي للجنب والحائض والنفساء بالقرآن لأنه لا يعد قارئاً وكذا لا يكره لهم التعليم للصبيان وغيرهم حرفاً حرفاً وكلمة كلمة مع القطع بين كل كلمتين ﴿وَأَقَامُوا الصَّلَواةَ﴾ بآدابها وشرائطها وغاير بين المستقبل والماضي لأن أوقات التلاوة أعم بخلاف أوقات الصلاة وكذا أوقات الزكاة المدلول عليها بقوله :﴿وَأَنفَقُوا﴾ في وجوه البر يعني :(ازدست بيرون كنند درويشانرا) ﴿مِمَّا رَزَقْنَـاهُمْ﴾ أعطيناهم يعني :(از آنه روزى داده ايم ايشانرا ﴿سِرًّا وَعَلانِيَةً﴾ ) وهي ضد السر وأكثر ما يقال ذلك في المعاني دون الأعيان يقال أعلنته فعلن أي : في السر والعلانية أو إنفاق سر وعلانية أو ذوي سر وعلانية بمعنى مسرين ومعلنين كيفما اتفق من غير قصد إليهما.
وقال الكاشفي :﴿سِرًّا﴾ (
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣١١
نهان از خوف آنكه براي آميخته هنكردد ﴿وَعَلانِيَةً﴾
٣٤٤
واشكار بطمع آنكه سبب رغبت ديكران كردد بتصدق) فالأولى هي المسنونة والثانية هي المفروضة وفيهما إشارة إلى علم الباطن والظاهر وفيه بعث للمنفق على الصدقة في سبيل الله في عموم الأوقات والأحوال ﴿يَرْجُونَ﴾ خبر إن ﴿تِجَـارَةً﴾ تحصيل ثواب بالطاعة والتاجر الذي يبيع ويشتري وعمله التجارة وهي التصرف في رأس المال طالباً للربح قيل : وليس في كلامهم تاء بعدها جيم غير هذه اللفظة وأما تجاه فأصله وجاه وتجوب فالتاء فيه للمضارعة ﴿لَّن تَبُورَ﴾ البوار فرط الكساد والوصف بائر.
ولما كان فرط الكساد يؤدي إلى الفساد عبر بالبوار عن الهلاك مطلقاً ومن الهلاك المعنوي ما في قولهم خذوا الطريق ولو دارت وتزوجوا البكر ولو بارت واسكنوا المدن ولو جارت.
والمعنى لن تكسد ولن تهلك مطلقاً بالخسران أصلاً وبالفارسية :(فاسد نبود وزيان بدان نرسيد بلكه در دوز قيامت متاع اعمال ايشان رواجي تمام يابد).
قال في "الإرشاد" قوله :﴿لَّن تَبُورَ﴾ صفة للتجارة جيىء بها للدلالة على أنها ليست كسائر التجارات الدائرة بين الربح والخسران لأنه اشتراء باق بفان والإخبار برجائهم من أكرم الأكرمين عدة قطعية بحصول مرجوهم.
﴿لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ﴾ (التوفية : تمام بدادن) والأجر ثواب العمل وهو متعلق بلن تبور على معنى أنه ينتفي عنها الكساد وتنفق عند الله ليوفيهم بحسب أعمالهم وخلوص نياتهم أجور أعمالهم من التلاوة والإقامة والإنفاق فلا وقف على لن تبور ﴿وَيَزِيدَهُم﴾ (وزياده كند بر ثواب ايشانرا) ﴿مِّن فَضْلِهِ﴾ أي : جوده وتفضله وخزائن رحمته ما يشاء مما لم يخطر ببالهم عند العمل ولم يستحقوا له بل هو كرم محض ومن فضله يوم القيامة نصبهم في مقام الشفاعة ليشفعوا فيمن وجبت لهم النار من الأقرباء وغيرهم ﴿إِنَّه غَفُورٌ﴾ تعليل لما قبله من التوفية والزيادة أي : غفور لفرطاتهم.
وفي "بحر العلوم" ستار لكل ما صدر عنهم مما من شأنه أن يستر محاء له عن قلوبهم وعن ديوان الحفظة ﴿شَكُورٌ﴾ لطاعتهم أي : مجازيهم عليها ومثيب.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣١١